لا تلوموا 17 فبراير …

لا تلوموا 17 فبراير …

في 17 فبراير حدثت في ليبيا ثورة شعبية ، الجميع شارك في الثورة والتغيير الذي حدث في ليبيا، كل واحد من موقعه وبالطريقة التي تناسبه، لا نستطيع ولا يحق لنا أو لغيرنا، أن يقلل من أهمية الدور الذي لعبه هذا الشخص او ذاك الفصيل، أو تلكم . ولا احد بمقدوره أن يزايد على الأخرين أو يعطي لنفسه الحق دون غيره بأنه هو الوصي على ما حدث.

شارك في التغيير، الكاتب الذي بشر بالثورة، والخطيب والشيخ الذي علم تلاميذه وارشدهم الى الايات القرانية التي تدعو الناس لرفض الظلم، والطالب الذي تفوق في دراسته من اجل خدمة ليبيا المستقبل، والام التي ربت اولادها على قيم الشرف والطهارة ودفعتهم لخوض معركة الكرامة، والزوجة التي كانت سندا لزوجها في تلك الايام العصيبة قبل الاطاحة بحكم الطاغية، ورجال الامن والجيش الشرفاء الذين انحازوا منذ الايام الاولى للثورة ، والعاطل عن العمل الذي صبر ولم تغره دنانير السلطة للانضمام لكتائب القذافي. والرياضي الذي دافع عن مدينته ولبى النداء، والمداوم على الحضور في ساحة الحرية، يرفع من معنويات الشباب في الجبهات، وكل من ساعد في جهود الاغاثة والتطبيب، وحماية الجبهة الداخلية،وكل شباب الاعلام الذين أوصلوا صوت وصورة الثورة للعالم كافة.

كل هؤلاء شاركوا الملحمة التي شهد لها العالم ضد نظام ديكتاتوري، وجب ازالته.

جميع من كانوا في احتجاجات الحركة الطلابية الليبية ضد نظام القذافي، من سجنوا وعذبوا وهجروا واستشهدوا. وكل من قاموا بمحاولات للانقلاب على حكمه والاطاحة به ، ودفعوا الثمن غاليا سجنا وتعذيبا واعداما. كل من اغترب وهاجر قسرا من وطنه وناضل بقلمه وبغيره، وتعرض للمطاردة والاغتيال. كل من أختار أن يبقى شريفا عفيفا في سنوات الفساد والسرقة، ولم يبع نفسه للنظام.. كل هؤلاء مهدوا للثورة وشاركوا فيها وصنعوها.

فالثورة جاءت نتاجا لعملية تراكم متصل ولنضال وارهاصات بدأت منذ الشهور الاولى لانقلاب سبتمبر 1969.

الشعب الليبي هو من صنع الثورة، ومصلحته هي في بناء دولة الحرية والكرامة والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، وضمان حقوق الإنسان والمساواة في المواطنة، واستقلال القضاء في إطار دولة القانون وتحقيق التنمية المستدامة.

هذه هي الثورة وهذه هي 17 فبراير، التي نعرفها، فبراير التي يؤيدها غالبية الشعب الليبي، والتي ضحى من اجلها الشعب الليبي بكامله، رغم ما لها من أخطاء فادحَة وكارثية ..وندفع ثمنها الان.

لا تلوموا ثورة 17 فبراير، نتاج الربيع العربي. اللوم كله يقع على من خان وسرق 17 فبراير ،من اصحاب الشعارات الثورية، والانتهازيين والمتسلقين،الذين غذوا الحساسيات الجهوية والعرقية من أجل خدمة مصالحهم الخاصة، او من اجل فرض ايديولوجية غريبة عن معتقدات الشعب الليبي..هؤلاء يجب التصدي لهم بكل الوسائل المتاحة من اجل استعادة الثورة التي سرقت.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً