لا خير في نجواك ومبادراتك ودعواتك الانقلابية أيها الداعية

لا خير في نجواك ومبادراتك ودعواتك الانقلابية أيها الداعية

الداعية “على الصلابي” دخل التاريخ بأنه صاحب مبادرة اسقاط أول حكومة ليبية مؤقتة ما بعد القذافي، وأنه من أوائل من أطلقوا شرارة الحرب الليبية الليبية الثانية على شاشة قناة الجزيرة من العاصمة القطرية الدوحة، وكان أحد الرواد الأوئل في تقسيم الليبيين مابين معسكر الاسلاميين ومعسكر العلمانيين. ولم يكن أحد من الليبيين قد عرف هذا التقسيم في المجتمع الليبي المسلم على مرّ التاريخ.

ففي أواخر سبتمبر 2011 كانت الحرب الليبية بكل قسوتها وعنفها الدموي تلفظ أنفاسها الأخيرة، والليبيون حينها سواء من المؤيدين أو المعارضين يعدون الدقائق لإعلان وقف الحرب ووقف نزيف الدم الليبي، وقد كانت نتائجها وأثارها كارثية ومريعة على كل الأطراف.

وبالتأكيد لا مجال للمقارنة بين ساحات وميادين القتال الغارقة بالدماء وأشلاء الجتتث الليبية وفنادق الدوحة الفاخرة والآمنة التي تتفيأ ظلال قاعدة السيلية والتي أطل من شاشة جزيرتها الساحرة أحد مشائخ البلاط الأميري وهو الداعية الليبي “علي الصلابي” ليعلن متحدثاً باسم من يصفهم بـ “الثوار” مطالبته العاجلة والفورية بإسقاط حكومة جبريل الذي وصفه بالعلماني وبأنه سارق ويسعى للإنفراد بالحكم وأنه قد عين عشرات السفراء من قبيلته وذويه. وقد ثبت عدم صحة تلك الادعاءات من بعد.

ليتبدد في ذلك الخطاب الناري للداعية علي الصلابي أي أمل في أن تصل البلاد إلى بر الأمان فقد أدرك الجميع بأن الحرب على اقتسام الغنائم قد بدأت مبكراً جداً وقبل نهاية الحرب الأولى. وبالتأكيد الشعب الليبي لم يكن “محمود جبريل” أو غيره يعني له شيئاً فأغلبية الشعب من الفقراء والبسطاء الذين لاهم لهم سوى أن تستقر البلاد وأن تدور عجلة الحياة الطبيعية الهادئة. ولكن البداية العنيفة والمبكرة جداً للصراع حول عرش القذافي وهو لايزال حينها على قيد الحياة كشفت النقاب عن مستقبل لن يكون أقل عنفاً ودموية في الصراع على السلطة. ولن يكون الحكام الجدد أقل تشبثاً بالسلطة وبالسلاح.

لم يصمد “محمود جبريل” طويلاً أمام الآلة الاعلامية الشرسة للإخوان فقدم استقالته وغادر المشهد السياسي طائعاً… إلا أنه كان يفيض بطموح “ماكبث” نحو السلطة وظل قلبه معلقاً بالعرش ولم تكن استقالته إلا مناورة سياسية ليعود بكل قوة وشراسة لينتزع نصيب الأسد في الانتخابات. ولتعود حرب الغنائم إلى مربعها الأول.

وليبيا وحدها كانت ضحية هذه الحرب ما بين “الجبريليين” و”الاخوان” وهم مثلما قال الكواكبي، يضربون ضرب عشواء كثيران هائجة أو مثل فِيلَة ثائرة في مصنع فخار، تحطم نفسها وأهلها وبلدها قبل أن يستسلموا للزوال. وقبل أن يجرف كثير منهم اعصار العزل الإخواني. ولا خير في هذا أو ذاك. فقد كانت ليبيا واستقرارها من آخر اهتمامتهم.

ومما يحدث هذه الأيام بدا من الواضح أن الداعية “علي الصلابي” أستمرأ الدعوات الانقلابية وقد تماهى مع أخونة البلاد والعباد. فها هو يطل مرة أخرى من الدوحة بمبادرة حل لأزمة وقبل أن تنكشف أسرارها التي فضحتها مبادرته. وقد ظهر على الشاشات ليـبرر حصار الجماعة المسلحة للوزارات السيادية بحجة أن هؤلاء المسلحين هم “ثوار ويقتحمون ويحاصرون الوزارات من أجل حمايتها” وكأن الصلابي وجماعته المسلحة يستخفون بعقول الشعب الليبي.

وقد خرج السيد المرغني وزير العدل الممنوع من دخول وزارته ليكذب هذا الادعاء ويصف الحصار والاعتداء المسلح بالعمل الارهابي وأنه سيظطر لنقل مقر الوزارة إلى أي مدينة أخرى غير العاصمة المحتلة من قبل المليشيات الانقلابية المدعومة سياسياً واعلامياً من قبل الشيخ الصلابي وحزبه. وتتوعده المليشيات بملاحقته أينما ذهب بحجة أن “الثوار” في كل مكان – حسب تعبيرهم المستعار من مقولات القذافي.

ونقول لهذا الداعية الاسلامي بأن اتقي الله وقل قولاً سديداً أيها الداعية … ويكفي ليبيا وشعبها معاناتهم وجراحهم التي لا تلبث أن تشفى حتى تفاجؤونهم بطعنات قاتلة أخرى. وارحموا البلاد والعباد أيها المشائخ والساسة والجموا شهواتكم وأطماعكم وهذا التهافت المحموم على غنائم بلد متخم بالجراح والآلام، واعملوا على اخماد الفتنة لا اشعالها في ديار المسلمين.

اتقي الله يا شيخ أنت ومن تبعك وأدعوا لإصلاح ومعروف وتوقف عن هوس دعواتك الانقلابية واسقاط الحكومات المتعاقبة. فأميرك ماراد لهذا البلد خيرا … والشعب الليبي لا ينقصه مزيد من العذابات. ألا يكفيك وزر المشردون والأرامل والثكالى والقتلى والمهجرون من الاطفال والشيوخ والنساء في انحاء الدنيا يعيشون حياة الذل والتسول والهوان.

عرفناك رجل تدعوا للمصالحة مع نظام القذافي وصاحب “المراجعات” و”التراجعات” الدينية الجريئة. ألا يستحق الشعب الليبي اليوم أن تتراجعوا عن غيكم من أجله. ألا يستحق أن تدعوا للمصالحة ورأب الصدع ورد المظالم ألا يستحق عشرات الآلاف ممن يعانون مرارة التعذيب والتنكيل بسجون مليشياتكم المسلحة أن تتدخل من أجلهم وأن تطلق سراح المظلومين والمقهورين الجدد.

بالفعل … لا خير في كثير من نجواك اليوم وأنت تدعوا لهلاك البلاد واقتسام الوزارات … وندرك بأنك لن تأتي بالأنبياء والملائكة ليكونوا ولاة أمر على البلاد بل طامعون جدد لا يختلفون عمن سبقهم. فامنحوا هذه الحكومة الفرصة فعمرها بضع أشهر ويدرك الليبيون بأن الله وحده من أمره بعد الكاف والنون.

أوقفوا هذا الاقتتال وارحموا هذا البلد المسلم وشعبه ونذكركم بقول الحق عزّ وجل:

(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) صدق الله العظيم

عسى الذكرى تنفع المؤمنين..!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً