ليبيا تعيش أشد عهود الطغيان

ليبيا تعيش أشد عهود الطغيان

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

لا يوجد سعي في ليبيا لدولة مدنية حديثة أو سعي لدولة قانون أو سعي لدولة ديمقراطية وكل المساعي المعلنة هي في الحقيقة مساعي مشبهة للشعب الليبي موهمة للعقول وعلى الشعب الليبي أن ينتبه لذلك، فالعهد الذي يعيشه الشعب الليبي هو عهد من عهود الطغيان المركب الذي تتعدد فيه أنواعا من الطغيان السياسي والطغيان الديني والطغيان الاقتصادي والطغيان الاجتماعي والأمر في ذلك ليس تصويرا إنشائيا بل هي أنواع يعيشها الشعب الليبي واقعيا ولكي تتوضح لنفصلها آتيا:-

أولا : الطغيان السياسي.

كل الأجسام القائمة في ليبيا الآن هي أجسام استبدادية طاغية وأفرادها هم طغاة جدد وذلك من المؤتمر الوطني العام والى مجلس النواب والى لجنة العقد الوطني والى حكوماتهم وهى أجسام لا تعبر بالمطلق عن الإرادة الشعبية أو الإرادة الوطنية وإنما تعبر عن إرادات شخصية وهى أجسام معزولة مغلقة تماما عن اتصالها بالحاجات الملحة للشعب الليبي أو ليبيا وهى أجسام لا عهد لها ولا قانون إلا عهد وقانون المصالح الشخصية لأفرادها، وقد استبد أفرادها بكافة الحقوق المعيشية التي من المفترض أن تكون عامة لكل الشعب الليبي كالوضع المعيشي الكريم واستبدادهم بالخدمات الأمنية والصحية والتعليمية وغيرها وحرمان الشعب الليبي بالمطلق من ذلك وللحفاظ على وضعهم المعيشي الاستبدادي، فقد انتخب المؤتمر الوطني لمهمة محددة ولمدة محددة فتجاوز مدته ومهمته وانتخب مجلس النواب لمهمة محددة ولمدة محددة فتجاوز مهمته ومدته وانتخبت لجنة الدستور لمهمة محددة ولمدة محددة فتجاوزت مهمتها ومدتها وتجاوزت معهم أذيال من الحكومات مهمتها ومدتها، ولن تنتهي مدتهم حتى خمسين سنة قادمة بذات هذه الأجسام أو بأجسام أخرى وبذات الأفراد دون غيرهم.

ثانيا : الطغيان الديني المنحرف.

يتعرض الشعب الليبي إلى طغوا دينية منحرفة ليست من صحيح الإسلام بسطوة جماعات دينية متعددة على الحياة العامة يجاملها ويدعمها الطغاة الجدد الذين تصدروا المشهد السلطوي التشريعي والتنفيذي في ليبيا و من هذه الجماعات هي تنظيم الدولة غير الإسلامية، وهى جماعات تفرض مذهبها فرضا بالسيطرة على المدن كما هو حادث في المنطقة الوسطى من ليبيا فتنظيم الدولة الذي يستعبد أهل هذه المنطقة استعبادا وكما حادث من الجماعات السلفية بسيطرتها على اغلب المساجد في ليبيا وفرض مناهجها واستبعاد المناهج الأخرى المعتدلة.

ثالثا: الطغيان الاقتصادي.

كل ثروة الشعب الليبي هي مخصصة أو منهوبة أو مهدورة ويعرف أنها مخصصة لطبقة الحكام  الذين خصصوها لأنفسهم عبر تشريعات ظالمة من المؤتمر الوطني العام ومن مجلس النواب ومن الحكومات المتعاقبة والعاقبة ويعرف حجم النهب والسرقة والإهدار لأموال الشعب الليبي بما نهبه أو سرقه أو أهدره أعضاء في المجلس الانتقالي و نواب المؤتمر الوطني ومجلس النواب ووزراء في الحكومات ومدراء إدارات ورؤساء عصابات مسلحة، وقد بدأت واضحة فاضحة في شراء قصور وشركات ومزارع وأراضي وفنادق واستثمارات في بلدان العالم وفي أرصدة في بعض المصارف الخارجية هي معلومة العنوان، يقابل ذلك إفقارا ممنهج للشعب الليبي بقطع مرتباته وتسعير مسعور لا يطيقه أبناء الشعب الليبي في أثمان الغذاء والدواء والكساء.

ويقابل ذلك حرق وتدمير وسائل حياة الشعب الليبي حاضرا ومستقبلا  كحرق وتدمير مطار طرابلس وحرق طائراته وحرق خزانات النفط وإقفال الحقول النفطية وتدمير محطات الكهرباء وقطع أشجار الغابات والاستيلاء على أراضيها وغيرها الكثير والمثير.

رابعا: الطغيان الاجتماعي.

من هذا الطغيان هو طغيان منطقة على منطقة معينة وهو طغيان اجتماعي جرى التحريض له من دعاة الحروب بدعاوى سياسية شتى بوضع منطقة ضد فبراير أو وضعها مع سبتمبر وغيرهما من دعاوى الجاهلية المحرضة على الطغيان الاجتماعي الذي يطغى فيه أهل منطقة على أهل منطقة أخرى، ومنه أيضا طغيان عصابات الجريمة المنظمة على مناطق كاملة والتي هي تحت رعاية الطغاة الجدد وتعرف مناطق كاملة في ليبيا بسيطرة عصابات الجريمة عليها، حيث أن هناك مناطق هي معروفة من الجميع تنشط في تهريب الوقود ومناطق تشتهر بالهجرة غير الشرعية ومناطق تشتهر بالتنقيب وسرقة الآثار ومناطق تشتهر بسرقة المعادن الثمينة  ومناطق تشتهر ببيع الخمور والمخدرات والبغاء، ومن الطغيان الاجتماعي هو العزل الاجتماعي بين الأهالي الذي يقطع الصلات الاجتماعية بقطع وسد الطرقات بين المناطق أو تعرض الأهالي إلى التحقير والإهانة في بعض البوابات الرسمية من أفراد مدمنين على المخدرات أو تعرضهم للنهب والسلب من قاطعي الطرق مما يحجم الأهالي عن التنقل لصلاتهم الاجتماعية، ومن الطغيان الاجتماعي خطف الأطفال والفتيات بصورة تعدت الظاهرة لتصبح طغيانا على أطفال وفتيات شعبا كامل ومنه أيضا إباحة القتل و هي إباحة طاغية في العديد من مدن ليبيا وغيرها الكثير من أنواع الطغيان الاجتماعي.

هذا الطغيان المركب هو اشد أنواع الطغيان الذي قد يقع على شعب من الشعوب والذي يحول شعبا من الشعوب إلى عبيد تحت إيهامهم بالسعي إلى الحرية أو السعي لدولة القانون أو السعي إلى الديمقراطية بينما الحقيقة هو سعي للاستعباد، ويعرف عن اغلب طغاة العالم الذين استعبدوا شعوبهم بأنهم يستخدمون منهج لإيهام شعوبهم بالسعي للحرية والديمقراطية  والعدالة الاجتماعية وما ذلك إلا تمديدا لحكمهم الجائر وهذا ما يحدث الآن  في ليبيا.

لم تعرف ليبيا عهدا اشد طغوى كما عرفته في هذا العهد الذي فيه من المظالم الخاصة والعامة مالا يصدق وعلى الشعب الليبي إلا يعيش منتظرا لمساعي هؤلاء منقادا لمساعي واهمة كاذبة مقصدها التمكين لطغوتهم واستبدادهم بكل شيء واستدراج الشعب الليبي لمزيد من العبودية وحشره في أدنى معيشة أرضية ذليلة، وليس أمام الشعب الليبي إلا نسف قواعد الطغيان والعبودية الجديدة المتمثلة في كل الأجسام السياسية القائمة والعصابات المسلحة الحامية لهذه الأجسام بالخروج عليها وقلب عروشها وإعادة صياغة المشهد السياسي من جديد بما يحفظ كرامة الشعب الليبي ويحفظ كرامة ليبيا، وإلا منهم الطغيان وعلينا العبودية ولهم الحياة الكريمة ولنا الحياة الذليلة وأفوض أمرنا إلى الله تعالى.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً