ليبيا… مازال هناك بصيص أمل في نهاية النفق

ليبيا… مازال هناك بصيص أمل في نهاية النفق

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

أصبح جميع الليبيين والليبيات متفائلين بعد أن وصل المتحاورون في الصخيرات الي شبه حل وتم التوقيع عليه بالأحرف الأولي من قبل الأغلبية وعارضه أعضاء المؤتمر الوطني المنتهية صلاحيته. كذلك وقع من ضمن الموقعين رئيس حزب العدالة والبناء وهو يمثل الأخوان المسلمين بليبيا ولكنه وفي نفس الشهر أعلن في نقاش بمصراته أنه استعمل الخدعة فقط لكي يستمر المؤتمر الوطني وتلغي جميع قرارات البرلمان الشرعي. لكن ورغم هذا كله مازال الليبيون والليبيات متفائلين ولديهم أمل بأن الحل يمكن أن يكون قريباً.

هذه الايام تعاني ليبيا من مشكلة انقطاع الكهرباء وفي بعض المدن تصل الي 20 ساعة وخاصة طرابلس وبنغازي. وزراء الكهرباء بالحكومتين لم يأتوا برد أو حل مقنع وكعادتهم ليس لديهم حلول وكل واحد يتهم في مجموعة والحمد لله لم يتهموا الليبيين والليبيات في سبب هذه المشكلة. زفير المولدات الكهربائية وما تسببه من ثلوث وأصوات أصبح لا تعير له الناس اي اهتمام حيث الحرارة قوية في هذه الايام وصيف حار وكل ما يريدونه هو العيش بعيد عن مشاكل وهموم السياسيون واللهثين وراء المناصب. الليبيين راضين بهذا علي أمل آن يكون هناك توافق وحلول مستقبلية بعد الاتفاق. هذه الرسالة لم يعي بها أعضاء المؤتمر المنتهية صلاحيته واستمروا في تعنتهم بعدم الرضوخ والتوقيع على هذه المسودة. الخبز والبنزين أصبح مشكلة وغلاء الاسعار المواد الغذائية وعدم دفع الرواتب والقتل والخطف. كل هذه المعوقات وما يتعرض له المواطن يومياً لن يحبط من عزيمة الليبيين والليبيات بأن الحل في ايدي الليبيين وليس غيرهم.

أصبح المجتمع الدولي منزعج مما يحصل بليبيا ولكن ما يزعجهم هو الهجرة غير الشرعية وداعش ولا أظن أن الليبيين والليبيات مهتمين بهم أكثر ما اهتموا بهم بالسابق. لكن لا بأس آدا تزعجهم داعش فليساعدوا الجيش الوطني للقضاء عليهم وإذا تزعجهم الهجرة غير الشرعية “يجب مساعدة الجيش والشرطة والحكومة الجديدة في بسط الامن والامان في كل ربوع ليبيا. تركيا تقوم بأعمال غير مستحبة وهي تغض النظر عن السلاح المتوجه لمصراته والزنتان ومليشيات أخري وهمها المال فقط ليس الا. كذلك دعمها الا محدود ووقوفها علانية مع جماعات التيارات الاسلامية في ليبيا طمعاً بوصول الاخوان الي الحكم وتحقيق احلام أرد وغان في تحقيق الهلال التركي كما كان بالحكم العثماني الاخير والممتد من تركيا وسوريا وفلسطين ومصر وليبيا وتونس والجزائر. أنه حلم ارد وغان الفاشل والذي يبذل في كل مساعيه من أجل أن يتحقق هذا. تركيا ساهمت في تدمير ليبيا وسوف تكون أول الخاسرين والشعب الليبي ستكون ردة فعله قوية ضدهم يوماً أن شاء الله. هذا ينطبق علي قطر والامارات ومصر وكليهما يعملان في نفس الشيء ويتنافسون مع تركيا علي حساب الشعب الليبي.

كذلك هنالك خطر لا يعيه الليبيين والليبيات وهو بأن ليبيا ستصبح دولة مفلسة ومديونة لعدة قرون للأوروبيين والامريكان وبعض دويلات أخري آدا لم نتوقف عن الحرب ونجلس ونقرر مصير هذا الوطن. هذه الدول لديهم الاموال المجمدة وأرصدة الدولة والاستثمارات الليبية وهم الان يقومون بمراجعة هذه الاستثمارات وكل دولة لديها قوانينها وضرائبها. جميع الحكومات السابقة والتي تولت تسير  أمور ليبيا بعد التحرير وبعد الإطاحة بنظام القذافي وزمرته بليبيا هذه الحكومات شكله لجان لمتابعة أموال ليبيا بالخارج ولكن للأسف هؤلاء وليس جميعهم ليسوا بالمستوي المطلوب وهمهم هو كيف يرجع مليار لكي يحصل على عشرة بالمائة حسب قرار المجلس الانتقالي. هنالك بعض الدول قد بدأت فعلا في تأميم بعض هذه الاستثمارات وخاصة دول أفريقيا مثل رواندا والنيجر والتشاد وزامبيا وجنوب أفريقيا. دول أخري تهدد مثل مصر والجزائر والسودان وأخري تعمل في الخفاء مثل الدول الاوربية. من كان يطالب بمليون في2011, اليوم يطالب بعشرات الملايين وهي ضرائب وفوائد وايجارات متراكمه لم تقم أي من الحكومات بتسديدها أو العمل على ايجاد حلول.  هناك من يسعون للعمل من أجل حصر هذه الاموال وجلبها الي ليبيا وهم قلة ولكن هنالك الكثيرون من يريدون أخد نصيبهم من هذه الاموال ولو اضطروا لبيع هذه الاستثمارات ولو بثمن بخس حتى يكسبوا العشرة بالمائة تحت اي مسميات.

الأن وصل الحوار الي شبه طريق مسدود وهنالك محاولة أخيرة بجنيف في بداية الاسبوع القادم وأصبح الجميع يتعذر بعدة اشياء والمجتمع الدولي يحضر في نفسه لا يجاد خطة “ب ” حتى يحقق ما يريده وهو ايقاف الهجرة غير الشرعية والقضاء على داعش بليبيا. باقي المشاكل بليبيا لن تحل بين ليلة وضحها ولا تهمهم كثيراً وعلى الليبيين والليبيات أن يجلسوا مع بعض ويصلوا الي حلول ترضي المجتمع الدولي وتساعد على القضاء على الهجرة غير شرعية والاسلام المتطرف في منطقة حوض البحر المتوسط. هذا ما يجب أن يعيه المتحاورون في جنيف وأن يصلوا الي حلول لأنقاد ما تبقي من ليبيا وإيقاف نزيف الحرب ونهب خيارات ليبيا وعدم بيعها للغرب ودويلات الشرق الأوسط.

الحلول تكمن في الآتي:

  1. الخروج باتفاق يرضي جميع الأطراف لأجل الوطن والمواطن الليبي
  2. الأسراع بانتخاب أو الاتفاق على حكومة موحدة بعيد عن المحاصصة واختيار رئيس وزراء يملك من الجرأة والحكمة والقيادة والوطنية ما يمكنه من البداء في وضع خطة كاملة لأمن واستقرار ليبيا
  3. ألغاء قانون المجلس الانتقالي الخاص بمنح 10% لكل من يقوم باسترجاع أموال ليبية منهوبة
  4. البداء في دفع أي ديون مفروضة على أي استثمارات ليبية بالخارج لتجنب التأميم
  5. على المجتمع الدولي مساعدة الجميع والوقوف على مسافات واحدة من الجميع وعدم التحيز لمجموعة على حساب الأخرى
  6. ارغام الدول على عدم السماح بمرور واستيراد السلاح والذخيرة
  7. منع غسيل الأموال الليبية على أراضيهم وهذه الدول هي تركيا والأردن وتونس والمغرب ومالطا
  8. مساعدة الليبيين والليبيات المهجرين داخل وخارج ليبيا بالرجوع الي مساكنهم تحت الحماية الدولية ومعاقبة المدن المارقة والجماعات المسلحة، أذا حاولت منع هؤلاء من الرجوع
  9. وضع جميع الموارد المالية لليبيا تحت مراقبة دولية لمنع الفساد المالي

مازال هنالك أمل بسيط لأنقاد ليبيا من الهلاك الشامل واخراجها من دولة فاشلة الي دولة تستعيد أنفاسها. هذا لن يكون الا بالوقوف يد واحدة لكل الليبيين والليبيات وخاصة الوقوف ضد الجماعات المسلحة والتي تتخذ الدين دريعة لا ارهابهم. ويجب على كل ليبي وليبية دعم مخرجات الحوار وزيد من التنازلات من أجل الوطن في هذه الظروف الحرجة والتي تمر بها ليبيا والمواطن الليبي. الوطن يضيع والجميع يتفرج وكأن شيء لم يحدث نتيجة الخوف من المليشيات أو السلبية واللامبالاة. فعلا الوطن باقي والأوباش سيزولون ولكن الوطن يريد حماية ممن هم مستفيدين منه. لنضع المثالية جانباً ولنضع الجهوية والقبلية بعيداً ونبعد الحقد والكراهية والبغض لبعضنا البعض ونستبدله بالعمل مع بعض لأجل الوطن ليس الا. آدا ضاع الوطن من بين ايدينا سنصبح حفاة عراة ويتحكم فينا الدخلاء ويتشفى فينا الحاقدين على هذا الوطن ولن ينظر لنا أحد الا من هو يريد أن يستفيد. لنترك الماضي جانباً وجميعنا ليبيون وليبيات ونحب هذا الوطن حتى وأن لم نقدم الكثير له كما قدم البعض وخاصة اجدادنا وشهداء ثورة 17 فبراير الي يوم 20 أكتوبر 2011م. ليبيا قادمة بعون الله ونتمنى للمتحاورين بجنيف أن يساعدهم الله في الوصول الي اتفاق ينقذ هذا الوطن ويحقق رغبات الليبيين والليبيات لأنه هناك بصيص أمل في نهاية النفق وسنصل اليه جميعاً بالعمل من أجل ليبيا.

ليبيا لن تزول والله ينصر الليبيين والليبيات على جماعة الشر والفتن والحاقدين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

اترك تعليقاً