ليبيا منقوصة السيادة مسلوبة الارادة!!

ليبيا منقوصة السيادة مسلوبة الارادة!!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اعجب لأولئك الذين يعتقدون واهمين ، ان هناك من يبحث عن ذرائع للتدخل في ليبيا ، ومنهم من يذهب الى القول ان الذرائع يقوم بصنعها من يريد التدخل في ليبيا اليوم!! ، اولئك الواهمون نسوا او يتناسوا ان ليبيا ليست في حاجة لذرائع او مبررات ، حتى يتخذها من يريد التدخل سببا لذلك! فالتدخل الاجنبي في ليبيا تمت شرعنته وفتح بابه منذ 19/03/2011 ، فهل نسيتم؟! لا بأس اذا من تذكيركم بأن مجلس الأمن قد اتخذ قرارا رقمه 1973 لسنة 2011 ، سمح بموجبه لقوات الناتو بالتدخل عسكريا في ليبيا ، للإطاحة بنظام القذافي ، ولا بأس ان اذكركم ان دولة ليبيا منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ، هي في الواقع تحت تأثيرات البند السابع الذي يجيز استخدام القوة من مجلس الامن.

اذا ببساطة ليبيا لا تزال مكبلة ببنود ذلك القرار ، وهي بالتالي منقوصة السيادة ومسلوبة الإرادة ، ويكون من العبث والغباء السياسي ان يفكر البعض في غير ذلك ، او يدَعي زورا وبهتانا بسيادة ليبيا وحريتها على ارضها وسمائها ومياهها!! ، هذا الوضع جعل من ليبيا ارضا مفتوحة لكل من هب ودب ، وهذا الوضع دفع بكل انظمة استخبارات العالم بالتواجد على الارض الليبية وممارسة انشطتها بكل حرية ، اذ لا قيود تقيد ولا حدود تضبط فالأرض والسماء مستباحة للجميع ، ان الحدود البرية لليبيا طويلة وعميقة ، وهو ما يشكل نقطة ضعف كبيرة في الاتجاه الامني ، اذ لا قدرة للحكومات الهشة التي توالت على ليبيا بعد سقوط القذافي ، حتى على تأمين نفسها فكيف لها بتأمين  تلك الحدود الطويلة القاصية؟!.

ان الانقسام السياسي الحاصل في ليبيا اليوم هو الذي ساهم ويساهم في تأزم الوضع الليبي ، ويدفع به الى الهاوية والسقوط دون مراعاة للمصلحة الوطنية العامة ، وما وجود حكومتين وبرلمانيين الا دليلا صارخا على مدى الاستهتار بمصلحة الشعب والوطن ، المتضرر الاساسي من كل ما يحاك ضده في السر والعلن . ان العالم والناتو تحديدا لا يزال يمتلك تذكرة مفتوحة لدخول الملعب الليبي ، وان بقى متفرجا على المدرجات لفترة ، فهو يمتلك حق الشرعية الدولية والقانونية  من خلال تذكرته المفتوحة تلك ، في الدخول الى ارضية الملعب في اي وقت يشاء ، هم ليسوا بحاجة لطلب الدخول بل هم من يقومون الان بدور الحكم المراقب لمباراة تجري اشواطها بين ابناء البلد الواحد من الليبيين المنقسمين على انفسهم اما وهما يمتزج حقدا او تغريرا يمتزج انتقاما!!

تعريجا على ما يتداوله البعض اليوم من ان مسألة اعدام الاقباط المصريين تأتي في هذا الوقت كذريعة للتدخل المصري والأجنبي في ليبيا ، وأنها مجرد مؤامرة حبكت خيوطها بدقة وعناية ، نقول وبكل بساطة ونتساءل : وما الذي كان حائلا دون تدخلهم من قبل ؟! هل توجد قوات ليبية او جيش ليبي اصلا حتى يهاب او يخشى !؟ اليس كل شىء واضح وجلي !؟ هل يخفى على احد وضعنا الامني والعسكري المهلهل !؟ الوضع الذي يسمح بتغلغل هذه الافواج من المهاجرين الغير شرعيين التي تدخل ليبيا من كل الاتجاهات في كل يوم ، هل تسائلنا كيف دخلت ؟! او ليس الباب مفتوحا على مصراعيه!؟ بل انه قد نزع من مكانه أصلا ! الذين يدعون ان الذرائع صارت تخلق للتدخل الاجنبي في ليبيا – باستثناء السذج – هم اولئك الساسة الذين يعرفون الحقيقة لكنهم يحاولون استغلال المواقف لصالح اجنداتهم الضيقة الخاصة ، في محاولة مفضوحة منهم لتضليل الرأي العام المحلي اولا والدولي ثانيا ، انهم يبحثون عن مواقف مدفوعة الثمن تسند توجهاتهم السياسية ومشاريعهم اللاوطنية التي يحاولون فرضها على واقع الحالة الليبية جبرا وقسرا ، من خلال التلويح باستخدام القوة تارة وباستجداء بعض الاطراف الخارجية تارة اخرى.

اذا من منظور الواقع ليس هناك ما يستدعي خلق الذرائع لدى المتربصين بليبيا ، حتى يتخذوها وسيلة للتدخل ، فالتدخل مسألة محسومة ولا جدال فيها ، طالما لا يزال قرار مجلس الامن 1973 ساري المفعول ، وكل المحاولات المخالفة لذلك انما تدخل في نطاق الاستخدام الرخيص والاستغلال القذر للأحداث ، بغرض اكتساب مغانم سياسية واقتصادية لهذا الطرف او ذاك !!  من منطلق وطني اذا مازالت هناك بقية من ضمير وأخلاق ، على الليبيين جميعا ان يلتفوا مع بعضهم  ، ويتناسوا احقادهم وكل ما يفرقهم ، وان يضعوا مصلحة الوطن نصب اعينهم ، ويبتعدون عن دعاوي تخوين بعضهم بعضا ، فالخطر القادم سيداهمهم جميعا دون تفريق وسيكون اثره على الجميع دون استثناء. لتكن نقطة الالتقاء وحدة ليبيا ترابا وشعبا ، ولنلتقي جميعا على طاولة واحدة ، نتحاور و نتناقش ثم نتصالح وننطلق معا نبني ما دمر ، ونزرع بذور الخير في وطن العطاء الكبير.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • salah.haddad

    سيدي الفاضل, كلامك منطقي جدا ومقنع
    لكن اختلف معك في نقطة بسيطة, وهي الرأي العام, فبعض الدول -مصر مثلا- ليست بحاجة لأسباب مقنعة للدخول عسكريا في ليبيا -كما حدث كثيرا من قبل-, لكن الضربات الكبرى تحتاج -غالبا- غطاء شعبيا كما كان في الإعلام الأمريكي أيام احتلال العراق (وشخصيا أتوقع المزيد من الضربات العنيفة من الجانب المصري على ليبيا)
    ثم من ناحية أخرى, هل ترى الطرح المتمثل في “داعش” واقعيا؟

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً