ما بعد سرت والجفرة؟

ما بعد سرت والجفرة؟

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

بالرغم من تأخر دخول قوات أحرار البركان مدعومة بالتكنولوجيا العسكرية التركية إلى سرت والجفرة إلا أن قطعية دخول سرت والجفرة يراها الكاتب بكل وضوح فبقراءة متأنية للمعطيات التالية يمكن الإقرار بدخول سرت والجفرة في المستقبل القريب:

  • الواضح أن تركيا تستخدم الدعم الاستشاري والتكنولوجي العسكري للقوات الليبية بهدف الضغط على الأطراف المتدخلة في الحرب والداعمة للداعشي حفتر ولو ظاهرياً لإرغامهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.والتكتيك الذي استخدمته تركيا للدخول إلى ترهونة بأقل الخسائر وإرغام مرتزقة الفاغنر على الانسحاب من ترهونة ومغادرتها! لا يستغرب استخدامه في دخول سرت والجفرة.
  • الأطراف الداعمة لحفتر أهدافها مختلفة، وليست موقعة بشكل اتفاقية شرعية، وربما قد تكون متضاربة. فيظل دخول الأمارات ومصر وفرنسا يتوافق على أنها أهداف داخلية ولكن ما تريده فرنسا من موطأ قدم لحماية مصالحها بالدول المجاورة لليبيا سيختلف عن الإمارات البعيدة التي تخاف على كساد استثماراتها الاقتصادية وبالتأكيد اشتراك مصر في الحدود مع ليبيا يهمها حجم العمالة التي يمكنها العمل بليبيا بالمشاركة في المشاريع الصناعية والزراعية وإعادة الأعمار. كل ذلك يختلف مع روسيا التي قد ترى في وجودها للمساومة على أوراق حتى خارج ليبيا إضافة إلى ما قد تطلبه من استثمارات اقتصادية سواء في عقود التسليح أو الطاقة أو إعادة الأعمار. كما وأن دولة مثل الأمارات والسعودية تمول الفاغنر وقد لا تستمر بعد فشلها في دخول العاصمة! وقد يختلف ذلك مع الجنجاويد والسوريين الدروز!.
  • مع استبعاد إيطاليا ومواقفها المتذبذبة أو بريطانيا غير الواضحة  وألمانيا البعيدة نجد أن الدعم الذي تتلقاه حكومة الوفاق متضمنا في اتفاقية عسكرية موقعة بين دولتين عضوتين في الأمم المتحدة  ومحالة نسخه من الاتفاقية إليها. نجد أن تركيا ضمنت مصلحتها من خلال توقيع الاتفاقية البحرية وحقها في التنقيب عن الغاز في المنطقة المشتركة بينهما حسب الاتفاقيات البحرية الدولية وفي المقابل تمد تركيا حكومة الوفاق بالاستشارات والخطط والتكنولوجيا العسكرية والتدريب لكسب المعركة ضد مرتزقة الداعشي حفتر.
  • تركيا حريصة على انتصار أحرار البركان وتستخدم مناوراتها الدبلوماسية إلى جانب التحضير العسكري وتحاول المساومة بأوراق قد تكون مغرية مع روسيا، التي لم تعلن صراحةً عن تواجدها في ليبيا، لتسحب البساط من أي دور لأوروبا في ليبيا. بل وقد تنجح في استبعاد مصر بالمساومة على بعض الأوراق الاقتصادية وهي تعيش أزمة شعب جائع ومهدد بالعطش بعد تمسك أثيوبيا بسد النهضة إضافة إلى الكورونا! فبالرغم من التهديدات العسكرية الإعلامية للرئيس السيسي إلا أن تركيا على يقين بأن السيسي ليس في وضع قادر على خوض أي حرب وشعبه جائع وعطشان كما ذكر السيد أردوغان.
  • عندما تصرح وزيرة الدفاع الألمانية بأنه لا قدرة للإتحاد الأوروبي على مراقبة حظر السلاح على ليبيا بل هناك دول قد لا تتفق معهم مثل ايطاليا ومالطا وفي المقابل تحاول الأمارات، التي يتظاهر أمام سفارتها في الخرطوم الشباب المغرر بهم في حرب ليبيا، الكشف من خلال قناة الآن عن بعض الممارسات المشينة لمرتزقة الفاغنر، التي مولتها، بطرابلس وترهونة فالواضح أن المعسكر الداعم للداعشي حفتر مشتت وبعكس تركيا الداعمة لحكومة الوفاق فهي واضحة في تحديد أهدافها  وتمشي بخطوات ثابتة إلى أهدافها.
  • البيت الأبيض مشغول بالانتخابات القادمة وربما لا يمانع السيد ترامب باستغلال روسيا في الانتخابات لو أمكنه ذلك ولكن دولة المؤسسات بالتأكيد لن ينشغل فيها الجميع بنفس المستوى فالأفريكوم التي تهتم بالحلف الأطلسي وأفريقيا لن ترضى بأي تواجد روسي بليبيا ليكون قريبا من قواعده جنوب البحر المتوسط. بل ربما حرصت أمريكيا على أن لا تعتمد على الاتحاد الوروبي الذي تلعب فيه فرنسا، بمكانتها المهمة، دورا لا يستهان به  إلا أنها  فتحت قنوات تعاون مع روسيا  وهذا مزعج لأمريكا! فربما لذلك أوكلت أمريكا ملف ليبيا لتركيا لأنها الأفضل من يستطيع التعاطي معه بدون تعارض مع مصالح أمريكا! بل وفي نفس الوقت تستطيع أن تبقي على علاقات وتبادل مصالح مع روسيا.

مؤشرات بالجفرة إيجابية وداعمة:

بالإضافة إلى النقاط أعلاه نجد أنه من المؤشرات الإيجابية التحرك الشعبي المُبكر بهون بعد تعدي المرتزقة التابعة لمليشيات الداعشي حفتر على ثلاثة شباب من هون ثم تمدد هذا الرفض الشعبي  ضد عصابات الداعشي حفتر ومرتزقته بجميع مدن الجفرة: بودان وسوكنه والفقهاء وهذا سيقلل من فرص المقابر الجماعية كما حصل بترهونة، بل سيعجل بالتحرك من الداخل مما سيشجع وسيدعم جاهزية أحرار البركان لاقتحام الجفرة وربما حتى قبل سرت.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

اترك تعليقاً