ما فعله التجار لم يفعله العسكر

ما فعله التجار لم يفعله العسكر

العسكري مسكين امام التاجر المرابي.. العسكري يتيم امام ذهقنة وصولة رجل الاعمال المحتكر.. فهو لا يرى الوطن والمواطنين الا سلعة قابلة للبيع والشراء.. أغلب من يرفع شعار لا لحكم العسكر هم التجار تمويها وتدرية للمخازي التي يرتكبونها بحق الوطن.. عندما يدخل المال الى ميدان الضبط والربط يتراخى الحزم وينحل العزم ويتحول العسكري الى مقاول بدلا من الحراسة والكياسة.. دخول رجال الاعمال من مقاولين وتجار على خط العسكر سمح بتسرب المال الفاسد إلى جيوب أصحاب الثغور فعبث بقيمهم.. إبعاد التاجر عن العسكري فيه حماية للوطن فهذا يستغل ذاك لتحقيق مأربه والعكس صحيح فلا خير فيهما إذا اجتمعا والخير كل الخير إذا تفرقا.

لا لحكم العسكر مقولة تغلفها الكثير من الأغراض السياسية فلا أشد على الأوطان من أرباب المال من تجار وسماسرة وخير مثال حكومات المؤتمر الوطني الفاشلة خاصة حكومة السيد عبدالله الثني العسكري الذي جلبه تجار المؤتمر الوطني لرئاسة الحكومة واليوم وبعد تصدع حلفهما هم أنفسهم من يرفع شعار لا للعسكر.. في ظل العسكر كان الشعب الليبي يتفسح في أي مكان ويخيم على أي شاطئ يريد وكانت الغابات والشواطئ منتزهات عامة متاحة له ولأسرته، أما اليوم وبسطوة المال الفاسد تحولت تلك الأماكن إلى إقطاعيات خاصة.. كل الغابات تم مسحها وما بقي منها صار ملاذا للمليشيات، أما الشواطئ فأنت لن تدخلها إلا بعد دفع اتاوات مقابل خدمات وهمية بعد أن احتلها أفراد وعصابات صاروا ملاكها قهرا وغصبا تمهيدا لإقامة منتجعات خاصة تباع بالملايين وكله بإمرة أصحاب المال الفاسد المنهوب.. والمال الفاسد هو من يتولى تهريب نفط الليبيين وهو من يشجع لصوص المنشآت النفطية لابتزاز الوطن لاحتكار العقود الخدمية في الحقول النفطية.

ولقد رأينا في السابق حقلا نفطيا مثل جالو 59 لا يأخذ من الحرس أكثر من عسكريين اثنين يتناوبان فيما بينهما بمساعدة مشغلي الحقل.. كانت هناك هيبة تحرس ما لا تستطيع القيام به اليوم جحافل من العسكر وكل ذلك بسبب المال الفاسد الذي اغرى الجميع على الفساد.. ليبيا اليوم ضحية ألاعيب ودعايات التاجر الفاسد وكل هذه الحروب التي نعيشها والأزمات التي نتربع فيها والمليشيات التي تحيط بنا صنعها المال الفاسد واحتضنها السياسي الفاجر المتحالف معه.

إن النهب المسكوت عنه في ليبيا سببه سيطرة المال الفاسد فهو من يدير لعبة تحريك ونقل الأموال لتصب في جيوب المرابين والسماسرة ومن ثم الإرهابيين.

الاسلاميون الذين وصلوا للحكم يقعون في ذات المأزق بسبب عدم قدرتهم على انتاج نظام اقتصادي يحافظ على التوازنات داخل المجتمع تاركين ذلك لعموميات الموروث وكل ذلك يرجع إلى الفاقة الفكرية لديهم.. الاسلاميون كغيرهم من السياسيين لن يفلتوا من الهيمنة حتى لو ادعوا غير ذلك لأن لا مشروع اقتصادي لديهم يستطيع النأي بهم عن الوقوع في المفاسد وعدا تحريم الربا نراهم يقفون عجزة أمام أعتاب مفاسد أخرى لا تقل عن الربا إن لم تكن أفتك.. هم يتركون للجهد صولته دون مراعاة لفارق الجهد من حيث الفرص والامكانيات.. هم يشتركون مع الرأسمالية في نظرتها إلى الاقتصاد ولهذا لا يمكنهم إلا أن يكونوا أتباعا لها حتى وإن تقاتلوا معها.. هم لا يستوعبون أن العالم يحتكم للجهد من خلال إبداعه هو وليس من خلال الهيمنة على منتوج عام.. الليبيون كلهم فيه سواسية كالنفط والغاز وباقي العطايا.

إذا أردنا النجاح لا يمكن أن نغمض العين على أن الاستقرار النسبي الذي كانت تنعم به ليبيا يعود لقدرة نظام معمر القذافي على محاربة رأس المال الفاسد وتجفيف منابعه مما سمح للدولة بامتصاص الكثير من النكسات والاخفاقات والوقوف في وجه الكثير من التحديات مما ساهم بتوازن أحوال الليبيين عامة وفتح المجال أمام بناء الذات وتطويرها حسب الإرادة والطاقة، فتكونت خبرات ليبية صار لها مكانة مرموقة نفتخر جميعا بها وقد رفعت من مستواها المادي بكدها وتعبها وليس من خلال نهب المال العام.

إذا التجار وممن يسمون أنفسهم برجال الأعمال هم من يجب حماية الشعب منهم قبل العسكر بالالتفات إليهم عبر سن القوانين التي لا تسمح لهم بالتغول.. يجب السير بنفس قوانين محاربة الاستغلال ومن عطل العمل بها بحجة أنها قوانين معمر القذافي إنما أراد الفساد والافساد والتهرب من المحاسبة واستعباد الناس واحتكار حاجاتهم فالشعب الليبي عامة شعب غير منتج وهذا عائد أولا لتدني الهمة وثانيا لبيئة البلد الغير خصبة، ومن هنا فالغنى الذي يأتي دون انتاج وخدمات حقيقية يعتبر جريمة يجب القبض على صاحبها..

يجب مراقبة ومحاسبة البنك المركزي ووزارة المالية لأن أموالنا أمانة لديهم وهم المسئولون عن أي تصرف سفيه فيها.. خطاب رئيس الغرفة التجارية المتضمن بعض المقترحات للبنك المركزي ورد المحافظ عليها هو في الحقيقة وجه من وجوه الصراع المبطن بين التجار والصيارفة.. على الغرفة لسان حال التجار أن توضح للناس حجم الانجاز لديها فيما يتعلق بتضييق الهوة بين الأغنياء والفقراء ومشاريعها للمواطن العاطل من فرص عمل وتأهيل وعلى الصيارفة ورئيسهم الموقر البنك المركزي توضيح ماهي الاجراءات العملية وليس التمنيات لوقف تهريب الأموال عبر المصارف التجارية وهل تم إرسال القوائم الخاصة بأسماء وعناوين الفاسدين ممن نهب المال العام للقبض عليهم ومصادرة أملاكهم..

هناك في الأفق ما يلوح فالإدارة الأمريكية في طور إعداد قوائم دولية بالفاسدين ماليا لمطاردتهم والقبض عليهم بعد أن تبين لها دورهم الكبير في تذكية الصراعات ودعم الإرهاب وتفقير الناس.

[su_note note_color=”#ecebc8″ text_color=”#000000″]هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

اترك تعليقاً