الطريق الرئيسي من مدينة الزاوية إلى مدينة طرابلس

الطريق الرئيسي من مدينة الزاوية إلى مدينة طرابلس

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

يوم الخميس بتاريخ (10 سبتمبر 2015م) يممت صوب الشرق من إحدى مناطق الجهة الغربية من ليبيا الى منطقة طرابلس، الساعة تؤشر الى  السادسة والنصف مساءً، تندفع سيارتي منطلقة تخترق من أمامها الهواء الكثيف وكأنها تشقه شقا او تمخره مخرا  وتطوي من تحتها الطريق الممتد امتدادا ينحني ويستطيل كمجرى نهر راكد شاب لونه السواد.. الطريق البائس الذي قد يعاجل اي عابر فيه بمفاجآت شريرة.. قطع طريق.. اصطدام.. سرقة.. رصاصة.. خطف وغيرها، من منطقة الزاوية والى عند منطقة جودائم الحياة على عادتها، حركة بشرية متعددة المقاصد على جانبي الطريق وفي الطريق حركة آلية مشوشة غير منتظمة، سيارات تيمم وجهتها عكس الطريق فتقابل السيارات المتجهة شرقا  في تهور يربك حركة السير احيانا او قد يسبب احيانا في حوادث اصطدام، فوضى مرورية لم تعرف الا بعهد فبراير، من نافذة السيارة كان يهب نسيما يلامس وجهي فيذوب برودته اللذيذة  فيه وكأنه يحاول ان يبدد ماعلى وجهي من وجوم ويطرد ماعليه من لمحات الهموم، هو اشبه بلمسات الأنامل الرقيقة الناعمة للمواليد عندما تلامس أناملهم الوجوه الا ان خواطر كانت  شاردة فتواردت مع هب النسيم، بدأت تهب على نفسي هبوبا مزعجا ليس كما هب النسيم، شوارد لاسعة تفرز في كياني النفسي لسعاتها السامة فتذوب وتتخلل تفاصيل كياني فتضيقه وتخنق فيه الانشراح وتغلق فيه مسارات البهجة، شوارد تتعلق بمعيشة ضنكا هى معيشة كل ليبي.. قطع مرتبات.. غلاء اسعار.. خدمات امنية وصحية وتعليمية وإدارية متردية.. مستقبل ليبي مظلم وغيرها، حاولت الهروب من هذه الشوارد التى تحتدم في خاطري ازدحاما ولكن أين  المفر؟ فلم اجد الا مفر العاجز عن فعل اي شئ وذلك  باشعال سيجارة لم تسليني بقدر مازادت من ارهاقي بل ان مادة الدخان التى ذابت في  رئيتي ثم امتصتها حويصلاتي الرئوية ثم نقلتها دمائي الى حيث خلاياي والى حيث دماغي تشابكت مع الشوارد المزعجة ونقلتني الى حالة هى اقرب الى اليأس، تندفع بي السيارة تلقي من خلفي المسافة لتتقدم الى مسافة لتلقيها خلفي من بعد حتى لاحت امامي بوابة وهى البوابة الواقعة بين منطقة الطويبية وجودائم والقريبة من غابة جودائم والمسماة بوابة الصمود، نبهني استغراب وانا في صف السيارات ان شابا يكلم كل من يمر بسيارته بجواره في البوابة وأغلبهم يركنون سياراتهم بعد البوابة جنبا حتى وصولي لهذا الشاب.

تحدث الي قائلا: هناك عصابات في منطقة 27 كم يقطعون الطريق ويسلبون من الناس سياراتهم انتظر قليلا حتى ياتينا خبرا… حدثه قائلا: الله خير حافظ ليس امامي الا الذهاب.

كما لم يستطع غيري مقاومة الاندفاع في الطريق فلم أستطع مقاومة نشوة الانطلاق والاندفاع فاندفعت في الطريق غير آبه بتحذير الشاب واندفعت عبر  الطريق التى كانت شبه خالية ولاتعبر فيها الا سيارات قليلة، في منطقة الطويبية التي تلي هذه البوابة، اغلب المحال المصفوفة على جانبي الطريق مقفلة ولايظهر سكانها مشيا الا قليلا  ومنطقة الماية التي تلي الطويبية كان حظ الحياة فيها اوفر فاغلب المحلات على جانبي الطريق مفتوحة وسكانها يسعون بينها حتى وصولي الى جسر 27 كم والذي لايوجد فيه بتاتا ما حذر منه الشاب الذي في البوابة ولكن يوجد فيه عند المرور بعض التوجس والذي سكن هذه الجهة ولم يغادرها من بعد ماكانت منطقة اشتباكات ومنطقة لقطع الطريق في سنوات مضت، بعبوري منطقة صياد تظهر دلائل ان شيئا ما بانتظاري فالمحلات مقفلة وبعض السكان يجلسون في جماعات، بدأ لي انهم يترقبون وماذا يترقبون؟. في نهاية منطقة صياد لاح لي من البعيد جسر 17 كم الذي يفصل منطقة صياد عن منطقة جنزور وتحته  صفوف طويلة متوقفة من السيارات رغما عنها و عند وصولي ظهرت لي عائلات وافراد بسياراتهم صفوا على جانبي الطريق والطريق من أمامهم مقفلة ويحدث اطلاق نار بين الحين والآخر في الهواء لإخافة الناس وأرجاعهم عن الطريق وانتقلت الى جانب الطريق المحاذية المتجهة من الغرب الى الشرق وركنت السيارة وخرجت الى بعض الناس الذين اجتمعوا على جانب الطريق بانتظار رحمة من سد واغلق الطريق وكان من بينهم عائلات عالقة في سياراتها، نساءً وأطفالا ورجالا وعجزة سدت أمامهم الطريق قطعا لمبتغاهم ومنعا لسكناهم يترقبون.. ينتظرون املا بفتح الطريق، وكان من احاديث ارباب العائلات:

– ماالفرق بين ليبيا وسوريا.

– الله يرحم…. كان يمنع علينا المال ولكن لم يمنع علينا طريقا ونذهب حيثما نشأ بكل أمان واطمئنان.

من ذات الطريق عدت يوم الجمعة ثم يوم السبت ولازالت مقفلة على عابري السبيل وعلى ذات الحالة الموصوفة في هذا السرد.

سوف اكتفي بهذا السرد والذي سردته كحالة من حالات المواطن الليبي الذي تعترضه يوميا   لانتقل الى الخطاب المباشر:

مع هذه الطريق ورد الى علمي ان المدخل الشرقي لمنطقة جنزور عند منطقة الغيران هو الاخر مقفل وورد الى علمي ايضا ان الطريق الرابط مابين منطقة صبراتة وزوارة هو الاخر مغلق وامام كل إغلاق عائلات تقطعت بها الطريق و هذه جريمة حجز وسجن لعائلات كاملة في الطرقات وفي مناطق لاتقيم فيها، هذه الطرقات ان كانت تحت سلطة مايسمى حكومة الانقاذ وتحت سلطة المؤتمر الوطني البائس فان قفل الطرقات على العائلات الليبية وحجزها في الطرقات هو باوامر من هذه الحكومة وهذا المؤتمر فكيف تقفل طرقات هى تحت سلطة حكومية؟ الا ان يكون القفل باوامر من هذه الحكومة وان كانت لاسلطة لهما ليخرجا على الليبيين ويقولا اننا مجرد صورا متحركة تتحرك في المسرح السياسي الليبي وأننا نقدم مسرحية مثيرة للضحك كتبت فصولها دولا خارجية وأخرجها عملاء محليين ولا قيمة حكومية لنا إنما القيمة الحكومية هى للعصابات المسلحة التى تقفل الطرقات وعندها يحق الحق الذي لاجدال فيه ان المنطقة الغربية من ليبيا هى بالفعل اسيرة للعصابات المسلحة ولا سلطة الا سلطة العصابات المسلحة في المنطقة الغربية، لعن الله كل من قطع طريقا او سدها على عابر وحجزه في الطرقات.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً