مشروع «قطار طرابلس» يُثيرُ سخرية اللِّيبيِّين

أثار إعلان وزير الاقتصاد والصناعة المفوض بحكومة الوفاق علي العيساوي أمس الأحد، عن عزم الوزارة تدشين مشروع مترو الأنفاق بقيمة متكاملة بمبلغ 10 مليار يورو سخرية الليبيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

حيث أكد العيساوي خلال مؤتمر صحفي أن المشروع سيوفر حوالي 40 ألف وظيفة مباشرة وسيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد الليبي، مؤكداً وجود آلية جديدة لتمويل المشاريع من خارج الميزانية العامة، لاسيما أن ليبيا تحتاج مبالغ طائلة لتمويل مشاريعها، ولا تستطيع الدولة تحمل تكلفتها، نظراً لتذبذب أسعار وإنتاج النفط حسب قوله.

وكشف العيساوي عن تشكيل لجنة مشتركة مع المستثمرين تختص بالعديد من النقاط الفنية والتقنية المختلفة التي تتعلق بجهات عدة، لافتاً إلى أنه سيتم مواصلة العمل حتى الوصول إلى صيغة عمل مناسبة لإنجاز المشروع.

وفي ردود فعل المواطنين الليبيين على إعلان العيساوي، اشتعلت منصة التدوينات القصيرة “تويتر” بالتعليقات الساخرة تارةً والمُطالبة بتوفير أساسيات الحياة تارةً أخرى، حيث وصف المُغرد صالح مشروع ميترو الأنفاق بالصفقة المشبوهة قائلاً:

هذا الوقت المناسب للصفقات المشبوهة لمن فى سلطة الحكم فى ليبيا تعليقا على صفقة ميترو الإنفاق فى طرابلس

— Saleh (@Saleh32224437) August 4, 2019

أما الناشط ناصيف البرعصي فقد قال في تغريدة له بخصوص الموضوع:

كمية السواتر الترابية في شوارع #طرابلس قد تكون حجر اساس لمشروع كا ميترو انفاق مثلاً او حتى لزراعة البطاطا ..!#هستيريا

— Nasif El Barasi (@BarasiNasif) August 4, 2019

كما كان للناشط عبد الحميد على تويتر رأي أخر حيث قال:

وزير الاقتصاد يعمل بجد و بدون كلل و الدليل ميترو الانفاق.. قولولي بالله الوزير هدا قداش عندنا منه؟#ليببا #طرابلس

— AbdulHamed M. Ahmed (@luqmana70) August 4, 2019

أما الناشطة غيداء التواتي فقد سخرت من إعلان العيساوي على طريقتها الخاصة قائلةً:

https://twitter.com/gaida1952/status/1158107382150508544

هذا وكان لرئيس مؤسسة كويليام للأبحاث نعمان بن عثمان نمط أخر من السخرية على المشروع الذي أعلن عنه العيساوي حيث قال:

و مترو الأنفاق هذا يجبد من قدام ولا من تالي ؟ قصدي كان صماييص ردو بالكم من الكوشنيتي .

— noman benotman (@nbenotman) August 4, 2019

وفي تغريدة أخرى قال بن عثمان:

الديمقراطية حلوه و قنينة و حتى شماين ، لكن مش للدرجة ان وزير الأقتصاد يعلن على مشروع مترو الأنفاق بدون ما يبلغ رئيسه ، اللي هو السيد فائز السراج !!!
قصدي هذه مش ديمقراطية ، هذه فرقة فنون شعبية.. ولا أنا غالط؟
قد يقول البعض، كلامك هذا يستفيد منه القرامطة.
ممكن، بس صدقي مع نفسي أهم

— noman benotman (@nbenotman) August 5, 2019

من جهته أكد رجل الأعمال الليبي حسني بي في تصريح خص به موقع «ليبيان إكسبريس» الناطق باللغة الإنجليزية أن من أولويات خدمة المصلحة العامة هو النقل العام، ولكنه يأتي في نهاية الأولويات، مُؤكداً في تصريحه أن أهم الأولويات هي الصحة والتعليم والشرطة والصرف الصحي والمياه والكهرباء.

وأضاف حسني بي أن حكومة الوفاق لا يمكنها في الوقت الحالي تحمل الإنفاق على المشاريع الضخمة، وإن كان هناك من يُمول هذا المشروع فيجب النظر إلى مصادر الأموال والجدوى الاقتصادية من تنفيذه.

وتابع رجل الاعمال الليبي حسني بي تصريحه عن الموضوع قائلاً:

إذا تم تمويل المشروع ضمن الميزانية الحكومية الناتجة عن تكلفة العملات الأجنبية الإضافية، فسيؤدي ذلك إلى تشوه مالي ونقدي، لأن شراء الدولار بسعر الصرف الرسمي وهو 1.400 دينار ليبي للدولار الواحد من خلال ميزانية الحكومة هو بمثابة انتحار في السياسة المالية والنقدية.

واختتم حسني بي تصريحه بالإشارة إلى أن بيع الدولار الواحد بسعر 1.400 دينار ليبي للقطاع الخاص لتنفيذ المشروع دون تخصيص ميزانية حكومية سيجعل منه مشروعاً مُهماً جداً للدولة الليبية، لأن الدولة ستحتاج وقتها إلى 13 مليار دينار من أصل 120 مليار.

وكان قد أبدى رئيس المجلس التسييري لبلدية بنغازي استعداده لتفعيل مشروع السكك الحديدية في المدينة مطلع العام 2019، الأمر الذي وضع مجلسه محل انتقادات واسعة، خلال أحاديث المواطنين في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي.

يُذكر أن  ليبيا شهدت تدشين أول خط للسكك الحديدية في سنة 1901، وكان هذا الخط قصير وقد بناه الأتراك في مدينة بنغازي للعمل فيما بين الميناء وبين المحجر الخاص باستخراج الكلس من ضاحية البركة التي اختارها الأتراك سكناً لعلية القوم منهم ومن العائلات الليبية وفي مقدمتهم متصرف البلاد العثماني.

وبنا الإيطاليين شبكة السكك الحديدية في الشرق الليبي فيما بين 1918 و1927 وكان يوجد منها ثلاثة خطوط قصيرة هي:

1- فرع طوله ميل ونصف في مدينة بنغازي كمحطة رئيسية لبرقة.

2- فرع طوله 67 ميلاً يتجه شمالاً بشرق ليربط ما بين بنغازي والمرج.

3- فرع طوله 35 ميلاً يتجه إلى الجنوب من بنغازي إلى سلوق.

ولكن هذه الخطوط البسيطة تضررت كثيراً في الحرب العالمية الثانية فيما بين 1939 و1945 وقد تعطلت عن العمل ولكنها استأنفت عملها في مارس 1948 بإشراف الإدارة العسكرية البريطانية.

وأنشأ الإيطاليين أيضاً خط سكك حديدية لربط مدينة طرابلس بالعزيزية وذلك في أوائل مايو 1913 م وكان طول هذا الخط 31 ميلاً وكان الغرض من إنشاء هذا الخط خدمة العمليات الحربية الإيطالية لمساعدة الجند في زحفهم إلى الداخل.

كما أنشأ الإيطاليون خطاً للسكك الحديدية يربط مدينة طرابلس ببلدة تاجوراء شرقاً وكان طوله 13 ميلاً، وأيضاً أنشؤا خطاً أخر يمتد من مدينة طرابلس إلى بلدة زوارة غرباً وقد بلغ طوله 73 ميلاً.

وبعد ذلك ونتيجة للعمليات العسكرية في الحرب العالمية الثانية قامت القوات البريطانية وحلفاؤها بمد خط السكة الحديدية المصرية التي كانت تصل مدينة الاسكندرية ببلد مرسى مطروح إلى مدينة طبرق في ليبيا.

أما عندما دخلت القوات البريطانية مدينة طرابلس في يناير 1943 فقد أسرعت فرقة المهندسين بالجيش البريطاني إلى إصلاح فروع السكك الحديدية بالميناء لاستخدامها في إنزال البضائع ونقلها للتخزين، وأدخلت التعديلات اللازمة على الخط الحديدي الذي يربط زوارة بمدينة طرابلس للاستفادة منه في العمليات الحربية.

في يونيو 1944 استطاعت إدارة النقل بالجيش البريطاني أن تعيد افتتاح بعض خطوط السكك الحديدية لاستعمال المدنيين في طرابلس، ولكن هذه الفروع بدأت تفقد أهميتها وتختفي من الوجود بالتدريج حتى انه في يوليو خط منها سوى الخط الذي يربط مدينة بنغازي بالمرج، وحتى هذا الخط اختفي فيما بعد، وهكذا حلت سيارات النقل بأنواعها المختلفة محل هذه السكك الحديدية خصوصاً بعد أن انتشرت الطرق الممهدة وتم تحسينها.