مشهد سوريالي في مدينة الجنينية السودانية التي دمرتها الحرب الأهلية

وثقت صحيفة الغارديان البريطانية، مشهدا سورياليا في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور في السودان، حيث بدت المدينة كأنها مدينتان في واحدة، تنتشر في أجزاء منها مقابر جماعية ومركبات مدرعة مهجورة وأطفال بلا مأوى، وتتواجد في مناطق أخرى مطاعم وأسواق، وسيارات حديثة الصنع “المسروقة” بلا لوحات.

وحسب الصحيفة اللندنية فإنه منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بزعامة، محمد حمدان دقلو في منتصف أبريل من العام المنصرم، شهدت مدينة الجنينة “مجزرتين كبيرتين”.

وأكدت سفيرة الولايات المتحدة المتجولة للعدالة الجنائية العالمية بيث فان شاك، أنه استنادا إلى مراجعة دقيقة للحقائق وتحليل قانوني، خلص وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مؤخرا إلى أن أفراداً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب.

ولمدة شهرين من منتصف أبريل، ثم مرة أخرى لمدة أسبوع في أوائل نوفمبر، عانت الجنينة من القتال الذي تطور بسرعة على الخطوط القبلية، مما أدى إلى تأليب قبائل المساليت (غير العربية) وغيرهم من السكان غير العرب، لدعم الجيش ضد قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها، حسب “غارديان”.

ولقي أكثر من 10 آلاف شخص حتفهم في المدينة – معظمهم من قبائل المساليت –  بينما فر آلاف آخرون غرباً عبر الحدود إلى تشاد.

وقالت فاطمة، التي لم ترغب في الكشف عن لقب عائلتها: “ظهر المسلحون من العدم وبدأوا في إطلاق النار علينا.. كان الناس يقفزون في النهر مع أطفالهم لتفادي الرصاص”، لافتة إلى أن ابنها فقد ذراعه أثناء إطلاق النار.

المدنيون الفارون من الصراع في السودان ينتظرون إجراءات تسجيل اللجوء في المفوضية السامية للأمم المتحدة، في الرنك، جنوب السودان في 18 ديسمبر 2023

كما قُتل مدنيون عرب في أعمال العنف، حيث قضى العديد منهم في قصف دبابات الجيش التي لا تزال مهجورة في الأحياء العربية.

ويحكم ولاية غرب دارفور في الوقت الحالي إدارة “قريبة من قوات الدعم السريع”، وفق الصحيفة، حيث يحاول المحافظ الجديد، التيجاني كرشوم، “استرضاء السكان”.

وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة الماضي، إن طرفي الحرب الأهلية في السودان “ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب، بما في ذلك الهجمات العشوائية على مواقع مدنية، مثل المستشفيات والأسواق ومخيمات النازحين”.

وفي ديسمبر الماضي، خلصت الولايات المتحدة، إن الأطراف المتحاربة في السودان “ارتكبت جرائم حرب”، معتبرة أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها “متورطة في التطهير العرقي” في غرب دارفور.

وحاليا، يأتي التهديد الأكبر في الجنينة من الجو، ففي الوقت الذي يكافح فيه لوقف تقدم قوات الدعم السريع، شن الجيش حملات قصف على الأراضي التي تسيطر عليها تلك الميليشيات، مما أدى إلى نزوح جماعي جديد للسكان المدنيين.

وقالت ليني كريستيان، من برنامج الأغذية العالمي: “الوضع في السودان اليوم أقل ما يوصف به أنه كارثي”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً