ممارسة الكذب علناً.. خاطرة سياسية…

ممارسة الكذب علناً.. خاطرة سياسية…

بالأمس كانوا هنا،
يكذبون، يطبلون،
يزيفون، يتغنون،
يتفاخرون..
ينهالون بأعطر الكلمات التي تبجل الحاكم ونظرياته وخزعبلاته،
يختارون من الشعر أجوده ، ومن المديح أفضله ، ومن النغم أطربه،
لكي يقدسوا قديسهم، ولكي يستحسنهم رئيسهم، الذي وإن جل شأنه، وعظم سلطانه،
فلا يهم اسمه ولا شكله أو لونه أو عنوانه،
والمهم هو أنه الزعيم، ومن أفضل من الزعيم إذا مدح تحققت الأماني والمطالب،
وإذا شكر تأتت الأهداف والمآرب،
في رأيهم إن الزعيم هو معلم المفاهيم،هو الجديد هو القديم، هو العقل المفكر، هو الدماغ النير المدبر،قليلا ما يجانبه الصواب، وكثيرا ما تخضع له الصعاب “وحتى الرقاب “…
لا مباديء لديهم ولا قيم، بينهم وبين الحاكم عقد،يرتبون بنوده في أذهانهم، ويوقعون وثيقته في عقولهم،
نص هذا العقد :أن كل الشكر والمدح والإطراء يكال للحاكم أو السلطة الحاكمة طيلة فترة الحكم، وبعدها ينتهي العقد ويوقع مع الذي يليه بنفس الطريقة،،
ألعابهم قديمة جديدة ،،
ونحن !!!!!!!! لسنا أغبياء لكننا متسامحون، إلى الحد الذي يلامس فيه التسامح أطراف الغباء،
متسامحون لدرجة أنهم لا يستحون، لا يسأمون
لا يختفون، متسامحون لدرجة أنهم لايتخافتون بل جهارا يتحدثون، طيبون لدرجة أننا تعجبنا كلماتهم حتى تنسينا تاريخ قائليها وثغراتهم، تذهلنا طلاتهم للحد الذي ينسينا ماوراء ستراتهم…
بالأمس كانوا هنا يمجدون الحاكم، ويكتبون البحوث وأهم الرسالات عن أفكاره، ويسردون القصص والروايات عن بطولاته، يجعلون مجالسهم فرصة لا لذكر الله، وإنما لذكر من عاداه، يصفون نهجه بأنه الصواب، وما خالفه خطأ إنحراف أو إضطراب ،,,
بالأمس كانوا هنا، ومن هنا وهناك بعثوا للزعيم ببرقيات العهد والمبايعة، أرسلوا للرئيس بتأكيدات التمسك وعدم الممانعة..
بالأمس كانوا هنا، واليوم مازالو هنا بنفس الهيئة ونفس الحضور، بنفس النفاق وبنفس الفجور،
لكن ماتغير اليوم هو بؤرة تركيزهم، وملتقى إهتماماتهم،
فبدلا من الزعيم أصبحت الثورة حكايتهم المفضلة، وبدلا من الحاكم أمست الحرية أنشودتهم المحببة،
وكعادة شعبنا الطيب، نفتح التلفاز فنراهم يتحدثون،
نفس الوجوه، نفس الملامح بل وحتى الإسم!!! نتسائل في أنفسنا أليسوا هم!!؟؟
ثم لا نلبث حتى نترك تساؤلاتنا جانبا لنستمع إليهم،
وهم يتحفوننا بكلماتهم،، وهم يذهلوننا بإبداعاتهم،
وبهدوء وبخيبة أمل يخفت ذاك الصوت الذي كان يذكرنا أن هؤلاء لا عهد لديهم، ان هؤلاء لاخير فيهم،
أن هؤلاء ماهم إلا أشياء جوفاء تمتليء فقط بما تسوقه رغبتهم في الظهور والغنى والتقرب من السلطات،
لديهم لكل المقامات، مقالات..
ويملكون لكل المناسبات قصائد وأغنيات..
بين يديهم للأفراح نغمات، دندنات وأجمل الضحكات..
وفي متناولهم للأحزان إحساس وآهات وأرق الدمعات..
لا يختلطن عليك الأمر فتخطيء من أقصد،ولا تسيء الظن في أحد حتى تتأكد،
وتحرى جيدا عن الذي لا يزرع، لا ينتج، لكنه يحصد…
أولئك أصحاب شعار النفاق والإعتناق، الذين إن هجروا الدنيا فعن الإفك لا فراق،
أولئك المسافرون، الذين لا يلبثون في محطة حتى منها يغادرون ،إلى حيث مصالحهم، وإلى حيث مرابحهم،
وإلى حيث يوجد من بفضائله ينعمون..
حديثي كان عن أناس عانقوا التدجيل وطنا،
عن أناس بوقاحة،
ببساطة،
مارسوا الكذب علنا..
ولازالوا يمارسون الكذب علناً …

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • الكاتب

    بالأمس كانوا هنا،
    يكذبون، يطبلون،
    يزيفون، يتغنون،
    يتفاخرون..ينهالون بأعطر الكلمات التي تبجل الحاكم ونظرياته وخزعبلاته،
    يختارون من الشعر أجوده ، ومن المديح أفضله ، ومن النغم أطربه ،,,,,,,,,,,,,,,,, الخ ..

    أرجو تصحيح بداية الخاطرة ” أنا كاتب الخاطرة … عبدالجليل إسعيد عامر “

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً