نائب المفتي والتكفير الجماعي بالمجان

نائب المفتي والتكفير الجماعي بالمجان

نحن في ليبيا محظوظون جداً … لدينا رجل بأربعة رجال !!! إنه نائب المفتي … رئيس قسم الشريعة في جامعة قاريونس !!!ونائب للمفتي ، ورئيس هيأة علماء .. وأخيراً قاضي يمنح صكوك الإسلام والكفر !!!

ما أسهل الكلام والخطابات والشعارات الرنانة !!! وما أصعب الالتزام بما نفوه به في لحظات  انفلات الكلام العاطفي الانفعالي اللاعقلاني .. الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ( كافر ) في نظر البعض ، وبما أن المرزوقي  وتضامنا مع أبناء شعبه خاصة ممن يعانون الفقر والبطالة قرر التنازل عن ثلثي راتبه كرئيس، وأصبح راتبه كما سبق لا يتجاوز راتب أستاذ جامعي، مع العلم أن راتب الأستاذ الجامعي المحاضر في تونس لا يتعدى 1800 دينار تونسي  ( حوالي 900 يورو ) ، . .. فإن نائب مفتينا وبما أنه يمثل الإسلام حصراً ( ربما يفضل وكيلاً لله وارداته ) فيجب أن يخالف ذاك الكافر ، فنائب مفتينا ليس كذاك الكافر أبداً ،  فهو رجل بوظيفتين في ذات الوقت !!!!( ربما يشطر نفسه لشطرين لتأديتهما  ) وعوض أن يتم ندبه من الجامعة إلى دار الإفتاء لكي يتفرغ لفتاوى التكفير الجماعي وتحريض الليبيين والمسلمين على بعضهم البعض  ، لا  أبداً !!!احتفظ بكلتيهما وبمرتبيهما !!!! وكم قيمتهما  ؟!!!( حزر فزر يا ليبي ) .. بالتأكيد أقل من مرتب المرزوقي بكثير !!!!! .
في بداية عام 2006 كنا في جامعة قاريونس وكان وقتها موضوع الرسوم المسيئة ، وأقاموا ندوة أو مهرجان في  أحد المدرجات الخارجية لكلية القانون ( لا يحضرني الاسم ) ، مررنا بجانبه فسمعنا أصواتاً صادحة فدخلنا وجلسنا في أعلى المدرجة مع صديق لنا يحب هذه الخطابات العاطفية الانفعالية الاستعراضية ..وبعد برهة اعتلى المنصة ( نائب المفتي حالياً ) فأخبرنا صديقنا بأن هذا الرجل  ( ما شاء الله ) عليه  في الشريعة الإسلامية !!  لم نشأ التعميم ، فنحن لدينا فكرة عما تعني كلمة ما شاء الله في حقل الدراسات الإسلامية (  الحفظ وثقافة المعلومة والتقليد بادعاء التجديد  ) . ، تكلم سيادته  ، فسألنا صديقنا : ما رأيك ؟ خرجنا والحزن هو شعورنا السائد ، خرجنا بأربع نتائج مهمة :
1- الرجل تقليدي محافظ  يتبع النمط الفقهي السائد !!  يدور مع ثقافة المعلومة ، داخل الإطار ، لا عقلية  إبداعية تجديدية لديه .
2- الرجل متشدد  ، رغم مسوح السماحة والوسطية التي كان يدندن عليها كثيراً .  فاللباس كان على هيأة التسامح ولكن الروح كانت متطرفة إقصائية  .. وكنا على اعتقاد أنه على استعداد لأن يُكفر دون أن يهتز له رمش ، هكذا وكأنه يقول لك  بالعامي ( تفضل ) .
3- الرجل منفصل عن الواقع . ومتشبع بنظرية المؤامرة .
4- الرجل يتبع المنهج الرومانسي ، الذي يصور لنا التاريخ الإسلامي على أنه بطولات ومجد تليد !!!  فيقول (عندما حكم الإسلام  ) !!!! ( يقصد بني أمية وبني العباس والعثمانيون ) …
بعد الحملة التي أطلقتها دار الإفتاء ومشجعيها على خرافة التشيع والزواج من الشيعة وما شابه من هذه الخرافات ، ألفينا نائب المفتي في برنامج تلفزيوني يعطينا محاضرات عن من هو المسلم ومن هو الكافر ويوزع صكوك الإسلام والكفر يمنة ويسرة ..
الشيعة كفار !!!!وقبلها نائب المفتى يكفر العلمانيين والليبراليين في ليبيا ( العلمانيون والليبراليون هنا تعني من ارتد عن دين الله وانتخب التحالف ومن يتجرأ ويتطاول على مقامه الوضيع وينتقد وكيل الله في الأرض ومانح صكوك الإسلام والكفر  سماحة المفتى ونائبه ومن معهما حفظهم الله ورعاهم من كل سوء وانزل غضبه ومقته على أعداء الملة والدين الذين ينتقدوهم )) ..
درسنا أن المفتي لا يُكفر أحداً وإنما يعطي حكماً عاماً كالقانوني الذي يعطي حكماً عاماً فالحكم على شخص أو أشخاص  فهو للقضاء الذي يدرس الواقعة وظروفها وملابستها والقصد فيها  ومدى الحالة العقلية والنفسية للشخص … الخ .. لكن الرجل قال الشيعة والليبراليين والعلمانيين  ليسوا بمسلمين !!!! هذا تطور في التكفير!!!
منذ صغرنا أردتنا المساجد وكنا بعد سنين محل سخط مشايخنا !!! لماذا ؟ لأننا كنا نقرأ  ونكتشف تناقضهم !!! و لأننا اختلفنا معهم في نقاط رئيسية  منها التكفير وأن تأمر قلبك بالبغض والكراهية تجاه من يختلف معك في الملة أو المذهب  . ولسنا هنا في مقام نقاش تأصيلي تفصيلي للموضوع ، ولكننا من ضمن مآخذنا كان أنهم يغتصبون سلطة ليست لهم بلا رقيب عليهم !!!فحتى القضاء يمكن أن تستأنف حكمه !!أم هؤلاء المتألهون في الأرض  فلا !!! فحكم التكفير والشطب والإلغاء يأتي قاطعاً ، هكذا حتى بدون ذكر جملة  ( والله أعلم ) .
التكفير …يخرج لك جوهر من أمامك !!! وطبعاً التكفير هنا يتعلق بالمسلمين ، فمشايخ السلطان يهتمون بالطاعة ومشايخ الجمهور ( في كل المذاهب والفرق والملل  )  يهتمون بالتكفير ، وكلما أبانوا تكفيراً وتشدداً أكثر كلما ظهروا في نظر جمهورهم  بأنهم رجال الحق الذين لا يزايد على ورعهم وإخلاصهم وثباتهم على الحق أحد !!!!
يقول لك نحن لا نكفر أحداً .. وإنما نعطي حكماً عاماً فالتكفير الخاص  للقاضي !!!!ثم تجده لا يكفر شخصاً فقط بل مئات الملايين هكذا بكلمة !!!! تجده يستشهد بابن تيمية وبكتابته في شبابه ، ثم عندما تأتي له بما قاله في آخر أيامه ونقله عنه الذهبي بأنه لا يكفر أحداً من أهل القبلة لا يعجبه كلام ابن تيمية !!!فهو مع الدليل !!!!هو ليس مع الدليل هو مع نفسه وروحه الاقصائية التكفيرية الانتقامية الفائضة بالحقد والحسد والبغض  والتي تعود لعقد نفسية سببها اجتماعي أو اقتصادي …. الخ  .
يقول لك نحن لا نكفر … جميل ، ولكنه يعقبها بجملة اعتراضية ( إلا من كفره الله ورسوله ) !!!ووالله يا لها جملة !!!وياله من تجني على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم !!! أتقطعون على غيب الله يا بشر ؟! ماذا تركتم لله يوم القيامة ؟! وأنت من لكي تمنح لهذا صك الإسلام وهذا صك الكفر ؟! وأنت من يعطيك صك الإسلام وصك الكفر ؟! من أين نأتي لك بنبي  يحكم عليك أمسلم  أنت أم كافر ؟ فأنت لا ترضى بأحد من العامة الدهماء لكي يحكم عليك فأنت الحاكم بأمر الله والكاشف عن ارادته .
يجب أن تشهد ليبيا وكل العالم الإسلامي حراكاً قانونياً لتجريم كل من ينصب لنا نفسه إلهاً في الأرض وينزع الإسلام عن هذا ويمنحه لهذا ، وأن تكون العقوبة رادعة لهؤلاء ولمن خلفهم !!!
نائب المفتي يحدثنا عن زهد ابن ابي طالب ، وتقشف ابن عبد العزيز ، وقول ابن الخطاب عن بطنه ( قرقري ) !!!! نرجوا من سيادة نائب المفتي مفتينا أن يفصح  لشعبه ( والذي في يعتقد  أنهم في أغلبهم دهماء لا يعلمون ) عن مرتبيه وثروته كاملة ( إقرار الذمة  يا شيخ أنسيته ؟!!!!) قبل أن ينظر علينا بهذه القصص والمآثر  .

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً