هل الخطاب العسكري يُقارع الحق المدني في الحياة؟

هل الخطاب العسكري يُقارع الحق المدني في الحياة؟

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

ظهور السيد اللواء أسامه جويلي على قناة ليبيا الأحرار ليلة البارحة الأربعاء ملوحاً، ولو بشكل غير مباشرة، بالتدخل العسكري المرفوض من قبل جميع المدنيين في ليبيا وبدون استثناء. فحق الشعب الليبي في الحياة لا يمكن أن ينازعه فيه اللواء جويلي، ولا حتى معالي القائد العام السيد محمد المنفي. أن الرعب والدمار والموت، وضياع الأمل، وربما القنوط، الذي صنعته الحرب الأهلية، نتيجة الصراع الدولي على الأرض الليبية، خلال العقد الماضي قد أوصل الليبين/ات المدنيين بالكفر بكل من يفكر في العودة للحرب تحت أي مبرر. جميع المدنيين يرفضون وجود المجموعات المسلحة بأحيائهم السنية ويرفضون أن يوظف السياسيين الأذرع العسكرية في صراعهم السياسي.

فتيل الأزمة يظل مشتعلا!

في ديننا الحنيف أبجديات الحياة الإنسانية المدنية تحرم دماء، وأعراض، وأنفس، وعقول، وأموال الناس فمن سيضمنها يا حضرة اللواء جويلي إذا اشتعل فتيل الحرب، بالرغم من أن الكاتب على يقين بأن المشعل المشتعل بيد الدول المتصارعة، وشباب ليبيا هم الوقود. وفاتورة الآليات العسكرية والدخيرة من خزانة الشعب الليبي، والصرف على إعادة الإعمار، جميعها ستكون على حساب الصرف على التنمية البشرية والمكانية. فهل سيسمح العسكريون الذين وقفوا إلى جانب فبراير، واللواء الجويلي منهم، بعدم تتردد الدول المتصارعة بإشعال فتيل الحرب مبدئين رغبتهم في القتل والدمار وانتهاك الأعراض، وهم أنصار الدولة المدنية وحق الشعب الليبي في الحياة.. المعادلة هنا غير متزنة لا يمكن أنصار فبراير والمدافعين عن الشعب الليبي في 2011 أن يتحولوا إلى مشجعين على الحرب والدمار وهم على علم بأن مشعل الحرب يلتهب بيد الدول المتصارعة ينتظرون دعم العسكر.

 حق الحياة والعهد الدولي:

كثر الكلام، بعد انتصار فبراير في 2011م، عن الحق في الحياة الذي يسطره العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتحديداً بالفقرة (أ) من المادة رقم (6) والتي تنص:

” الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا”.

هذه الحقوق لا يمكن ان يعيها العسكري بكل بساطة لأن عقيدته العسكرية ترى في المخالف له عدو، ولا يمكن الرد عليه إلا بالقتل! واليوم السيد اللواء الجويلي لا يمكن أن ينحاز لطرف بحيث يرى في الأخر عدو وخاصة وأن ليبيا تعيش أزمة تتداخل فيها الأطراف المسببة لها والتي تتناقض مصالحها. بل الأطراف الخارجية تلعب الدور الرئيس، وهي الفاعلة، وتظل ليبيا ساحة الصراع، وشبابها وقود الصراع، ومصاريف الحرب من خزانة الشعب الليبي، وكل من يتراءى لنا بأنه يؤدي دور على المسرح السياسي الليبي هو كومبارس لمسرحية الحرب والدمار على أرض ليبيا بإخراج أجنبي.

 الحرب على الجهل فقتل شبابنا ليس الحل

مهما كانت مبررات السيد اللواء جويلي بشأن قبول حكومة باشاغا فشرعيتها مستمدة من برلمان منتهي الصلاحية بل وقررارته تصدر عن، السيد عقبلة صالح، المرفوض من أغلب الشعب الليبي، ومعه عدد قليل ممن يدورون في فلكه، وتظل حكومة الوحدة الوطنية بكل عيوبها الأحدث من بين بقية الأجسام ومع هذا فالسيد الدبيبة لم يعارض أو يرفض الانتخابات بل هو داعم لها شرط ألا يقبل قانون الانتخابات عودة العسكر عبر نافذة الانتخابات. فرفض مزدوج الجنسية والعسكري ينادي به غالبية الشعب الليبي المتطلع لدولة العدل والقانون.

فالتهديد بالحرب هو قتل بالجملة لشباب ليبيا، وإفراغ لخزينة الشعب الليبي، وتأخير لإعادة إعمار لليبيا، فهل هذه طموحاتكم يا من تهددون بالحرب؟ وهذا السؤال موجه لحضرتكم سيد أسامة جويلي بصفتكم من ثوار فبراير 2011؟ والتاريخ يسجل.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

اترك تعليقاً