هل تصلح لغتنا التباوية لعصر التقنية علماً وتعليماً؟

هل تصلح لغتنا التباوية لعصر التقنية علماً وتعليماً؟

كيف نواجه القرن الحادي والعشرين في التعليم اللغوي؟ وفي المواجهات اللغوية؟

وما آثار ثورة التكنولوجيا والعولمة والعالم المفتوح على لغتنا التباوية وتعليمها؟

إن عصر العولمة يطالب التبو بأن يكونوا أكثر إدراكاً لما يجري حولهم، من انتقال سريع للمعلومات، وتبادل واسع للثقافات، فلغتنا لديها من الغنى والسعة مايؤهلها لمواكبة هذا الانفجار المعرفي والمعلوماتي، ولنجاح هذه التقنية مع لغتنا علينا تحديث التعليم بتطوير مناهجه، لتواكب عصر الحداثة، مع المحافظة على أصالتنا في الثقافة واللغة والتراث، فضلاً عن تطوير أهلية المعلّم للتعليم التقني، وتطوير المتعلّم وتأهيله لمتطلبات عصره وتحدياته بالتفكير والإبداع، مع إتقان ثقافة الحاسوب ببرامجه التباوية؛ وهذا يتطلب منا أن نحصّن بيتنا التباوي من الداخل أولاً؛ ونمكّن المتعلّم من لغته التباوية، مهاراتها الأساسية وأساليبها الوظيفية، فيما يخدم مجتمع المعلوماتي الجديد، ومجابهة العالم المفتوح وثورة التكنولوجيا بفكر واع وقلب كبير.

أما آثار استخدام وسائل التقنية في تطوير تعليم اللغة التباوية أمام تحديات العصر فيساهم في تحديث طرائق تعليم اللغة التباوية (تكنولوجيا التعليم) وأنشطته؛ ويساهم في تحقيق أهداف التعليم، ورفع مستوى التدريس، وتحسين عمليات التعليم والتعلّم، وزيادة تحصيل الطالب، فلا يمكن لوسائل الاتصال، والتكنولوجيا أن تؤدي وظائفها كاملة، إلا إذا أصبحت جزءاً متكاملاً من العملية التعليمية، ولابد أن نتبيّن الأسلوب المتكامل في استخدام وسائل التكنولوجيا، لنستثمر إمكاناتها، استثماراً ناجحاً.

ولأن اللغة نسق رمزي، فهي تعبّر برموز محدودة عن أشياء لا محدودة، لذلك أصبحت إحدى الركائز الأساسية للفكر الثقافي الحديث بمختلف مدارسه، ولقد أقامت علاقات وطيدة، مع جميع فصائل المعرفة الإنسانية من فلسفة، وعلماء، وفقهاء، بل وهندسة بعد أن حظيت بفرع للهندسة خاص بها وهو هندسة اللغة.

إذن فلم تعد اللغة مجرد أداة للاتصال ، أو مجرد نسق رمزي ضمن أنساق رمزية أخرى ، بل أصبحت أهم العلوم المغذية لتكنولوجيا المعلومات.

•إذن:

– كيف نهيئ لغتنا التباوية لمطالب عصر المعلومات؟

– كيف نبعث الحياة في كيان هذه اللغة العظيمة تنظيراً وتعليماً واستخداماً؟

– كيف نخرجها من دائرة اهتمام المتخصصين فقط إلى الدائرة الأوسع والأشمل وخاصة بعد أن صار علم اللغة الحديث يستند إلى الرياضيات والهندسة والإحصاء والمنطق والبيولوجي والفسيولوجي والسيكولوجي والسوسيولوجي وأخيراً علم الحاسوب ونظم المعلومات؟

– كيف نهتم بالمعالجة الآلية للغة التباوية، ونعمّم لغات برمجة التباوية، ونستعد للدخول إلى عصر الترجمة الآلية عن طريق اللغة التباوية؟
________________________________

لابد من أن نعلّم صغارنا مبادئ البرمجة باللغة التباوية، وذلك نظراً إلى العلاقة الوثيقة بين البرمجة والفكر من جانب، وبين الفكر واللغة من جانب آخر، وهناك جهود مثمرة في معالجة اللغة التباوية آلياً, حيث أفرزت تطبيقات مطروحة حالياً في الأسواق، وقد شملت بحوث “مركز المعرفة mosko hanadiĩ” خلال ربع القرن الأخير مجالات متعددة في ميدان معالجة اللغة التباوية آلياً، من مثل: (الصرف الآلي، والتشكيل التلقائي، وقواميس الكترونية ..الخ).

وهنا نتساءل كيف يكتسب ابناءنا اللغة الأم؟

هناك محاولة لرسم إطار جديد لمنظومة تعلّم اللغة التباوية، ويقتضي هذا الإطار الجديد ضرورة إعادة النظر في منظومة تعلّم اللغة، فإذا أردنا الحصول على المخرجات التعليمية المناسبة لغوياً، التي تتمثّل في خريجين قادرين على الاستماع مع الفهم، والتحدّث بطلاقة، والكتابة بصحة وسلامة وجمال، وقادرين على القراءة والفهم والتحليل والتفسير والنقد والتقويم، وقادرين على التفكير السليم، وإعادة صياغة الفكر، وتوليد المعاني والإبداع، فإذا أردنا تحقيق ذلك علينا إعادة تنظيم المدخلات التعليمية في منظومة اللغة، والتي تقتضي وجود معلم للّغة التباوية على درجة عالية من الكفاءة.

كما ينبغي تعلّم اللغة بطريقة متكاملة من خلال النصوص التباوية الجميلة، وكما يقتضي اصطناع الجو المدرسي اللغوي الصحي، الذي يحتضن اللغة التباوية، ويجعلها في صميم الفؤاد.

لكن كيف لنا أن نحول تعلّم اللغة تلقيناً من خلال المدرّس، إلى تعلّمها ذاتياً من خلال ممارستها استماعاً، وتحدثاً، وقراءة، وكتابة؟

هذا سؤال كبير.. وهو بالتأكيد يحتاج إلى تحولات كبيرة من أهمها:

– إننا نحتاج إلى إعادة النظر في تعليم اللغة “التلقيني” من خلال المدرّس، والتركيز على التعلّم الذاتي للّغة، الذي يساهم في دفع الفرد إلى التعلّم المستمر مدى الحياة ، وتلبية مطالب المعرفة اللغوية المتجددة.

– يحتاج تعلّم اللغة ذاتياً وتعلّمها مدى الحياة عبر الأنترنت إلى جهود غنية مستفيضة، في مجال علم اللغة، وفي مجال إعداد المناهج، وتصميم البرمجيات التعليمية” فنحن بحاجة إلى برمجيات تعليم للّغة التباوية، وبرمجيات تعلّيمية ذكية، تستخدم أساليب الذكاء الاصطناعي، القائمة على نظم معالجة اللغة التباوية آلياً”.

– نقل الوعي بأهمية اللغة التباوية من مستوى النخبة إلى مستوى العامة، ولابد من أن يتمّ ذلك بالتنسيق مع الإذاعات، والقنوات الفضائية، والصحافة، ومواقع الأنترنت ، فضلاً عن دور الأسرة والمدرسة، ويمكن أن يتمّ ذلك من خلال الثقافة العلمية اللغوية، التي تتمثّل في الموضوعات الآتية: (أهمية دور اللغة في عصر المعلومات، أعراض أزمتنا اللغوية، تراثنا اللغوي، كيفية توظيف اللغة في حياتنا اليومية “أو ما يسمى بالإرشاد اللغوي”، موقع اللغة التباوية على خريطة اللغات العالمية، أثر التعلّم بغير التباوية في هجرة العقول التباوية، أثر التعلّم بغير التباوية في التفكير والإبداع، نظم اللغة التباوية آلياً، علاقة اللغة بفنون الإبداع المختلفة، علاقة اللغة بالعادات والأخلاق والتنظيمات الاجتماعية، علاقة اللغة بالحرية والديمقراطية).

ومن منظور معالجة اللغات الإنسانية آلياً بواسطة الحاسوب أثبتت اللغة التباوية أيضاً جدارتها بأنها لغة عالمية، فبفضل توسّطها اللغوي، يسهل تطوير النماذج البرمجية المصمّمة للّغة التباوية لتلبية مطالب اللغات الأخرى، وعلى رأسها الانجليزية، فقد أثبتت أبحاث لـ”mosko hanadiĩ” إمكانية استخدام نظم اللغة التباوية , والصرف الآلية المصمّمة للغة التباوية في مجال الانجليزية “فالتباوية لغوياً، وحاسوبيا، يمكن النظر إليها بلغة الرياضيات الحديثة على أنها فئة عليا، تندرج في إطارها الكثير من اللغات الأخرى، كحالة خاصة من هذه الفئة العليا.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 8

  • Mussa

    شكراً استاذ حامد على كل هذه جهد مبذولة وعلى توضيح وتفكير بمستقبل أجيال قادمة لك فائق شكر وعرفان

  • مواطن ليبي عربي

    حتى اللغة العربية فى المجال العلمى تجاوزها الزمن بالرغم مما لديها من إرث و ارتباطات كونها لغة القرآن الكريم .. دع عنك محاولة صناعة لغة من مجرد رطانة تختلف مفرداتها بين بطون قبيلتكم. . ولكنى أعلم يقينا إن هذا مشروع مطلوب تنفيذه لغايات بعيده المدى لزرع الشقاق وخلق الفوارق واكثارها بين سكان هذه الرقعة .. حتى الوصول لنقطة عدم قبول التعايش .. فإن كنت لم تعلم ذلك فاعلمه .. وانت تعلمه .

  • سالم الورفلي

    اللغة التباوية لغة عالمية، وهي لغة عظيمة..!
    عن ماذا يتكلم الكاتب ؟ هل عندما يتكلم عن لغة التبو التي تتنوع لهجاتها من منطقة إلى أخرى يعي ما يقول فعلا، أما أنها موضة البحث عن الشئ المختلف، والقول نحن مختلفون..!

  • علي محمد

    أحسنت تعبير د.حامد وماكتبته يعبر عن الكثير فيما يجول في خاطر المجتمع الذي نعيشه .

  • فتحى هويجي

    هل يوجد لدى اللغة التبوية قواميس للمفردات اللغة تسمح لهذه اللغة بتحويلها الى لغة العصرنة !!!

  • علي عبدالله

    فعلا مثلما يسأل السيد سالم الورفلي ( عن ماذا يتكلم كاتب المقال ؟ )
    هل لغة ( الدزقا ) التي لا يجاوز عدد المتحدثين بها ثلاثمئة وعشرة آلاف نسمة لغة عالمية ، وأية عظمة للغة ( التيدا ) التي يتكلمها حوالي عشرة آلاف شخص ؟ ، وما الذي يمنع كاتب المقال من إثبات ادعاءاته عملياً عبر الكتابة بلغته العالمية العظيمة بدلاً من لغة العرب ؟ أليس ذلك أكثر لياقة وانسجاماً مع الذات ؟

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً