هل سيكون حكم رئاسي او برلماني في ليبيا

هل سيكون حكم رئاسي او برلماني في ليبيا

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

“عيدكم مبارك واعاده الله عليكم وعلى الامة الاسلامية بالخير والبركة ولا تنسوا الترحم على الشهداء وزيارتهم”

يجب ان يترك اختيار نوع الحكم في ليبيا الي  الشعب الليبي ومن خلال دستور يتفق عليه اغلبية الليبيين والليبيات.  هنالك جدال كبير بين النخب السياسية والنخب الأخرى حول نوعية الحكم في ليبيا. النخب الدينية لا تستطيع ان تفتي في هذا لأنه من الصعب ان يجدوا فثاوي بخصوص اي من احكم سيكون افضل لليبيا ولكن مشاركتهم مهمة جدا في هذا النقاش وتوجيه الناس حسب ما يقوله الدستور والمنبثق اساسا من الشريعة حيث هي ستكون المصدر الأساسي لصياغة الدستور. الكثيرون من النخب السياسية لهم رأى واضح ونقاش بناء استفذت منها انا كثيرا حول انواع الحكم مما جعلني اكتب هذه المقالة للتعريف بهاذين النظامين تم في مقالتين .اولا التعريف الرئاسي ثم التعريف بالنظام البرلماني ومن بعدها نحلل ما مدي تناسب اي واحد منهما في ليبيا مع المحافظة علي  وحدة ليبيا وقيمنا الدينية والاجتماعية وفي ضل تطبيق حكم  ديموقراطي يضمن حقوق كل الليبيين والليبيات ويحافظ علي امن واستقرار وسيادة ليبيا.

ما هو الحكم الرئاسي

هو نظام يتميز بالفصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية  ولا  لا يجوز ان تتدخل اي من هذه السلطات في السلطة الاخرى. هذا النظام تأسس في امريكا وانتشر حول العالم وهو يتميز بربط الشعب والرئيس مباشرة.  يكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة وهو المسؤول علي السلطة التنفيذية والحكومة تتكون من وزراء يعينهم هذا الرئيس ويقيلهم متي اشاء حسب اداء هؤلاء الوزراء.  تكون الفترة الرئاسية محددة بمدة معينه وفي الغالب 4 سنوات او حسب ما ينص عليه الستور.

بعض صلاحيات الرئيس المنتخب من الشعب ويمثل الحكم الرئاسي

  1. ينتخب الرئيس مباشرة من قبل الشعب
  2. يستمد قوته الشرعية من الشعب
  3. صلاحياته متعددة وخاصة السياسية
  4. هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وممثل الدولة في السياسات الخارجية
  5. يمكن للرئيس تعين اعضاء الحكومة واقالتهم حسب ادائهم
  6. يمكن تعين الاداريين الساميين بالإدارة من قبل الرئيس
  7. له الحق في العفو الرئاسي
  8. هو المسير الوحيد دون انتظار للقانون او اي هيئة اخرى
  9. ليس منفرد بالسلطة ولا توجد له بطانه من حوله
  10. الوزراء يعتبروا مستشارين للرئيس
  11. السلطة القضائية منفصله تماما عن الرئيس

أساسيات النظام الرئاسي

لهذا النظام اساسيات ومتطلبات ليست موجودة في اي نظام سياسي اخر . كل هذه المتطلبات مبنية على مدي تفهم الرئيس لها وكيفية تطبيقها طوال فترة حكومته. كما انها تعتبر مبادي اساسية ومن ضمن استراتيجيات الاحزاب في كثير من الدول والتي تعتمد النظام الرئاسي كنظام حكم لها. هذه المتطلبات والأساسيات هي:

  1. رئيس الدولة منتخب من قبل الشعب  اما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
  2. الفصل شبه المطلق بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ومن الاحسن ان  لا يكون هذا فصل تام
  3. يكون اختيار الوزراء من قبل الرئيس وتسمي حكومة ويطلق عليهم مستشارين للرئيس. هذا يحدث بدون تدخل من السلطات الأخرى ويكونوا مسؤولون أمامه فقط وله الحق اقالتهم متي اشاء
  4. المرونة الحزبية في التعامل مع باقي الاحزاب غير الحاكمة للوصول الى حلول قبل ان تتفاقم المشاكل او تتعطل كل الامور الخاصة بتسيير شؤون الدولة
  5. رئيس الدولة منتخب من عامة الشعب ولديه الاغلبية ولكن نواب  البرلمان يمثلون اقلية وفي دائرتهم فقط . لا يمكن ان تكون لهم صلاحيات مثل رئيس الدولة او الحكومة. لهذا يجب ان يختار الشعب ممثليه من النخب والقيادات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكذلك الدينية.

ميزات الحكم الرئاسي

1- توفير الاستقرار السياسي للدولة خلال فترة حكم الرئيس حسب ما يقرره الدستور
2- يعمل على استقرار الحكومة وتنفيذ  رؤيتها مما لا يتعارض مع البرلمان وذلك لتعزيز الوحدة الوطنية بحكم ان الرئيس منتخب من الشعب وليس لديه كتلة معينه ينحاز اليه او قبيلة ترعاه وتؤمن له فترة رئاسته.
3-  تكون للحكومة فرصة وضمان حرية عملها لاستكمال خططها بعد وضع رؤية واستراتيجيات خلال فترة تولي هذه الحكومة تسير امور البلاد. هذا يسهل علي البرلمان عمله ولكي يناقش الحكومة في اهم المسائل وهي المالية وبدورها تكون عامل نجاح للخطة التنموية المقترحة من الرئيس وحكومته
4-  لا تكون للرئيس اي ولاءات قبلية او جهوية او عرقية او طائفية. يكون ولائه  الا للشعب والذي انتخبه ومن هنا تتلاشى الوساطة وعدم سيطرة عائلة الرئيس علي موارد البلاد وكذلك عدم سيطرة مجموعة معينة علي كل شيء بالبلاد

5-  النخب السياسية هي من سينجح هذه التجربة الديموقراطية وهذا سيكون عامل مهم مع وجود نضج سياسي لدي عامة الشعب حتي تنجح العملية الديموقراطية في ليبيا وتكون مشاركة كل الفئات والطبقات والاقليات في هذه العملية.

عيوب الحكم الرئاسي  

1-  يطمح هذا النظام علي الفصل التام بين السلطات الثلاث (التشريعية، والتنفيذية والقضائية) وهذا غير ممكن . لأنه مهم جدا التواصل بين هذه السلطات لنجاح كل الخطط وايجاد مرونة حتي تتحقق طموحات الشعب

2- ممكن ان يلغي النظام الرئاسي مبدأ المسؤولية السياسية  والتهرب من المسؤولية ولا تعرف من هو المسؤول اذا صارت كوارث سياسية.
3-  البعض يرى انه هدم لوحدة الدولة اذا اتبع مبدي الفصل التام بين السلطات حيث سيكون هنالك تباعد بين السلطات الثلاث وخاصة اذا كان الرئيس  غير ناضج سياسيا او جهوي او لديه طموحات شخصية
4- ممكن ان يؤدي الي الانفراد بالسلطة وخاصة التنفيذية وهيمنة الرئيس سياسيا ودستوريا حتي ينتخب الرئيس عدة مرات. هذا ما كان متبع في معظم الدول العربية مما يؤدي الي غياب كامل للديموقراطية الحديثة وهيمنة الحاكم علي المحكومين واهدار لقدرات وموارد البلاد لتنفيذ طموحات شخصية للرئيس واسرته.
5- النظام الرئاسي يوفر غطاء دستوري وقانوني للاستبداد بالسلطة والديكتاتورية وهذا ما حدث بليبيا ولمدة 42 سنة وكذلك دول الربيع العربي ودول اخري.

خاتمة

النظام الرئاسي يكون جيد اذا كان هنالك فهم لهذا النظام من قبل الشعب ومن قبل النخب السياسية. تثقيف وتوعية الناس مهم جدا وخاصة نحن في ليبيا لم تكن هنالك اي تجربة في السابق. من الحكم الملكي الي حكم القذافي دون ان تكون هنالك اي تجربة ديموقراطية او تبني لأى حكم سوء كان رئاسي او برلماني. الحكم الرئاسي نجح في امريكا وكثيرا من الدول الاوربية. لقد تم خداع الشعوب العربية وشعوب العالم الثالث وحان الوقت للخروج من هذا المأزق. هذا الحكم له ميزاته ولكن يجب ان تتلاشى عيوبه اذا ما اختير الرئيس الواعي سياسيا والذي يحرص علي امن واستقرار البلاد وتنميتها. كما يجب ان يكون هنالك دستور عادل وواضح وشامل لكل ما يحتاجه الرئيس لحكم ليبيا اذا اختار الشعب الليبي هذا النظام. قبل ان نحكم ما هو الانسب يجب ان نلقي نظره علي الحكم البرلماني وسيكون في رساله قادمه ان شاء الله.

الخوض الان والاعلان بان يكون نوع الحكم كذا وكذا من قبل بعض القيادات هو سابق لأوانه ولا نريد ان نضلل الناس. يجب توعية الناس عن ميزات ومأسي  عن هاذين النظامين او الانظمة الأخرى مهم جدا خلال فترة كتابة الدستور الجديد. نحتاج الي وقت وعلي مؤسسات المجتمع المدني والنخب السياسية توعية الناس وتثقيفهم بخصوص هاذين النظامين.

امل ان تكون الرسالة من هذه الورقة قد وصلت وانا سعيد باي تعليق يكون في صلب الموضوع حتى تعم الفائدة والابتعاد عن الاحقاد وتخوين الناس واتمني كل من يعلق ان يكتب اسمه الحقيقي حتي نتواصل مع النخب من اجل بناء كيانات سياسية في ليبيا تكون قوية وفعاله وتهدف الي تنمية ليبيا وشعبها والله الموفق.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

اترك تعليقاً