هل يقيم الشعب الليبي دعوى حجر ضد مصطفى عبد الجليل ورئيس حكومته

هل يقيم الشعب الليبي دعوى حجر ضد مصطفى عبد الجليل ورئيس حكومته

لقد فات الأمر كل الحدود.. بصدور القانون رقم (50) بشأن تعويض السجناء السياسيين منذ الأول من سبتمبر 1969، يبلغ تمادي المجلس الوطني وحكومته الانتقالية المؤقتة حداً خطراً، ينبغي فعل كل ما بالوسع للوقوف ضده وإيقافه. ذلك أن هذا القانون يأتي في أعقاب قرارات وقوانين سبقته، كانت كلها تصب في خانة إهدار المال العام، والتصرف في مقدرات الشعب الليبي على نحو غير مسؤول من ناحية، ومشبوه الدوافع والأسباب من ناحية أخرى.

منذ مرحلة مبكرة، وحتى قبل انتهاء المعارك وإعلان تحرير البلاد، بعد الانتصار الحاسم في معركة سرت، والقضاء على الطاغية المقبور ومن بقي معه حتى آخر لحظة، أخذنا نشاهد كيف يتقرر التصرف في أموال الدولة، على نحو لم يعرف أحد في البلاد كيف يتم، ومن هو المسؤول عنه حقيقة وفعلاً. سمعنا عن قرار منح (الشعب السوري الشقيق) مائة مليون دينار أو دولار، ولم يشرح لنا أحد من قرر ذلك، وبأي صفة، ثم من تولى إيصال هذا المبلغ إلى (الشعب السوري)، وأي طرف ممن اعتبرناهم ثائرين ومناضلين في سوريا استلم تلك الأموال، وهل لدينا كشعب ليبي ما يثبت أن تلك الأموال قد سلمت بالفعل إلى أحد من الثائرين في سوريا، ومن استلمها وبأي صفة.

ثم أخذنا نشاهد ونسمع ما جعلنا نتوارى من الشعوب خجلاً من قصص وحكايات حول ما سمي ملف (الجرحى)؛ إذ شاهدنا كيف صارت أعداد المحسوبين في هذا الملف تتزايد يوماً بعد يوم، بعد شهور من انتهاء المعارك ووضع الحرب أوزارها، وشاهدنا كيف صار يرافق الجريح المزعوم عدد من أهله وذويه وأصحابه، فيسكنونهم في أفخم الفنادق، ثم يمنحونهم مصروف جيب كل أسبوع مبلغاً أكثر مما يتقاضاه مضمون في صندوق التقاعد في شهر كامل. ولقد تحدثت عن هذا الملف المخجل، وتساءلت عن المسؤول عن هذه الجريمة. ومن الذي خول من بصرف تلك الأموال، وكيف يتم الصرف، وهل ثمة سبيل إلى أي نوع من المتابعة أو المراقبة أو المحاسبة على الصرف.

أما ما صرنا نسمعه عما سمي (هيئة شؤون المحاربين) فقد فاق الخيال، وعلى الرغم من أننا لا نعترض على المبادئ النبيلة التي أنشئت على أساسها الهيئة، ونوافق على الأهداف السامية التي حددت لها، من حيث رعاية المحاربين وتيسير السبل أمامهم، كل وفق ما يحتاج أو يخطط لحياته ومستقبله، إلا أننا لم نستطع أن (نبلع) ذلك العدد الهائل الذي تقول المعلومات أنه مسجل في هذه الهيئة تحت بند المحاربين، فثمة من يقول إن المسجلين في الهيئة بلغ (450) أربعمائة وخمسين ألف (محارب!!!)، وهو رقم مذهل وصادم ومفجع، فلو كان لنا في جبهات القتال حتى ربع هذا العدد، لما بقينا نصارع الطاغية المقبور أكثر من ثمانية أشهر، ولما سقط منا ذلك العدد من الشهداء، والجرحى والمفقودين، ولما تمكنت كتائبه الباغية من فعل تلك الأفاعيل التي فعلتها بنا وبأهلنا وبأرضنا وأعراضنا.

ثم فاجأنا السيد المستشار مصطفى عبد الجليل بتلك (المكرمة) التي منحها لليبيين، عندما قرر صرف 2000 دينار لكل عائلة، وزادها (200) دينار لكل فرد أعزب فيها. وتساءلنا في حينها عن الصلاحية التي بنى عليها مصطفى عبد الجليل هذا القرار، ومن خوله التصرف في مال الليبيين بمزاجه ورأيه؟ وكررنا ذلك التساؤل الذي ما انفك يراودنا منذ وقت مبكر حول موقف من يسمون (أعضاء المجلس الوطني) من مثل هذه القرارات: هل يتخذها مصطفى عبد الجليل بمفرده ووفق رأيه ومزاجه الخاص، أم أنه يتخذها بمشاورة المجلس؟ وإذا كان هذا هو ما يحدث، فكيف لا يوجد في المجلس رجال راشدون يقولون له: قف.. نحن لسنا مخولين لفعل هذا.

ولما مرت كل تلك القرارات دون أن تسبب للمستشار وللمجلس وللحكومة الانتقالية أي مشاكل فعلية، ها هم أولاء يتمادون في اتخاذ قرارات أخرى، لا نقول إنها مرفوضة لأنه ليس الوقت مناسباً لاتخاذها، ولكن نقول إنها مرفوضة لأنها تصدر عن فرد أو جهة غير ذات اختصاص. فالسلطات التي يمنحها الإعلان الدستوري للمجلس الوطني ولحكومته الانتقالية محدودة بصلاحية اتخاذ القرارات وإصدار القوانين ذات الصبغة العاجلة الضرورية لإدارة المرحلة الانتقالية، ولا تمتد مطلقاً لصلاحية اتخاذ قرارات ذات صبغة دائمة، أو يكون من شأنها التصرف في موارد مالية دون تخويل من سلطة شرعية منتخبة، أو تحميل الخزانة الليبية أعباء وتعاقدات قد لا تقرها السلطة الشرعية المنتخبة.

وكان آخر هذه القرارات إصدار القانون الذي حمل رقم (50) لسنة 2012، والقاضي بتعويض السجناء السياسيين إبان عهد القذافي تعويضاً مالياً، قدروه بمبلغ (8000) ثمانية آلاف دينار عن كل شهر سجن. وبصرف النظر عن المبلغ والأساس الذي اتبع لتقديره وتحديده، فإننا نتساءل عن الأمر من حيث المبدأ: من خول مصطفى عبد الجليل أو عبد الرحيم الكيب اتخاذ هذا القرار، أو إصدار هذا القانون؟ إنه ليس من حقهم أن يتصرفوا في أموال الشعب الليبي على هذا النحو.. فهل يحق لنا، إزاء كل هذا الذي تقدم، أن نتساءل: أليس من حقنا –نحن الشعب الليبي- أن نعتبر هذا تعدياً على أموالنا وتبذيراً لها، من قبل من ائتمناهم عليها، ومن ثم يجيز لنا المنطق والشرع والقانون أن نرفع دعوى قضائية أو دستورية نطالب فيها بالحجر عليهم، ومنعهم من التصرف؟

أنا لست رجل قانون، ولكني أضع المسألة أمام مواطنينا من رجال القانون، ليفتونا في هذه المعضلة، ويقولوا لنا إن كان لنا وجه حق في رفع مثل هذه الدعوى؟

هاتف: 0954010095

البريد الإلكتروني: info@taled.org


الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً