وثائق تكشف عن وجود تجاوزات مالية كبيرة داخل «المؤسسة الليبية للاستثمار»

كشفت مجموعة من الوثائق المسرّبة التي حصلت عليها «عين ليبيا» بخصوص تجاوزات وشُبهات تحوم حول المؤسسة الليبية للاستثمار والسيد السراج، أن الأيدي الخفية وراء المؤسسة حاولت في أكثر من مناسبة التلاعب بالقرارات، وتحويل الأموال لمكتب مالطا الذي يخضع للتحقيق من قبل مكتب النائب العام بطريقة غير مشروعة وبحجة الصعوبات المالية وعدم القدرة على تسديد رواتب الموظفين، بالإضافة إلى تنصيب ممثلين رغم عدم شرعية الأشخاص الذين قاموا بالأمر.

المؤسسة الليبية للاستثمار خلعت عباءة الاستثمار وتوشحت بصفة مغايرة لنشاطها، لتمارس الاستنزاف بحق أموال وممتلكات الشعب الذي يعاني الضنك، وحيث أن الشرعية منعدمة فيمن تولى إدارة المؤسسة بوصف أن الإجراءات التي اكتسب بها تلك الصفة قُضي بإلغائها، الأمر الذي يدور معه في نفس الفلك ما تقوم به من أفعال، فغير المشروع لن يقوم إلا بالأفعال غير المشروعة، والشيء من مأتاه لا يُستغرب، وكل إناء بما فيه ينضح، وفيما يلي سنكتشف تلك الوثائق المسربة كلٌ على حدة.

الوثيقة الأولى حُررت بتاريخ 1 مايو 2017 وكانت عبارة عن قرار صادر من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بصرف ما قيمته 2 مليون يورو إلى مكتب المؤسسة الليبية للاستثمار في مالطا وذلك لتسوية مرتبات الموظفين وتغطية المصاريف التشغيلية والإدارية الخاصة بالمكتب، ويعتبر الكثيرون أن هذا الأمر طبيعي باعتبار أن المؤسسة الليبية للاستثمار هي مؤسسة تابعة للدولة الليبية، لكن الأمور بدأت تأخذ منحى أخر بعد أيام من هذا القرار لأن المجلس الرئاسي غير مخول قانونياً للتدخل في شؤون المؤسسة التي يحكمها قانون خاص، وفي الوثيقة الثانية سنكشف كيف سارت الأمور بعد قرار الرئاسي.

‎حسب الوثيقة الثانية والتي حُررت بتاريخ 7 مايو 2017 فإن ممثل المحفظة الاستثمارية في الأردن في ذلك الوقت «سامي محمد المبروك»، والذي وُضِعَ ايضاً تحت التحقيق من قِبَل النائب العام قد وقع اتفاقاً مع ممثل المحفظة الليبية للاستثمار في مالطا «أحمد هويدي عموش» بخصوص الدعم المقدم من قبل المجلس الرئاسي والمقدر بـ 2 مليون يورو، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المحفظة الاستثمارية في الأردن قد قدمت الدعم المالي للمؤسسة حتى بلغ قيمة الدعم المقدم 20 مليون يورو لصالحه على الليبية للاستثمار.

واتفق الطرفان في الوثيقة على حصول مكتب المؤسسة في مالطا على المبلغ المُقدم من قِبل المجلس الرئاسي وتشغيله في صرف مرتبات العاملين والإجراءات الإدارية الخاصة بالمكتب في مالطا، على أن يتحمل الأخير مسؤولية جميع عمليات التحويل فيما سبق من حساب المؤسسة في عمان، مع تَكفل مكتب مالطا بإرجاع الديون المقدمة من مكتب عمان والتي تُقدر بـ 20 مليون يورو مضافاً إليها العوائد المالية التي يتقاضاها مكتب عمان على ودائعه لدى البنوك التجارية، وكان «عبد الرحمن شلقم» مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة قد عبّر عن مخاوفه فيما سبق من تعرض ممتلكات المؤسسة الليبية للاستثمار للاستيلاء من قِبَل لاعبين دوليين وبتواطؤ من أطراف محلية وتحقق فعلاً ما توقعه، وفي الوثيقة الثالثة سيتم عرض هذا التواطؤ بشكل أكبر وبوضوح شديد.

‎حيث أظهرت ثالث هذه الوثائق والتي حُررت بتاريخ 13 فبراير 2018 أن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار ورئيسها التنفيذي «علي محمود حسن» قام بتعيين «عاطف ميلود عمران البحري» ليكون ممثلاً للمؤسسة في المملكة الأردنية الهاشمية أمام جميع الوزارات والهيئات والشركات الحكومية بالإضافة إلى تسيير مكتب الشركة في الأردن وتصريف أعماله.

‎وحسب نفس الوثيقة فقد أوكل لـ«عاطف البحري» مهمة تمثيل الشركة ايضاً أمام جميع البنوك مع إمكانية فتح الحسابات وإغلاقها والإيداع أو سحب المبالغ منها باسم المؤسسة.

‎واختتمت الوثيقة بكلمات ذكية أكد فيها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار على أن المؤسسة تُجيز وتُثبت بهذه الوثيقة كل ما يقوم به ممثلها في الأردن بصورة قانونية.

هنا تكمن المشكلة، في عدم وجود شرعية قانونية لإدارة المؤسسة الليبية للاستثمار الحالية بموجب أحكام القضاء الليبي وبموجب الانقسام في الإدارة بين ثلاث أطراف.

كل الإجراءات التي اتُخذت أعلاه غير قانونية وهدفها غسيل وسرقة أموال المؤسسة الليبية للاستثمار وصناديقها وشركاتها التابعة، ولا علاقة لرئيس المجلس الرئاسي قانونياً حسب الأحكام الصادرة ضده بالنسبة للمؤسسة الليبية للاستثمار ولا بإمكانه إصدار تعليمات لشركة فرعية للمؤسسة في هذا الخصوص.

‎هذا وحسب الأحكام الصادرة ضد الرئاسي وقراراته بتسمية «علي محمود حسن» كرئيس للمؤسسة، ليس لـ «علي محمود حسن» صفة لإصدار وكالات نيابة عن المؤسسة. وكشف ايضاً رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار «عبد المجيد بريش» أن “هناك موظفين أنشقوا سنة 2014 من المؤسسة في طرابلس عندما انقسمت بين حكومتين تتنافسان للحصول على الشرعية وهم موجودين الآن في مكتب مالطا”.

وتابع «بريش» حديثه قائلاً: “هؤلاء الأشخاص مطلوبين وموضوعين تحت التحقيق من قِبل النيابة العامة وخلال كل هذه السنوات لم يكن لهم أي عمل، حيث يتقاضون المعاشات والمزايا بآلاف اليولارات من إقامة وعلاج وسفر على حساب المجتمع، وايضاً لم يؤدوا أي قيمة إضافية، وكأن موضوع مالطا هو الشغل الشاغل الوحيد الذي يحتاج اهتمام السيد السراج بدلاً من اهتمامه بمواضيع ذات خطورة تخص المواطن داخل ليبيا”. ‎في سياق متصل قامت المحكمة العليا في ليبيا الوقت برفض الطعن المقدم من المجلس الرئاسي بشأن إيقاف الحكم الصادر والمتعلق بتعيين لجنة تسييريه للمؤسسة الليبية للاستثمار.

‎وحسب الأحكام الصادرة فإن رئيس مجلس الإدارة في ذلك الوقت هو الرئيس القانوني بعد رفض قبول الطعن المقدم تحت رقم 115/2016.

هذا وأكدت المحكمة في قرارها أن اللجنة التي عينها المجلس الرئاسي تُعد «باطلة وذات غير صفة بسبب ضعف شرعيته».

‎وهنا السؤال الذي يجب أن يُجيب عليه «علي محمود حسن»، ما هو هدف تأسيس شركة في الأردن؟ وما هي أغراض هذه الشركة؟

اقترح تصحيحاً

التعليقات: 5

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً