فرنسا: رؤوس خنازير علقت على بوابة مسجد في رمضان

دماء الخنازير تُزكم أنُوف المُسلمين ‏

زار وزير الداخلية الفرنسي المُكلف بالأديان مانويل فالس الجمعة مسجداً بـ”مونتوبان” (جنوب غرب فرنسا) بعد يومين من تدنيسه على أيدي “مجهولين”برؤوس خنازير في إطار ما يمكن تسميته بـ”حرب الخنازير”، لتهدئة الخواطر والمُحافظة على الهُدوء بعد تصاعد الأعمال المُعادية للإسلام ورُموزه في البلاد.

فقد صُدم مُرتادو مسجد مونتوبانـ مثلما صُدمت المدينة قبل أشهر بمقتل عسكريين من قبل محمد مراحـ الأربعاء عندما رأوا رأسي خنزيرين معلقين على أعمدة بوابة المسجد التي لطخت بدماء الخنازير.

وعبّر المُسلمون عن سُخطهم عن هذا “الفعل المُقزّز”، وسط صمت إعلامي شبه تام لا يرتقي إلى صخب “مجزرة” تولوز، المدينة المُجاورة، والتي هزّت فرنسا من الأعماق.

وكان من بين أبرز السّاخطين إمام المسجد، الشيخ محمد حاجي، الذي استنكر هذا “العمل المُشين في رمضان المبارك”.

كما ندّدت رئيسة بلدية المدينة، اليمينّة بريجيت باريج بما وصفته بـ”العمل الشّنيع والحقير”.

هُجوم على الجمهورية

أما وزير الداخلية، الإشتراكي، فقد سارع إلى الإعراب عن سُخطه على “هذا العمل الفاحش الذي ينال من كرامة المسلمين”، في رسالة بعث بها الأربعاء إلى إمام المسجد، مؤكّدا له “عزم أجهزة الأمن على الكشف عن المسؤولين وتقديمهم للعدالة ومُعاقبتهم”.

ثم قام بزيارة رسمية وسط تغطية إعلامية مُكثّفة، فـ”البلاد تحتاج إلى التهدئة وإلى الوفاق”، كما قال.

وأضاف فالس أن “هذا الفعل مُثير للاشمئزاز”، وأن “هناك رغبة في تلطيخ وتقويض ثاني ديانة في فرنسا”، وأن “السّلط العُليا في الجمهورية لا تقبل بهذا النوع من الأفعال لأن الهُجوم بهذه الطريقة على ديانة هو هجوم على الجمهورية”.

شبح “مجزرة تولوز”

والجدير بالذّكر أن الأعمال المعادية للمسلمين سجّلت هذا العام زيادة تقدر بـ65.14 في المائة، مُقارنة بالسنة الماضية لنفس الفترة، بحسب “المرصد ضد الإسلاموفوبيا”. قد اعتبر رئيس المرصد، عبدالله زكري، أن تدنيس المسجد هو “عمل مُهين وعُنصري”، دون اتّهام جهة مُعيّنة.

وكانت مدينة “مونتوبان” صُدمت في مارس/اذار الماضى عندما اقدم الشاب الفرنسي الجزائري الأصل محمد مراح على قتل اثنين من المظلّيين في هذه المدينة قبل ان يتوجه الى مدينة تولوز حيث قتل جنديا اخر وأربعة يهود بينهم ثلاثة اطفال. وردّت السلطات الفرنسية بسرعة على الحادث. وقُتل مراح على الاثر برصاص الشرطة في الشهر نفسه.

حرب الخنازير

وهذه ليست المرة الأولى التي يُدنّس فيها مسجد في فرنسا برؤوس أو بأقدام خنازير.

كما تعرّضت مساجد في فرنسا أكثر من مرة للتّخريب ورُسمت الصّلبان المعقوفة والشّعارات العُنصرية على جدران بعضها. وأضرمت النيران في أحدها، وحدث ذلك بداية شهر رمضان.

وقد وقع تدنيس مسجد شرق فرنسا برأس خنزير في أكتوبر/تشرين الأول 2006، في أول أيام عيد الفطر.

واستُهدفت مساجد برؤوس أو أقدام أو قطع لحم الخنازير في العديد من البلدان الغربية مثل بريطانيا والدنمارك واستراليا، وغيرها.

في استراليا على سبيل المثال، تُوّجت منذ أشهر مُظاهرة مُطالبة بوقف بناء مسجد بوضع رأس خنزير على سوره.

أما في بلجيكا فقد أجبرت مجموعة يمينية متطرفة منذ حوالي أسبوع في بروكسل تلاميذ مسلمين في المرحلة الثانوية على أكل لحم الخنزير.

تعليق ثم تراجع

والجدير بالذّكر أن تدنيس المسجد بـ”مونتوبان” حدث عقب تراجع بلدية “جونفيلييه”، بالضاحية الباريسية، عن تعليق عمل أربعة منشّطين مسلمين بعد أن رفضوا الأكل والشرب خلال تأديتهم لعملهم في مرافقة الأطفال خلال الرحلات الصيفية، وهم صيام.

وقالت تقارير صحفية أن البلدية تراجعت عن قرار تعليق العمل ـ الذي أثار جدلا في الأوساط الإسلامية ـ لتجنّب استغلاله سياسيا.

ورحّب مدير المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، محمد موسوي، في تصريحات صحفية بتخلّي البلدية عن إجبار المُشرفين ‏على المخيمات الصيفية للأطفال على تناول الطعام والشراب خلال شهر رمضان. وكان موسوي قد اعتبر قرار التعليق “غير قانوني، لأن فيه تعدي على حرية المُعتقد”.

انتهى استخدام الإسلام لأغراض سياسية

وتزامن تراجع البلدية عن قرارها مع تصريح لمانويل فالس في الرباط بعد لقاء مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، قال فيه بأن “زمن استخدام الحكومة الفرنسية الإسلام لأغراض سياسية قد انتهى”.

وأعرب عن أمله في أن “يُمارس المسلمون في فرنسا شعائرهم باطمئنان في ظل قوانين الجمهورية”.

وكان فالس قد وعد الأسبوع الماضي بإدخال تعديلات على قوانين الحصول على الجنسية الفرنسية وتعهّد بمراجعتها وفق مُقاربة “شريفة وإنسانية”.

وانتقد الوزير سياسة الحكومة اليمينية السابقة لحرمانها لعدد من الأجانب ـ أغلبهم عرب ومُسلمون ـ من حقهم في الحصول على الجنسية رغم توفرهم على الشروط اللازمة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً