أمسية شعرية في مقهى بيت الفزاني الثقافي

أمسية شعرية في مقهى بيت الفزاني الثقافي

د. ملك مصطفى

رئيس الشبكة الدولية لحقوق الإنسان والبيئة، أدبية وشاعرة

وكأن القصيدة كانت تبحث عن مكان جميل مغناج يروق لها، فتشدو فيه صبابة وعشقا، وتناجي الحبيب والأرض والوطن، فالقصيدة تتماهى في حضرة المكان إن تناغما، فالطير لا يغني طربا إلا في الجنان.

نساء خالدات على مرّ الزمن: لم يتوقف الزمن عند النساء الخالدات، اللواتي درسنا عنهن وقرأنا الكثير من الكتب، ليكن لنا المثل والقدوة، لنتعلم من تجاربهن وما قدمنه للبشرية، ونحاول جاهدات ومجتهدات ليكون مرورنا في هذه الحياة ليس عبثا، وإنما لنترك فيها بصماتنا في خدمة العلم والثقافة والعلاقات الإنسانية، خدمة للمجتمع الذي نعيش فيه واحتراما للوطن الذي قدمنا منه، وكما تعلمون، لكل زمن نساؤه ورجاله من الذين نفتخر بهم ونشعر بضرورة الحديث عنهم.

في هذه الأسطر القليلة، لن أتحدث عن السيدة خديجة بنت خويلد، أولى زوجات النبي، عليه صلوات الله، ولا عن السيدة مريم العذراء، ولا عن ماري كوري أو الأم تريزا، أو سيمون دي بوفوار… لا مجال هنا لتعداد النساء والرجال الذين قدّموا للمجتمعات ما يُنيرها ويرفع من شأنها، فهم كثيرون، إنما أردت ذكرهم لأنهم قدوة لنا لابدّ من الإعتراف بذلك.

قبل أيام، كنت أعمل على إحياء أمسية شعرية احتفالا بالعيد، باسم المنتدى الثقافي العربي البريطاني في لندن، كوني مسؤولة الثقافة، فسألت عن المكان لأتعرف عليه وعلى القائمين عليه، لأن القصيدة تبحث عن مكان تتماهى فيه وتتقاطع اعتلاجاتها لتفضي إلى رؤيا… فوجئت بمكان غنيّ بكل شيء، وغنيّ عن التعريف، لأول مرة أشعر وكأنني ببلد عربي حلم فيه كل ما أبحث عنه، من ترحيب وضيافة، من خلال المساحة والضوء، من خلال الإبتسام والأناقة، من خلال نظرات حب ووقار، علما أنه لم يمضِ على افتتاحه ثلاثة أسابيع.

بيت إيمان الفزاني: أدهشتني السيدة إيمان، السيدة الليبية المثقفة الراقية بحضورها المميز، أنوثة وعلم وذوق، أدهشتني رقّتها وهدوءها ولمساتها الموزعة في كل مكان، سواء على الجدران من خلال اختيار اللوحات والأعمال الفنية، أو من خلال المفروشات المليئة بالحياة والأصالة، والموزاييك الدمشقي والليبي والمغربي، من خلال الحلويات الموزعة بأناقة وكأنها تحث من يراها على أن يطلب قطعة من كل صنف عربي موجود.

السيدة إيمان الفزاني صاحبة المقهى، جمعت في حلوياتها الوطن العربي، إذ وضعت من كل بلد عربي ما اشتهر به، وكذا فعلت بالأعمال الفنية والمفروشات ووجبات الطعام وكأنها تريد أن تحقق حلما يراود كل العرب، حلم الاتحاد، حلم بأن يكونوا سوقا مشتركة ويدا واحدة، لأنهم يملكون كل شيء من ثروات متنوعة، من أصالة وتاريخ عظيم، من علم وثقافة ولغة من أغنى لغات العالم.

أدهشتني السيدة إيمان الفزاني بإصرارها على العمل والنجاح في زمن كثُرت فيه المشاكل السياسية والاقتصادية والإنسانية، ولكي أكون منصفة، يجب أن أقول أنني ومنذ وقت قصير تعرفت على نساء ليبيات كن مثالا للمرأة المثقفة الواعية، العاملة المجدة.

في طرابلس الليبية تعرفت على نساء رائعات علما ومعرفة، في الجهد المتواصل لرفع شأن الوطن حبا فيه وحرصا عليه وعلى وحدته.

بودي أن أذكر أن مقهى بيت الفزاني الثقافي مفتوح للجميع، لزيارته والأكل فيه، ولإقامة المعارض بكافة أنواعها، وللتعرف على السيدة الليبية إيمان الفزاني وهي قدوة ومثل أعلى كالكثيرات من النساء الليبيات اللواتي أفتخر بهن.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ملك مصطفى

رئيس الشبكة الدولية لحقوق الإنسان والبيئة، أدبية وشاعرة

اترك تعليقاً