إحاطة باتيلي الثامنة والعودة لمسار جديد

إحاطة باتيلي الثامنة والعودة لمسار جديد

عام مضى على تكليف الحاج عبد الله باتيلي مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

استلم مهامه في فترة جمود سياسي، وصلت فيها ممانعة أطراف النزاع الرئيسية في ليبيا إيجاد توافق نهائي حول قاعدة دستورية لانتخابات عُرقِلت وأُجلت وطال أمد انتظارها، مرورا بفصول من ابتكار هذه الأطراف لأعذار ومبررات عدة، وسوقها لذرائع المماطلة في تحقيق ما طلب منها، وانقضاضها على أي محاولة لإنجاز القاعدة بعيدا عنها.

الاثنين 16 من أكتوبر 2023 ومجلس الأمن يتجهز للنظر في قرار تمديد ولاية باتيلي وبعثته إلى ليبيا، وجد باتيلي نفسه ملزما في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي للاستناد على أي شيء أنجز من أصحاب الملكية الليبية للعملية السياسية، ليضعه حجر أساس لخطته التي استغرقت منه العام بأكمله لينجزها ولم ينجزها، بسبب الحدق السياسي الذي جوبه به مشروعه من رئاستي البرلمان والدولة والأطراف الواقفة خلفهما.

واليوم يبدو أن صبر البعثة قد نفذ على لعبة رئاستي النواب والدولة – بتبادل دور القبول والممانعة من أجل عرقلة المسار الحالي والبقاء في السلطة – فوضع عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن ما أنجزته لجنه 6+6 – وليدة التعديل الثالث عشر الذي صاغه طرفي اللعبة لمماطلة باتيلي يوم أعلن عن عزمه تجاوزهما وتشكيل لجنة رفيعة المستوى – إذ أعلن باتيلي أن قوانين 6+6 تقدم في مسار العملية الانتخابية، ولكنه في ذات الوقت ليس كل ما يحتاجه هذا المسار، حيث ثمة استحقاقات لم تنجز، وملاحظات سياسية لا زالت تُعيق تنفيذ الانتخابات بهذه القوانين، لكنه مع ذلك وصف هذه القوانين بأنها وفرت الحلول الوسط للنقاط الجدلية السابقة، ومضت في المسار المرسوم لها دستوريا وفق التعديل الثالث عشر، مؤكدا أنها سُلِمت من 6+6 إلى البرلمان الذي اعتمدها وأحالها للمفوضية التي أعلنت استلامها بشكل رسمي.

كما أرسل برسالة بين السطور للمجلس الأعلى للدولة بأن معارضته لهذه القوانين خيار له، لكنه خيار سياسي يضعه في محل من يريد نسف العملية السياسية برمتها، ونصحه بدبلوماسية العدول عن هذا الخيار الذي لا طائل منه.

من الناحية الشكلية كل الأطراف المحلية والدولية تعلن رغبتها في إنجاز المسار الانتخابي، وبعيدا عن النوايا وصدقها فإن كل هذه الأطراف عندها ثمرة ما تسعى لها، قد لا تكون في الغالب الانتخابات، وقد تكون الثمرة لبعض هذه الأطراف حكومة تمثل ليبيا.

عبد الله باتيلي ذكر أن من ضمن العراقيل التي وضعها التعديل الثالث عشر وصاغتها 6+6 في قوانينها هي مسألة الحكومة الموحدة، التي لا يخفى على أحد أن إيكال أمر تشكيلها للمجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب هو إطلاق رصاصة في مقتل على العملية السياسية، وإيقاد لفتيل نزاع جديد.

ولكن كيف السبيل وأطراف دولية ومحلية صرحت بضرورة تشكيل هذه الحكومة، والتي وصفها البعض أنها حكومة مصغرة، أو حكومة تكنوقراط، أو حكومة انتخابات.

باتيلي وضع إجابة واضحة على هذا السؤال على طاولة مجلس الأمن، حين عبر صراحة عن مبدأ ولاية مجلس الأمن لمنع حدوث نزاع، وقراراته الحاكمة على الحالة الليبية، وطالب المجلس فرض قبول كل الأطراف لعدم السعي في تشكيل هذه الحكومة بشكل أحادي، وضرورة إحياء لجنة حوار لمسار سياسي جديد، يكون صلب عملها إيجاد هذه الحكومة، وربما حتى تضمين التعديلات اللازمة على ما أنجزته لجنة 6+6 من قوانين، حال ما رغبت وقتها الإرادة الدولية في إنجاز انتخابات في ليبيا.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

رمضان معيتيق

كاتب صحفي

اترك تعليقاً