إحياء مولد الرسل بين التبديع والتبجيل

إحياء مولد الرسل بين التبديع والتبجيل

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

(كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار…).

هذا الحديث يجب أن يؤخذ في سياقه الصحيح فقد قاله الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطبا المسلمين وهو يبلغ الدعوة الإسلامية التي كلفه بها الله دينا واحدا قيما لكل البشرية.

ومعنى ذلك أنه ما لم يأت به الرسول من عند الله في الدين وأحكامه ومعاملاته مرفوض وممنوع قطعا وذلك لأن الرسول قد أدى الأمانة وأكمل الرسالة ووضح ذلك في خطبة الوداع حين قال: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.

فإلى هنا يعلن الرسول أنه لا جديد في الدين وأن كل ما يأتي من محدث بعده في الدين فهو من البدع المنكرة قطعا.

الاحتفال بمولد الرسل ليس من باب العبادات والدين فهو أمر دنيوي متروك للبشر ما لم يؤدي ذلك إلى مساس بالعقيدة وأركانها.

المسلمون مثل ما يحتفل المسيحيون بعيد ميلاد عيسى رأوا أنه من باب التبجيل أن يحتفلوا بميلاد محمد تعبيرا عن حبهم له وتمسكهم به رسولا ونبيا ولهذا لم يحتفلوا بذلك في حضوره إلا بعد وفاته كما جرت العادة.

هناك من يقول إن للمسلمين عيدان فقط “عيد الفطر وعيد الأضحى” وهذا صحيح وثابت لأن لهذين العيدين ارتباط وثيق بالدين والعبادة وليس مجرد تعبير عن الفرح كما يظن البعض.

عيد الأضحى جاء ليؤكد قيمة الرسل والأنبياء من عند الله لدى البشر ومقدار الامتثال لأوامر الله وحجم التضحية التي تجعل النبي إبراهيم يضحي بابنه إسماعيل تصديقا وامتثالا لأمر الله وما يتركه ذلك من أثر لدى المسلمين من بعده فحق أن كان عيدا مباركا.

عيد الفطر جاء بعد قضاء فريضة صيام شهر رمضان وفي ذلك تثبيت لقدسية الصيام كعبادة لله تستوجب من المسلم أن يفرح بعد أدائها.

مجمل القول علينا أن نفرق بين العيدين كشعيرة دينية صرفة وبين الاحتفال بمولد الرسل كتعبير عن التبجيل المفوح بالفرح وإبعاد لفظة البدعة عن هذه العادة التي تعود عليها المسلمون.

ينبغي أن نبتعد عن الإفراط في الحديث والتركيز على هذه المناسبة وخاصة من قبل مشايخ الدين لأن في ذلك زيادة في حدة التمسك بها من قبل البعض عنادا وأن نتركها حدثا عابرا يمر بدون تضخيم.

كما ينبغي عدم الإفراط في الاحتفال والبهارج واستخدام الألعاب النارية لأن هذا لا يليق بقدر وتبجيل رسول البشرية إن كنا فعلا مسلمين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً