السياسة الدفاعية والأمنية في ظل حكومة أزمة

السياسة الدفاعية والأمنية في ظل حكومة أزمة

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

من بعد الاستقرار السياسي وقبول مرحلة انتقالية أخيرة وحكومة أزمة بمشروع والبدء في الاجراءات الخاصة بالتنمية الاقتصادية يأتي خط الدفاع والأمن على التوازي مع البرنامج الاقتصادي، بل لو وقفنا برهة للتفكير لوجدنا أن ترجمة الميزانية في حل تنموي اقتصادي سيتحول مباشرة إلى فرص عمل للشباب مباشرة وغير مباشرة وسيمنحهم قروض لتمويل ما يختارونه من مشاريع صغرى ومتوسطة تغنيهم على مكافآت المجموعات المسلحة وخط رجعة لسابق أعمالهم المدنية، إضافة إلى تمويل إسكان الشباب.

عندما لا يُحترم خروج الناس سلمياً!

ظن القذافي بممارسته المسرفة في العنف ضد معارضيه سيسكت أفواه الشعب الليبي إلى الآبد! ولكن تفاجأ القذافي بأن أبناء وبنات ليبيا كانوا على موعد في 2011 مع القدر ليصرخوا في وجهه: ” مطلبنا الحرية والعدالة الاجتماعية” ومرددين .. ارحل عن سماء ليبيا.. وبالرغم من اقتناع المجتمع الدولي بانتهاء عهد القذافي بعد خروج الناس عُزل مواجهين رصاص كتائبه الأمنية ولجانه الثورية إلا أن تعنته في عدم الانصات لهدير الشارع المطالب برحيله، واستمراره هو في غيه بقتل الناس، دفع بالشباب لحمل السلاح دفاعا عن العزل من مئات آلاف الناس الرافضين لنظام الجماهيرية “الغوغائية”!

تدافعت بعض الدول الإقليمية لتأطير الشباب في مجموعات مسلحة وتمويلهم، مستغلين بعض التوجهات السياسية والإيديولوجية، ومستعينين بغياب النضج الفكري والسياسي وحتى الايديولوجي عند الشباب.

الجيش بعقيدة الوطن صمام آمان:

قد لا نختلف كثيرا مع الليبين/ات في أن معمر القذافي دمر الجيش الليبي بإقحامه في حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل. بل بعد أن توالت محاولات الانقلاب عليه قرر أن يطلق رصاصة الرحمة عليه في حرب تشاد وكان من بين ضحاياها السيد خليفه حفتر الذي اقتيد أسيرا ! والواضح أن القذافي ضحى بأمن الوطن مقابل آمنه هو فأعتمد على الكتائب الامنية التي تحرسه وكذلك المتطوعين من أعضاء اللجان الثورية. وبذلك ضمن إلى حد كبير آمنه هو وبدون أن يعبأ بأمن ليبيا.

المفارقة أنه وبعد انتقال شعلة الانتفاضة من تونس إلى مصر لعب الجيش دور المُأمن على سلامة الوطن ومؤسسات الدولة. وأقنعت المؤسستين العسكريتين بضرورة انسحاب المتربعين على رأس السلطة السيد زين العابدين والسيد حسني مبارك دون الإخلال بأمن البلاد وسلامة شعبها واستقرارها. على العكس في ليبيا انتشرت الحرب الأهلية للأسباب التالية:

· غياب مؤسسة عسكرية حقيقية بعقيدة حماية الوطن.

· تسريح أصحاب السوابق الجنائية وكذلك المعارضين من السجون، بل وتعدى الأمر لتسليح البعض منهم وشرائهم بالأموال.

· فتح مخازن السلاح المنتشرة على أطراف المدن الليبية.

· ضخ الكراهية التي نجح القذافي في صناعتها من خلال وسائل إعلامه المضللة .. بعد أن أوهم البعض بانهيار نظامه سيتم استعبادهم أو خسارة ما اعطاهم القذافي من أملاك الناس التي أغتصبها النظام بحجج البيت لساكنه، والسيارة لمن يقودها، والتجارة ظاهرة استغلالية، والأرض ليست ملكا لأحد.

أكبر دافع للحرب الأهلية في 2011 أنه لم يكن لليبيا جيشا بعقيدة الوطن يحمها بعد أن فككه معمر القذافي مما سمح بانتشار الفوضى الأمنية والاقتتال ولا نبالغ لو قلنا مزاولة ابشع أنواع التعذيب والانتقام من الجميع.

بديل عن السلاح واستيعاب الشباب:

صحيح رجوع الاستقرار في ليبيا يتطلب توافق سياسي جديد وظهور حكومة أزمة خارج المجلس الرئاسي، تعمل على استيعاب الشباب في مشاريع متوسطة وصغرى وخلق فرص عمل لهم من خلال رفع وإصلاح مستوى الخدمات في قطاعات المواصلات والصحة، والتعليم ، والزراعة. خلق التنمية الاقتصادية سيعزز الأمن بتحول الكثير من المنطوين تحت كتائب مسلحة إلى الحياة المدنية. أما بالنسبة للشباب الذين تتوفر فيهم شروط الالتحاق بالمؤسسة الدفاعية أو الأمنية فتمنح لهم الفرصة الانضمام لها وتيسر لهم إجراءات الانخراط رسمياً.

بتوفر إرادة رئاسة الدولة وكذلك الحكومة وجديتهما يمكن طرح خيارات أمام الشباب مع مشاريع الخدمات المدنية أو فتح باب القبول لهم للمساهمة في بناء المؤسسات الدفاعية والأمنية. مما تقدم نستطيع أن نخلص إلى أن الشباب الذين حملوا السلاح وتشكلوا من بعد في مجموعات مسلحة وقعوا ضحية الصراع السياسي الممول من أطراف دولية، وبحيث يرتقي المؤشر الأمني على حكومة الأزمة التركيز على الخطيين المتوازيين لاستيعاب الشباب وهما:

· مواطن شغل ضمن الحياة المدنية من خلال مشاريع للبنية التحتية وإسكان الشباب.

· فرض هيبة الدولة يتطلب إنشاء مؤسسات دفاعية بعقيدة حماية الوطن والدستور، وأمنية تهدف لحماية المواطن وضمان تطبيق القانون، مع ضبطهما ضمن إطار مفهوم خضوعهما لحكومة مدنية.

الحيادية وتجفيف مصادر السلاح:

نعم تحتاج ليبيا بأن تجعل سياستها الخارجية حيادية وعليها أن تقف على مسافة واحدة من جميع الدول وخاصة الدول الإقليمية. لذلك يجب استبعاد الدول من التدخل في الصراع الوطني. وهذا يتطلب أن تقدم الدولة الليبية التماسا إلى مجلس الأمن تجرم فيه تزويد أي مجموعات مسلحة بالسلاح واعتباره مخالفة قانونية دولية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

التعليقات: 2

  • عبدالحق عبدالجبار

    استاذ دكتور فتحي ابوزخار المحترم …. هل انت فاهم ما يحدث الان … انها سياسة نعم مدروسة من اسياد في من تحدث… هؤلاء ينفدون سياسية اسيادهم و معظمهم لا يعلم لماذا … أ د فتحي ابوزخار …انها سياسة قتل إرادة شعب …. سياسة احتقار شعب…التجويع و الترويع و الطوابير هذه اداء … اما النتيجة كما تري …الابتعاد علي الدين الصحيح …قتل النفس والعزة والكرامة الشعور بعدم الانتماء حتي لا يفكر هذا الشعب في التحرك مرة اخري وليس التحرك بل سوف ينسي كلمة لا …الشعب الجديد سوف يكون شعب …نعم سيدي …. في من تكلم يا اخي إنقاذ ماذا … وازمة ماذا ان كان هم وقود الازمة ؟!!!!!!!

  • فتحي سالم أبوزخار

    أخي الفاضل أستاذ عبد الحق أقدر لوعتكم على الوطن .. ولكن علينا أن نعي بأن لكل مشكلة حل .. ولكن علينا ان لا نتوقع باستخدام نفس الأدوات سنصل إلى نتيجة مختلفة .. وبالعمل والإصرار والصبر سنصل لحل بإذن الله

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً