العزل السياسي بين الهرطقة الدستورية واهانة القضاء

العزل السياسي بين الهرطقة الدستورية واهانة القضاء

لقد كنا مع غيرنا من المنادين بوضع شروط للترشح لعضوية المؤتمر الوطني العام، لكي لا نشاهد ما نشاهده الآن من هرطقات دستورية و قانونية من منظري العزل السياسي.

أما ما نشاهده من مقالات ومداخلات ونقاشات مرئية ومسموعة من عشاق ومشجعي العزل (فهو أصبح كنادي) فشيء يدعو للخجل لمدى الركاكة والبساطة الدستورية والقانونية عموماً.

كارثتان قانونيتان من بعض منظري هذا القانون في مؤتمرنا العزيز وخارجه. الخبراء الدستوريون والقانونيون في مؤتمرنا وخارجه اقترحوا اقتراحين لإمرار العزل السياسي لا يفوه بهما إلا شخص ينظر باحتقار وازدراء استخفاف لمصطلحات كدولة القانون والقضاء ا لمستقل وحقوق الإنسان، أو شخص جاهل لا يفقه مما يقول شيئاً . فهو أشبه بمصارع أو ملاكم متطفل على الفن ممسكاً بريشة رسام !! ربما سيستخدمها للضرب أو حتى القتل لا الرسم.

ما هما يا فلاسفة الحقوق ، يا تنويريين، يا دعاة دولة القانون والقضاء المستقل ؟ الأول : وضع مادة في القانون تمنع من الطعن عليه دستورياً أمام الدائرة الدستورية في محكمتنا العليا!!!! (يا سلام) على هذه العبقرية القانونية!! ما هذا؟! عقليات بسيطة تظن أن الحل العبقري لمنع الطعن الدستوري على القانون هو بوضع فقرة في القانون تحصنه من الطعن!!!!!! محكمتنا العليا سترمي بهذا القانون في سلة المهملات في أول جلسة للطعن على هذه المسخرة وأعضاؤها يقهقهون.

أما الاقتراح الثاني فوا أسفاه على مثل هذه الفكر في القرن 21. يخرج علينا عمالقة الدستور ليقولوا : الحل هو تعديل الإعلان الدستوري لنمنع من الطعن على العزل السياسي!!!! ، هذه عقلية كل إقصائي متشبع بثقافة القذافي ومبارك وبشار ومن كان على شاكلتهم على مر الأزمان والعصور!!! هذا يظن أن الدستور ينشئ الحقوق !!! في حين أن الدستور ليس ذا طبيعة منشأة للحقوق بل طبيعة كاشفة. أي أن هذه الحقوق أسبق في الوجود على الدستور.. بخلاف النصوص التنظيمية كشكل الدولة أو طبيعة النظام السياسي فالدستور يكون ذو طبيعة منشأة.

ما الفرق بين الاثنين الذي لا يعرفه هؤلاء ؟ الفرق أن شرعنة وشرعية هذه الحقوق لا تُستمد من الدستور بل من القانون الطبيعي بالنسبة للدول العلمانية أو الدين والقانون الطبيعي بالنسبة للدول غير العلمانية .. بخلاف النصوص ذات الطبيعة المنشاة ، فهي التي تعطي الشرعية لما يترتب ويتمخض عنها.

فمثلاً حق الحياة ، وحق كل شخص في ألا تسلب حياته إلا بمقتضى حكم قضائي في محاكمة عادلة ونزيهة من أهم الحقوق التي تنص عليها الدساتير. وهذا الحق أسبق في الوجود على الدساتير .. ولكن عقلية مثل هؤلاء تظن أن بتعديل هذه المادة والسماح بقتل ناس بعينها يصبح شرعياً طالما أستند إلى هذا المسخ الدستوري. وهو ما فعله فرعون مصر الأخير ، حسني مبارك ، فبعد أن ضايقته وزمرته بعض نصوص الدستور المصري قام بفضيحة تعديل الدستور المصري لتصبح مصر دولة بوليسية وقمعية بنص الدستور.

العرابون في كل مكان ، ومثل هذا المسخ القانوني المسمى عزلاً سياسياً له عرابون هو كذلك . فخرج علينا أحد جهابذة العلوم السياسية ، والذي يبدوا أنه متشرب ثقافة دكتاتور ليبيا السابق ، ليبين لنا فيلسوف الحقوق هذا ، أن هناك فرقاً بين حقوق الإنسان !! ( يا عيني ) فمن الحقوق ما يقبل نزعه من الإنسان لفترة معينة لحالة الضرورة !!! (الله أكبر) ..
حالة الضرورة … وحقوق الإنسان تختلف !!! حالة ضرورة لعشر سنوات !!!! هذا يبدوا أنه راضع ثقافة أنظمة البعث ، حيث حالة الضرورة (كحالة الطوارئ) تدوم لعشرات السنين ..أما أن حقوق الإنسان تختلف فنعم ولكن ليس كما بين عراب الإقصاء والظلم هذا .. فهناك من الحقوق ما تلتصق بالإنسان منذ ولادته كالحق في الحياة .. ومنها ما يتأخر حتى يبلغ الأهلية القانونية (بلوغ سن 18 أو 21 حسب اختلاف البلدان) كحق الانتخاب أو الترشح وإدارة الأموال .. وليس كما بين عراب الإقصاء هذا بأن الاختلاف يكون بأنه يجوز أن يحرم الإنسان من هذه الحقوق بخلاف تلك.

نعرف أن كلامنا قد لا يعجب البعض ، فللأسف هناك شريحة لا تنظر إلى المبادئ والقيم التي ناضلت البشرية من أجل ترسيخها قروناً ودفعت مئات ملايين الأنفس لذلك ، هؤلاء لا ينظرون إليها ولا يشيرون إليها إلا من خلال المصلحة الضيقة ، شخصية كانت أو عائلية أو حزبية أو جهوية … فكم تباكى هؤلاء أمام الفضائيات بمصطلح حقوق الإنسان ودولة القانون والقضاء المستقل ودولة المواطنة والحقوق و الحق والعدل قبل أن يزول نظام القذافي ، أو وقت أن كانوا في المنافي أو في ليبيا !!!ما الذي تغير ؟!! نتفق على أن المبادئ والقيم لا تتغير ، ونحن نؤكد أن هؤلاء لم يتغيروا ، بل كان خطاباً مصلحياً ضيقاً ، فسقطت ورقة التوت عنهم و بان عوارهم ، لتتضح حقائق أنفسهم وعقولهم التي تروج لثقافة الإقصاء وإهدار الحقوق واهانة القضاء بحجة العدل والحق و الضرورة ، وهي حجة كل إقصائي دكتاتوري مستبد ظالم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 2

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً