الليبيون رهينة لصراعات سياسية.. من ينقذهم

الليبيون رهينة لصراعات سياسية.. من ينقذهم

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

article1-1_25-8-2016

لقد تحدث السيد كوبلر، مبعوث الأمم المتحدة بليبيا وأيد تصريح حكومة الوفاق الوطني بقيادة السيد فائز السراج وكذلك وينر سفير أمريكا لدي ليبيا وبيتر مليت سفير بريطانيا وعدة أطراف اخري. لم نسمع من العرب وخاصة قطر والأتراك ومصر وتونس وغيرهم. كعادتهم جماعات التيارات الإسلامية لم يقولوا شيء وينتظرون في المفتي وكذلك مرشديهم وعادة لن يختلفوا عما قاله السراج وامريكا وبريطانيا. رفضت حكومة السراج من قبل عقيلة صالح وبعض الأعضاء من البرلمان المنتهية صلاحياته وهم من اغتصبوا السلطة دون تفويض وتمديد لهم من الشعب الليبي. لقد تطايرت الاتهامات من افواه الكثيرون من أعضاء هذا البرلمان المؤيدين لحكومة الوفاق بعد ما خدلهم عقيلة صالح بأن جدول الاعمال سيكون متضمن تعديل الإعلان الدستوري أولا ولكن علق كل شيء وكانت اول نقطة هي التصويت على حكومة السراج. كذلك وجود وفد في تونس وتحت رعاية الجماعات الإسلامية المتشددة وغير المتشددة للمصالحة بين قبيلة العبيدات ومليشيات مصراته وتم هذا وبمباركة كبيرهم على الصلابي والسيد الغنوشي. تم يخرج علينا احتيوش والزوي وهم من أعوان النظام السابق ويطلقون مبادرة للقاء مع اصدقائهم القدامى من الليبية المقاتلة والاخوان للحوار وإطلاق سراح عدد من اعوان النظام من سجون هؤلاء وطرح مبدأ المصالحة الوطنية وإيجاد نصيب لهم في الكعكة الليبية والتي ينهشها كل واحد ماعدا الشعب الليبي. هذا ما يحدث باختصار هذه الأيام هو له عدة ابعاد سنحللها هنا.

كل هذه التجاذبات والصراعات والمحاكات السياسية تحدث وتمر بسرعة وبعضها له تأثير والأخر سيزول وننساه ولكن يبقي شيء واحد منها وهو زيادة المعاناة للمواطن وتدمير للأجيال القادمة من شباب ليبيا. جميع الليبيين أصبحوا رهينة لهذه الألاعيب باسم الديموقراطية أحيانا وأحيانا اخري باسم الدين وفي عدة مناسبات اخري للحفاظ على ليبيا ونسيجها الاجتماعي. لكن يبدوا أن هذا كله هو صراع على السلطة فقط ليس الا والتي من الصعب الحفاظ عليها في ليبيا هذه الأيام. سوف يطول الوقت الي أن تكون السلطة في يد مجموعة او اشخاص   يلتف حولهم الشعب. هذا الاحتمال بعيد جداً في ضل صراع هذه الفئات المتناحرة على السلطة بليبيا وهي تمثل عدة ايديولوجيات واغلبها تستند على الدين والجهوية والقبلية وجميعهم لهم مؤيديهم من دول الجوار ودول أوروبية وأمريكا وحتى  دول افريقية وروسيا دخلوا على الخط ويؤيدون بعض الأطراف. هنا أصبح الشعب الليبي رهينة صراع هذه الأطراف الدولية لكي يكون لهم وجود في ليبيا ونصيب لنهبها. الشعب الليبي من يعاني وسوف يعاني أكثر في الأيام القادمة.

المليشيات المسلحة والمدعومة من عدة أطراف محلية دولية لهم أطماع اخري ويريدون أن يكون لهم النصيب الأكبر في هذا الصراع على السلطة. زج بهم في حروب لن تنتهي في كل من درنه وبنغازي وسرت وطرابلس والتي تشتعل اكثر هذه الايام وفي جنوب ليبيا. كل مدن ليبيا تتحكم بها المليشيات وبعضها دخل حروب وانتهي بهم المطاف في مدنهم ويتحكمون فيما يسمي بعمداء البلديات ولن يمر أي شيء الا بعد موافقتهم ويتدرعون بحماية المواطن وإرساء الامن في بعض الأحيان ولن تجد للشرطة او الجيش مكان غير استلام رواتبهم وبقائهم في بيوتهم. لكن هذه المليشيات هم مجموعات مسلحة ربما كانت قبل ثورة فبراير ليس لهم اعمال ووجدوا الالتحاق بالمليشيات عمل مربح ومفيد وفوق القانون. ظاهرة المليشيات ليست جديدة وما حروب لبنان خير شاهد والي اليوم وبعد أربعين سنة، مازالت المليشيات تتحكم في لبنان وحكومته وشعبه. لهذا دور المليشيات في الصراع على السلطة بليبيا ليس بغريب وسيستمر وهم من يقرر ويرغم أي حكومة لقبول ما يريدون وسيقفون عائق ضد قيام الدولة المدنية وضد قيام الشرطة والجيش والجهاز القضائي. مرة اخري الشعب الليبي يقع رهينة لهذه المليشيات

أتذكر في مثل هذا اليوم 2011م كان لنا اجتماع باللجنة المكونة من 7 اشخاص لقيادة الشرطة والجيش ومكونة من 500 شخص من الثوار وأكثر من 5000 من الشرطة والجيش لحماية العاصمة. كان اول شيء هو البداء في تسليم السلاح من المواطنين وإرساء الامن وتفعيل أجهزة الشرطة جميعها وكذلك ان تتم السيطرة على جميع معسكرات الجيش وتسيرها من قبل الجيش الوطني. اجتمعنا بهذه اللجنة انا وعلى الترهوني وفرج السائح واحمد الضراط وحضروا جميعهم وحضروا كذلك بعض من قيادات الثوار كم كنا نسميهم، وبعد جدال طويل ومرهق امتد لعدة ساعات، تم الاتفاق لتغير ثلاث من الأعضاء المقترحين وتم إضافة الخضراوي وهو من الاخوان وتقريبا شرطي وأصبح وكيل وزارة الداخلية بحكومة الكيب العطيب. بعدها اضيف لهم وشخصان اخران وتم أصدرا قرار في نفس الليلة لهذه اللجنة لتباشر عملها. كما أصدر نداء عن طريق الإذاعات بأن يرجع جميع افراد الشرطة الى مراكزهم وبزيهم. اليوم الثاني رجع القليل وعندما عرفت أسماء هؤلاء الأعضاء ، بداء الجميع يتقاطر علينا وكل واحد له قصة ضد واحد من الأعضاء. لم نعير اهتمام لهؤلاء المشككين في كل شيء، واستقال واحد من الأعضاء. ما اريد قوله وباختصار بأن مند ذلك الوقت هناك قوة خفية تقف ضد قيام الامن والأمان وضد قيام الشرطة والجيش واكتشفناهم فيما بعد عندما الغوا هذه اللجنة واعطوا قيادة اللجنة الأمنية العليا لكل من عبد الرزاق العرادي وفوزي عبدالعال وسيف النصر سمحوا بأنشاء المليشيات في كل ربوع ليبيا، وهذا بتدابير الاخوان والمقاتلة واخرون بالمجلس الانتقالي. من هنا ايقنت بأننا داخلين على عصر المليشيات ولن تقوم تلك الدولة المدنية والتي نحلم بها ولهذا تركنا الساحة وبأسرع وقت دون التشبث بالكراسي لآن صراع القوة ليس في صالحنا. نصحنا المجلس الانتقالي وخاصة رئيسة في عدة مناسبات ولكنه يقول لن تخافوا منهم فهم حماة الوطن والدين ولكن هؤلاء الحماة ساهموا في تخريب الوطن والدين الى يومنا هذا. لهذا اصبح الشعب الليبي  رهينة أخطاء المجلس الانتقالي وسيطرة مجموعة على جميع قرارته.

المجتمع الدولي وبسرعة بارك بيان السراج وحكومته وخاصة بريطانيا وأمريكا ودول اخري وهذا ليس بالغريب لآنهم يعرفون بأن هذه الحكومة لا تختلف عن حكومة كرازي بأفغانستان أو المالكي بالعراق ومن يقودها هو كوبلر وليس السراج والذي أصبح ينحاز الى من يوشوش له في أذنه. جميعنا يعرف بأن هؤلاء لا يهمهم هذا الشعب والذي وقع فريسة ورهينة لهذه الصرعات. هؤلاء تهمهم مصالحهم أكثر من أي شيء اخر واستقرار المنطقة ولو بكرازي ومالكي هو الأهم حيث ليبيا دولة مهمة لجيرانها وسيتم إيقاف الهجرة غير الشرعية ويتقلص امتداد داعش وينتعش اقتصاد الكثيرون وتستفيد دول أوروبا وجيران ليبيا من نفط ليبيا وثروات ليبيا واستنزاف خبراتها وشبابها والذين يهاجرون يوميا الى هذه الدول. مرة اخري الشعب الليبي يقع رهينة الصراع بين هذه الدول المؤيدة للمليشيات واخري للإخوان والمقاتلة وثالثه لحفتر وجيشه ورابعة لأخرين يمثلون التيار المدني.

هل سنخرج من هذه الورطة؟  سؤال صعب الإجابة عليه طالما أن المليشيات مازالت تملك السلاح ومدن تملك اسلحة متطورة والي اليوم تستورد في السلاح. وجود أطراف وأشخاص يحرضون على استمرار العنف تحت عدة مسميات واستغلال الدين كأحد الركائز لتحفيز الشباب على القتال ضد من يحاربون الإرهاب. كذلك انقسام الوطن الى شرق وغرب وجنوب وأصبح شبح الانقسام أقرب بكثير من قبل وهذا ما يريده البعض ممن يعرقلون الحل السياسي. هناك من يراهن على القبيلة لحل النزاع وتقريب الأطراف المتناحرة لبعض حيث صارت مئات من الاتفاقيات والعهود بين القبائل بطول وعرض ليبيا ولكنها لم تحل او تقرب أي شيء وعادة ما يتم حل سريع ويتم الافراج عن سجناء ويأكل الجميع وجبة دسمة وتنتهي الوثيقة في ذلك اليوم. الحل القبلي لن تقوم عليه دولة مهما فعلنا والتقينا ووقعنا مواثيق واتفاقيات. هنا الشعب أصبح رهينة القبيلة مرة اخري والتي لن تلبي جميع متطلباته في الحياة.

لهذا يجب أن

  • تجديد حكومة الوفاق وايجاد قيادات جديدة بها تكون تابعة للوطن وليس للخارج
  • حث الدول الأجنبية والعربية والأمم المتحدة ان تعمل مع النخب السياسية والقيادات الليبية من اجل إيجاد حلول وإنقاذ ليبيا من قبضة المليشيات والارهابين
  • الرجوع والاستعانة بقيادات الثورة لسنة 2011م واقحامهم في العملية السياسية من اجل انقاذ الوطن وخاصة جزء من أعضاء المكتب التنفيذي والمجلس الانتقالي
  • الإسراع بتكوين الجيش والشرطة ونحتاج لوقت ولن تكون بيوم وليلة
  • تفعيل اول شيء طالبت به اللجنة الأمنية المنبثقة عن المكتب التنفيذي بعد دخولها طرابلس وهو تجميع السلاح وأنشاء قوات مشتركة من الجيش والشرطة والثوار الحقيقين لحماية طرابلس وبنغازي حيث هتين المدينتين إذا حدث بهم استقرار ستستقر ليبيا
  • إيجاد وسيلة لتجميع السلاح وبأسرع وقت من جميع الأطراف وان تسند هذه المهمة لشيوخ القبائل تحت رعاية الأمم المتحدة
  • البداء في مساعدة الأطراف والتي تسعي للمصالحة الوطنية وتخصيص صندوق ودعم محلي وعالمي ومالي لهم
  • الإسراع بالدستور واعلانه واعتماده بأسرع وقت من قبل الأمم المتحدة وحكومة الوفاق الوطني والشعب الليبي
  • دعوة قيادات الجيش والشرطة للعودة الي مراكزهم
  • دعوة الجالية الليبية بالخارج بأن تساهم بفعالية في استقرار ليبيا والاستفادة من خبرات اللبيبين بالخارج في جميع المجالات

الشعب الليبي لا يريد أن يكون رهينة الصراع السياسي بين المليشيات وبعض الدول والتيارات الإسلامية والقبلية والجهوية وبعض المدن المارقة. كذلك الشعب الليبي لا يريد أن تتحول ليبيا الى دويلات قزمية تتحكم بها دول اخري. الشعب الليبي يريد أن ينعم بثروات بلاده وأن تنهض ليبيا وتكون في مصاف الأمم المتقدمة حيث ضاعت عليه هذه الفرصة نتيجة هذه الصراعات وابقائه رهينة لهذا الصراع السياسي والتي كانت سبب في تأخير قيام الدولة المدنية بليبيا. يعتبر الشعب الليبي هو المسؤول الأول عما يحدث بليبيا الان نتيجة استغلاله ووضعه رهينة  من بعض النخب وخاصة من يتسترون تحت ايديولوجيات لها صلة بالدين او العرق القبلي او العرق الطائفي او النزعة الانتقامية.

ليبيا قادمة بعون الله

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

التعليقات: 3

  • العبدلله

    خلي الطابق مستور. لاحظت إنك ماقلتش ربع كلمة على صديقك علي زيدان صاحب حكومة الكارثة و لا صديقك علي الترهوني اللي أفشل لجنة الدستور عمدا و أدخلنا في متاهات الشرعية و القانونية. مقالك عنوانه ينتقد الصراع السياسي و ولكنه سقط فيما تحذر منه, فهو مليء بالغمز واللمز في خصومك السياسيين والافتراء عليهم.

  • R Mohamed

    اعتقد ان هده المرحلة المفصلية من تاريخ ليبيا المعاصر اصبح من الضروري ان تتكاتف جهود جميع أبناء ليبيا الأحرار من اجل انقاد بلادنا والسير بها الى الامام حتى نتمكن من بناء الدولة المدنية الديمقراطية. هدا لن يتأتى الا بعودة الثوار الشرفاء الدين يصنعون المجد ويعيدون كتابة تاريخ ليبيا من جديد بخوضهم حرب تحرير سرت من الاحتلال الداعشي. نحن لا نريدك ولا نريد امتالك في المكتب التنفيذي او المجلس الانتقالي العودة من جديد كما اقترحت لأننا جربناكم وجربنا امتالكم. الليبيون يريدون شخصيات وطنية بامتياز غير تابعة كما اشرت لمصر او قطر وكدالك الإمارات التي لم تدكرها لغاية في نفس يعقوب ، حتى نبدأ في بناء ليبيا الجديدة بشخصيات جديدة. وهدا لن يتحقق الا بعد القضاء على أولئك الدين لا هم لهم الا حكم ليبيا من جديد بالحديد والنار.

  • مواطن مفروس

    انا شايف انة مفيش فايدة انتهت ليبيا ولن تعود دولة وان تعدل شء بالعراق يتعدل فى ليبيا ضاعت بين يدى الصعاليك وانتهى امرها ولا عزاء للشعب غير الهجرة الى اى مكان اخر باختصار الله يخؤب بيوتكوم جميعا خربتو البلد ومفيش اى امل صدقونى من هنا لعشر سنوان لن ينصلح الحال ممكن بعد 10 سنوات اة او لا

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً