انقلاب النيجر.. إنعاش للفاغنر

انقلاب النيجر.. إنعاش للفاغنر

د. طارق رمضان زنبو

مدير المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية ورئيس اللجنة العلمية بالمركز

أثار الانقلاب العسكري في النيجر العديد من التداعيات والتساؤلات وردود أفعال محليا وإقليما ودوليا، وتناولت وسائل الإعلام الموضوع من زوايا عديدة كلا فسر العملية الانقلابية وفقا لمصالحه السياسية والاقتصادية والديموغرافية والأمنية.

وما يهمنا في هذا السياق هو تداعيات الانقلاب على دول جوار النيجر وخصوصا ليبيا بظروفها الهشة وبالأحداث الخطيرة الجارية في الجنوب وتهديدات وتداعيات الهجرة ومحاولات التغير الديموغرافي وعدم سيطرة الدولة الليبية على كامل تراب الجنوب، حيث تتواجد العديد من الفصائل المعارضة لأنظمة دول الجوار والتدخل الدولي في محاولات لاستخدام الجنوب لتحقيق مصالح سياسية وتصفية حسابات مع دول أخرى.

وفي هذا الصدد فإن الصراع الروسي بقيادة الفاغنر والجانب الفرنسي (المستعمر القديم الجديد).

تبرز جليا عدة صور تتمثل في قوة تواجد فاغنر وقدرته على الحركة وتحريك الانقلابات وكسب الرأي العام في الدول الأفريقية المتواجدة فيها وتأثيرها على المصالح الفرنسية، حيث برز ذلك خلال الانقلاب الأخير في النيجر، حيث ترفع الأعلام الروسية تأييدا للانقلاب وزحف شعبي لحرق السفارة الفرنسية في رسالة واضحة بعدم رضى الرآي العام للتواجد الفرنسي وسياساته.

إن هذه الأحداث هي رسالة قوية لانتعاش فاغنر بعد الاتهامات الموجهة إليها من الكرملين خلال الأسابيع السابقة عندما حاولت فاغنر التمرد على الكرملين في مشهد تمثيلي لم يستوعبه المتابع للشؤون الروسية والعارف بقدرات بوتين ابن المخابرات السوفياتية (KGB).

ومن يتمعن في هذه الأحداث يدرك أن الروس يخوضون حرب شرسة وذكية في ضرب معاقل الأوروبيين ومصادر ثروتهم ومواقع إستراتيجياتهم العسكرية والأمنية.

إن سيطرة الروس (الفاغنر) على النيجر تعتبر ضربة قاتلة للوجود الفرنسي عسكريا وإستراتيجيا علاوة على ذلك زعزعة قطاع التعدين في الإتحاد الأوروبي باعتبار أن النيجر تغطي 5% من إنتاج العالمي لليورانيوم وتعتبر النيجر موردا أساسيا لليورانيوم إلى الاتحاد الأوروبي وتمثل خمس إمداداتها وفي مقدمتها فرنسا.

انقلاب النيجر الذي قادته الفاغنر كسر الأوروبيين وقضى على أحلام الفرنسيين في المنطقة.

الدور الليبي في خضم هذه الأحداث يجب أن يكون واضحا وجريئا بما يخدم مصالح ليبيا ويشارك في استقرارها، أعتقد أن الروس سيكونون أكثر حده في إدارة ملف الهجرة وسوف يعملون على ضخها إلى أوروبا عبر النيجر ثم ليبيا إلى أوروبا.

وفي المقابل سوف يحاربون مخططات فرنسا في التغيير الديموغرافي!.

يبقى السؤال بعد انتعاش الفاغنر واقتراب قواتها بل تلاحمها مع قواتهم المتواجدة في ليبيا.

ما هو الدور الليبي والسياسة الخارجية الليبية؟.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. طارق رمضان زنبو

مدير المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية ورئيس اللجنة العلمية بالمركز

اترك تعليقاً