تعليق أكايمي حول قرار رئيس المجلس الرئاسي بتخفيض رسوم مبيعات النقد الأجنبي

تعليق أكايمي حول قرار رئيس المجلس الرئاسي بتخفيض رسوم مبيعات النقد الأجنبي

ا.د. عمر زرموح

أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية

صدر قرار رئيس المجلس الرئاسي رقم (1) لسنة 2019 بتخفيض الرسوم المفروضة على النقد الأجنبي من 183% إلى 163%، ويعتبر هذا القرار هو أول قرار بتخقيض الرسوم؛ وبالتالي يعتبر إيذاناً بالدخول في المرحلة الأولى من مراحل تخفيض سعر صرف النقد الأجنبي؛ ذلك أن المرحلة السابقة تسمى المرحلة الصفرية حسب الورقة المعدة من جانبي في شهر فبراير 2019 والمنشورة في أبريل 9 في مجلة الدراسات الاقتصادية لكلية الاقتصاد بجامعة سرت؛ وأنصح بالاطلاع عليها قبل المضي في هذا التعليق.

هذا وفيما يلي سيتم تقييم هذا القرار في ضوء نموذج وسيناريوهات الورقة البحثية المشار إليها.

 

[1] طول المرحلة الصفرية

القد امتدت المرحلة الصفرية من تاريخ 2018/09/18 إلى 2019/07/30 أي لمدة 10 أشهر ونصف الشهر تقريبأً، وهي مرحلة طويلة ما كان ينبغي أن تستغرق كل هذا الوقت.

إن عملية توحيد سعر الصرف والوصول إلى سعر الصرف التوازني عند حده الأدنى يجب أن تكون عملية قصيرة الأجل؛ لأن إطالة مرحلة العلاج تعني إطالة مرحلة المرض والشلل الذي يعاني منه الجسم الاقتصادي.

ومن الخلل الظاهر خلال مرحلة العلاج حالة غياب العدالة في التعامل مع المصارف بين بيع وشراء النقد الأجتبي؛ فأنت تشتري من المصارف النقد الأجنبي بالسعر الرسمي مضافآً إليه الرسوم العالية، بينما تبيع النقد الأجنبي للمصارف بالسعر الرسمي فقط الأمر الذي يحتم أن أحداً (عدا الحكومة) لن يبيع النقد الأجنبي للمصارف وسوف يذهب البائع للسوق السوداء بدلاً من المصارف، وهذا يعني أيضاً أن المصارف لن يدخلها أي نقد أجنبي إلا نقد الحكومة الآتي من النفط فلا استثمار أجنبي ولا تصدير.

 

[2] كيف تتأثر نسبة الرسوم في المرحلة الأولى بسعر الصرف الرسمي

بناءً على قرار رئيس المجلس الرئاسي رقم (1) لسنة 2019 المشار إليه؛ وبئاءً على السيناريو الأول الموصى به في الورقة البحثية المشار إليها المتضمن تخفيض سعر صرف المتعاملين بنسبة %5 فقط يمكن عقد مقارنة بين تنفيذ القرار اعتبارأً من 04 أغسطس كما نص القرار أو تنفيذه في 14 فبراير من هذا العام فيما لو صدر القرار قبل حوالي ستة أشهر لأن نسبة الرسوم حسب هذه المعطيات لن تكون واحدة بل تتأثر بسعر الصرف الرسمي؛ وفيما يلي توضيح ذلك:

أولاً: نتائج السيناريو الأول في 2019/02/14:

سعر الصرف الرسمي في هذا التاريخ حسب مصرف ليبيا المركزي كان (1.397=e1) وعلى هذا الأساس تم تكوين الجدول رقم (1) الذي يبين أنه إذا أريد تخفيض سعر صرف المتعاملين (c1) بنسبة 5% في المرحلة الأولى (t=1) فإن سعر صرف المتعاملين سيكون (c1=3.70) وهذا يستلزم أن تنخفض نسبة الرسوم من 183% إلى 165% أي بمقدار 18% أو قل أقل من 20% بقليل.

 

ثانياً: نتائج السيناريو الأول في 2019/08/04:

حيث أن المرحلة الأولى (t=1) لم تبدأ في 2019/02/14 بل تقرر أن تيدأ في 2019/08/04 لذلك يجب تعديل الجدول رقم (1) حسب سعر الصرف الرسمي في تاريخ صدور قرار رئيس المجلس الرئاسي قي 2019/07/30.

سعر الصرف الرسمي (سعر البيع) حسب مصرف ليبيا المركزي في تاريخ 2019/07/30 كان (e1=1.409) وبذلك يمكن تعديل الجدول رقم (1) ليصبح الجدول رقم (1)’ الذي يبين أثر هذا التغير الطفيف في سعر الصرف الرسمي على الرسوم المفروضة لتنخفض هذه الرسوم من 183% إلى 163% بدلاً من 165% في شهر فبراير الماضي صائعة فرقا في الرسوم قدره 20% بدلا من18%.

ومن الملفت للنظر أن هذه النتيجة (163%) مطابقة تمامآ لما ورد في قرار رئيس المجلس الرئاسي رقم (1) لسنة 2019 بتاريخ 2019/07/30 المشار إليه دون زيادة ولا نقصان.

 

[3] عدد المراحل المتبقية وطول كل مرحلة

يبين الجدول رقم (1)’ أنه إذا لم يتغير سعر الصرف الرسمي تغيرأ كبيرأ فإن عدد المراحل المتيقية (بعد المرحلة الحالية الأولى) هو 12 مرحلة للوصول إلى سعر الصرف المستهدف، وهذا يعني أنه من المهم مراقبة أداء الاقتصاد وتأثير السياسات الاقتصادية المتبعة على كل من عرض النقود والمستوى العام للأسعار وسرعة دوران التقود وكذلك (وليس أقل أهمية) مستوى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي؛ والعمل في ضوء ذلك على تقليص طول كل من هذه المراحل للتخلص من مشكلة الخلل في سعر الصرف في أقرب وقت ممكن.

 

إن المرحلة الصفرية استغرقت، كما تقدم؛ نحو 10 اشهرء وإذا أخذت المراحل القادمة نفس طول المرحلة الصفرية؛ فإن الوصول إلى سعر الصرف المستهدف سوف يحتاج إلى 120 شهرأ أي 10 سنوات؛ وهذا غير مقبول على الإطلاق، ولذلك نرى أن طول أي مرحلة يجب ألا يتجاوز أربعة أشهر على أقصى تقدير وفي ذات الوقت يجب ألا يقل عن شهرين؛ كما يمكن التفكير بحرق بعض المراحل بزيادة نسبة تخفيض سعر صرف المتعاملين ليكون أكثر من 5% قليلاً في المراحل القادمة؛ ويمكن زيادة هذه النسبة إلى 10% في المراحل المتقدمة أكثر، وفي السيناريو الثالث المعطى في الورقة البحثية بيان لنسبة التخفيض المتغيرة، وكل هذا يساعد على اختصار الفترة الزمنية لمعالجة سعر الصرف.

 

[4] تحليل التغير في سعر صرف المتعاملين

قد يعتقد البعض أن تخفيض نسبة الرسوم من 183% إلى 163 % يعني تخفيضاً في سعر صرف المتعاملين (سعر الصرف الرسمي+الرسوم) ينسبة 7.1% وهذا غير صحيح لأنه يفترض أن سعر الصرف الرسمي لم يتغير منذ سبتمر 2018 إلى الآن وهو افتراض غير واقعي. وفيما يلي التوضيح:

– سعر الصرف في بداية المرحلة الصفرية كان كالآتي:

Co= 1.378*2.83= 3.900 LD

 – سعر الصرف في بداية المرحلة الأولى إذا لم يتغير سعر الصرف الرسمي يكون كالآتي:

C1=1.378*2.63 = 3.624140 LD ===> Ac= -0.28 LD ===> -7.1%

– سعر الصرف في بداية المرحلة الأولى وفقأ لحقيقة أن سعر الصرف الرسمي قد تغير:

C1= 1.409*2.63= 3.705670 LD ===>Ac= +0.08 LD ===> +2.1%

وبذلك يمكن القول أن سعر صرف المتعاملين سوف يبدأ يوم 2019/08/04 عند 3.70 د.ل. للدولار بانخفاض 5% فقط مقارنة بسعره في بداية المرحلة الصفرية؛ ولكنه بعد ذلك قد يرتفع أو ينخفض بشكل طفيف حسب تغيرات سعر الصرف الرسمي. ومن المعروف أن سعر الصرف 3.90 د.ل. للدولار الذي كان يتكرر الحديث عنه كثيراً لم يكن ثابتاً خلال الأشهر العشرة الماضية.

ونستنتج من هذه الفقرة أن سعر صرف المتعاملين في بداية المرحلة الأولى وهو 3.70 د.ل. يمكن تحليله بحسب العاملين المؤثرين فيه وهما أثر الرسوم وأثر السعر الرسمي حيث نجد أنه يساوي هذا السعر في بداية المرحلة الصفرية 3.90 د.ل. ناقصاً أثر تخفيض الرسوم 0.28 د.ل. زائداً أثر ارتفاع سعر الصرف الرسمي 0.08 د.ل. أي أن:

c1= 3.90 – 0.08 = 3.70

كما أن نسبة الانخفاض (-5.0%) أمكن تحليلها إلى (-7.1% +2.1% =  -5.0%).

الخلاصة

في هذا التعليق على قرار رئيس المجلس الرئاسي بشأن تخفيض نسية الرسوم المقروضة علىالتقد الأجنبي؛ اتضح أن تخفيض الرسوم إلى 163% يعني تخفيض سعر صرف المتعاملين بنسبة 5% فقط وهو تخفيض معقول للغاية في هذه المرحلة؛ وهو أيضاً مطايق تمامأ لما ورد في الورقة البحثية المذكورة والمنشورة في أبريل 2019 أخذاً في الحسبان سعر الصرف الرسمي يوم 2019/07/30 وذلك وفق السيناريو الأول الموصى به في الورقة البحثية.

لكن من جهة أخرى فإن طول المرحلة الصفرية كان أكثر بكثير مما كنا نتوقع؛ ونأمل أن تكون المراحل القادمة اقصر منها بكثير بحيث لا تزيد على أربعة أشهر ولكن لا تقل عن شهرين، وأن نحافظ في المراحل القريبة القادمة على نفس نسبة التخفيض 5% مع إمكانية زيادة هذه النسبة في المراحل المتقدمة اختصارآً للمدة الزمنية اللازمة لمعالجة الخلل في سعر الصرف.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

ا.د. عمر زرموح

أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً