تفجير مقر المفوضية العليا للانتخابات في طرابلس، الرمزية والدروس

تفجير مقر المفوضية العليا للانتخابات في طرابلس، الرمزية والدروس

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

سيظل يوم الثاني من مايو 2018م يوما حزينا على الليبيين ذلك اننا فقدنا فيه ابرياء من فلذات اكبادنا وهم يقومون بواجبهم اليومي كموظفين وعاملين بمقر المفوضية بالعاصمة طرابلس بعد ان طالتهم ايد الغدر الآثمة من محترفي الإرهاب والقتل المنتمين لتنظيم داعش الإرهابي ، فذهبوا ضحايا للتفجير الإرهابي بين قتيل وجريح، وستظل ذاكرة الليبيين تستحضر هذا اليوم داعية بالرحمة والمغفرة وحسن القبول وتشحذ الهمم للإستمرار في مواجهة هذه الزمر المارقة المجرمة حتى تخلص الوطن من دنسهم ورجسهم.

إن استهداف المفوضية العليا للانتخابات في هذا الوقت بالذات يدل على رمزيّة محددة أراد مرتكبوا التفجير بعثها لليبيين كرسالة تحذير ووعيد، مفادها بأنهم لن يسمحوا بالانتخابات في ليبيا والتي يعتبرونها في عقيدتهم الفاسدة حراما وكفرا بواحا، ويأتي ذلك في حين تستعد المفوضية لإجراء هذا الاستحقاق مع نهاية هذا العام، بعد أن قامت بما يجب ان يكون وأعلنت عن جاهزيتها لخوض العملية الانتخابية في أي وقت من هذه السنة، ولهذا جاءت فعلتهم الدنيئة في محاولة منهم لتعطيل عجلة الانتخابات وعرقلتها في ليبيا.

وإذ يستقبل الليبيون هذه الرسالة اليوم، عليهم أن يستفادوا من الدروس ويعتبروا ويستعدوا لمواجهة ذلك وبكل حزم وإرادة وطنية حرة، تنطلق بقوة نحو الإصرار على وتأكيد ان تجرى الانتخابات في موعدها من خلال التفاف الجماهير وتظافر جهودها جميعا، ولتكن هذه الجريمة نقطة تحول كبيرة في اتجاهات التفكير لدى جميع التيارات السياسية التي تتصارع الآن في المشهد الليبي، بغية نشوء حالة من التوافق الذاتي بينها بدون قيود اوشروط، للتحرك الجمعي في اتجاه واحد يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ليتوحد الجميع بنية السعي الجاد لانقاذ الوطن من منزلق الفوضى وتحديات الارهاب.

ان هذا يجعلنا نطالب بقوة كافة الأطراف الى الرضوخ لارادة الشعب الليبي والتنازل عن كل ما يخالفها حيث صار لزاما الآن ان يجمع مجلس النواب نفسه ويلتقي ككتلة واحدة وبالمثل مجلس الدولة ومثلهما الرئاسي ليلتقوا فيما بعد جميعا موحدين غير متفرقين، فيعملون عاجلا على توحيد السلطات المنقسمة الآن لتكون موحدة واحدة على مستوى ليبيا، وينهي للابد هذا الانقسام المشين الذي جعلنا في اكثر من حكومة واكثر من جسم تشريعي وتنفيذي، اذا آن الأوان لتوحيد مؤسسات الدولة لتكون لنا حكومة واحدة وسلطة تشريعية واحدة ولتنطلق اجسام الاتفاق الثلاثي مجتمعة للاشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة بما يوفر لها عوامل النجاح اللازمة وسبل التعزيز الكافية.

ان الدروس المستفادة مما حدث كثيرة وينبغي ان تؤخذ بعين الجد وتعطى لها أولوية الاعتبار، ولعل ابرز هذه الدروس هو ضرورة انهاء الانقسام السياسي عاجلا، والذي بسببه وصلنا الى ما نحن فيه من طريق مسدود والدرس المستفاد أيضا انه لا مكان للمتطرفين دينيا وسياسيا بيننا فالشعب الليبي شعب سلام يستحق أن ينعم ويعيش في ظل دولة مدنية ذات مؤسسات راسخة تضمن الحقوق الإنسانية في المواطنة الكريمة لكل مواطنيها بدون اقصاء اوتمييز، الدرس المستفاد أيضا هو ان هذا العمل الإرهابي لم يزد الليبيين الا إصرارا وتأكيدا على ممارسة الديمقراطية رغم كل الظروف وبالتالي فإن الليبيين سيحرصون على إنجاح العملية الانتخابية القادمة بزخم كبير وغير معهود ليبرهنوا على انهم اهل للتحدي الذي فرض عليهم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 2

  • مفهوم !؟

    من بؤءك إلى باب السماء ياعبيد الظاهر أنك تحلم ومش عارف الخونة اللي فى المشهد الليبي أتفقوا إلا على ( لا ) أسأل المجرم حفيتر لو كان مازال حي هل يريد الأنتخابات ، فسوف تسمع منه كل مايسرك ، ياعبيد الحل اللي ينقذ ليبيا هو 50000 ألف جندي من الأمم المتحدة وحكومة جاهزة الطاقم من الأمم المتحدة بدون أي فرد يكون منهم مسلم أو عربي ومستعديين دفع التكاليف مهما كان لمدة عشرة سنوات حتي يتم الترويض لهذه الوحوش والخنازير البشرية ، ولا أمل فى ليبيا بهذا الشعب وأن كانت كلمة شعب حرام فيه وهذا هو الواقع والحقيقة ، وأرجوا الأبتعاد على النفاق وخداع النفس فكل شيء ظاهر وواضح للكل .

  • عبدالحق عبدالجبار

    هل هو اختلاف او خلاف او صراع علي المال والسلطة …. هل هو جهل او تجاهل … هل هو عباطة او استعباط … هل هو عذاب من الله سبحانه وتعالي …هل اعمالنا تقول ذلك …. كل ليبي يسال سبعة من أصحبه و يُسأل هو كيف عاش و يعيش من مسكّن وملبس وكيف يعامل الاخرين …وعندما تعرفوا النتيجة الصاعقة ارجعوا الي كتاب الله سوف تجدوا النتيجة او ردت الفعل … ولا تلوموا الا علي انفسكم ….. لن تفرج و السبب انني اؤمن بما انزل الله في القران الكريم و سنة رسولة صلي الله عليه و سلم … و كذلك اعُلم ان الشعب الليبي زاد فيه الفساد …هذا الشعب او معظمه خالف وصية المصطفي رسول الله (ص) في حجة الوداع حين اطلقها مدوية …..”إن دماءكم و اموالكم حرام عليكم كَحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الي ان تلقوا ربكم الا هل بلغت ..اللهم فاشهد ..اللهم فاشهد ..اللهم فاشهد….قال الله تعالي: *وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ(117) هود. و قال تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا}. [يونس : 13]، وقال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}. [الإسراء: 16]، وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}. [القصص : 59] وبيَّن تعالى أنَّ الظلم إذا وقع في أمة يعمُّها العذاب، وإن لم يواقع الظلم جميع أفرادها، فقال: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25] عندما سئل سيد الخلق رسول الله صلوات الله عليه و علي اله و صحبه أجمعين ( أنهلك و فينا الصالحون ) قال نعم إذا كثر الخبث.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً