تونس وأزمتها الاقتصادية

تونس وأزمتها الاقتصادية

الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعيشها تونس، هي نتيجة تراكمات على مدى عقود وبالأخص العشرية الأخيرة، حيث تربعت منظومة فاسدة على العرش، وكانت النهضة هي العامل المشترك لجميع الحكومات المتداولة السلطة، توقفت العديد من المصانع ومنها الفوسفات، وقلة الاهتمام بالإنتاج الزراعي الذي يشكل زيت الزيتون والتمور صدارته، وجائحة كورونا العالمية.

عشر سنوات من الفساد المالي ولم تحرك السلطة ساكنة، خاصة وإن المفسدين معروفون جيدا ولكنهم يتقاسمون العوائد مع السلطة التي بدورها تقوم بالتغطية عنهم ولم تقدم أي منهم للعدالة، وعندما قامت ثورة التصحيح 25 جويلية فر العديد ممن أصبحوا أصحاب رؤوس أموال والإثراء الفاحش.

اقترح السيد رئيس الجمهورية على (التجار) الذين استفادوا كثيرا في ظل تقاعس الأجهزة الرقابية والضبطية عن القيام بدورها، بأن يقوموا باستحداث مشاريع عامة تتناسب وحجم الأموال التي تحصلوا عليها بدون وجه حق، تعود بالنفع على الحزينة العامة كنوع من الصلح، وبالتالي يحتفظ هؤلاء بمياه وجههم ومن ثم إعلان التوبة.

البنك الدولي الذي عادة تلتجئ إليه الدول الصغيرة للاقتراض من أجل إنعاش اقتصادها وتخفيف أعباء المعيشة على المواطن إلا أن البنك الدولي يشترط على الحكومة اتباع سياسة تقشفية، منها رفع الدعم عن العديد من السلع الضرورية ما يثقل كاهل المواطن وما يحدث عنه إدخال البلاد في دوامة العنف، وقد رفض الرئيس سعيد الخضوع لتلك الإملاءات.

المبلغ المطلوب لا يتعدى 2 مليار دولار، وبإمكان الدول الأوروبية بالأخص فرنسا التي لها علاقات مميزة مع تونس وبها الكثير من العمالة المغاربية التي تدير عجلة الإنتاج بها، العمل على توفيره بشروط ميسرة، لكن البنك الدولي يعترض على ذلك، ما قد يجعل تونس تطلب المساعدة من دول أخرى ونعني بذلك مجموعة البريكس التي تحاول جاهدة بناء نظام اقتصادي يتخلى تدريجيا عن التعامل بالدولار الأمريكي.

لا شك أن الحرب في أوكرانيا ألقت بظلالها السلبية على الاقتصاد العالمي ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الضرورية، العالم اليوم يشهد انحصارا شديدا في الموارد الاقتصادية، ونشاهد إفلاس العديد من المؤسسات المالية التي كانت تُساهم في النمو الاقتصادي، ما يُشير إلى أن الأزمة الاقتصادية ستستمر، على غرار تلك التي حدثت في ثلاثينيات القرن الماضي.

ربما نطرح حلا لمشكلة تونس وغيرها من الدول التي تُعاني أزمات اقتصادية بسبب ضعف مواردها، ماذا لو أقدمت الدول العربية الغنية، بتقديم المساعدات وإن على هيئة قروض ميسرة، لتخرج الدول الفقيرة من شبح الجوع واتقاء الفتن ومن ثم عدم اللجوء إلى المقترض الأجنبي الذي يسعى حتما إلى فرض شرطه المجحفة بحق الدول ومن ثم استعباد شعوبها وجعلها تسير في ركبه المعادي لتطلعات شعوبنا.

ندرك أن الأمر ليس صعبا، ولكنه يحتاج إلى إرادة سياسية وطنية عروبية، تعي الأخطار المحدقة بأمتنا التي يتكالب عليها الأعداء، على أن تُسخر الأموال (القروض) في استحداث مشاريع إنتاجية تعود بالنفع على الوطن بدلا من جعلها رواتب لموظفي الدولة ومزايا ومهايا يستفيد منها الحذاق والمتسلقين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

ميلاد المزوغي

كاتب ليبي

اترك تعليقاً