ثورة 17 نوفمبر في فرنسا هل تُنذر بشتاء أوروبي ساخن؟!

ثورة 17 نوفمبر في فرنسا هل تُنذر بشتاء أوروبي ساخن؟!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

المتتبّع لتطورات الأحداث التي تشهدها فرنسا خلال الثلاثة أسابيع الماضية، والتي بدأت شرارتها يوم 17 نوفمبر 2018م حينما تجمع الألاف من المتظاهرين في ساحة الشانزليزيه تنديدا ورفضا لرفع أسعار الوقود، يلاحظ تطورا تدريجيا للأحداث مع الوقت، حيث تتفاعل الأحداث وتزداد في كل يوم سبت جديد، ولعل آخرها ما حصل في يوم السبت الموافق 1 ديسمبر 2018 م عندما تطوّر الموقف الى صدامات بين الشرطة والمتظاهرين ما أدّى الى وقوع اصابات وجروح من كلي الطرفين، فقد أفادت الأنباء أن اعمال عنفٍ كبيرة حدثت عندما اصرّ المتظاهرون على الوصول الى ميدان الشانزلزيه ومنعتهم الشرطة من ذلك احترازا.

انّ خروج المظاهرات الغاضبة عن مسارها في باريس، من مجرّد تظاهر سلمي منظّم واحتجاجات منضبطة، الى اعمال شغبٍ وفوضى، ُأحرِقت فيها بعض الممتلكات العامة والخاصة من مباني ومركبات، وأستخدمت الشرطة فيها القنابل الغازية المسيّلة للدموع، وخراطيم المياه الساخنة وحتى الرصاص المطّاطي، مأ أدى الى وقوع اصابات وجروح، بالاضافة الى اعتقال اكثر من 150 عنصرا من المتظاهرين، ان ذلك ولا شك يثير الكثير من الهواجس والمخاوف لدى السلطات الفرنسية، وهو ما عبّر عنه الرئيس الفرنسي نفسه ووزير داخليته، بوصفه لتلك الأحداث بأنها غير متوقّعة، واتهامه لبعض احزاب اليمين المتطرف بالوقوف ورائها.

لقد تطورت مطالب المتظاهرين من مجرد عدول الحكومة على رفع اسعار الوقود، الى المطالبة بإستقالة الحكومة وحتّى المطالبة برحيل ماكرون نفسه!، وهو ما يشير الى دوافع ربما تكون مخفيّة وراء هذه المظاهرات، او انها ستُستغل وتُستثمر لصالح احزاب بعينها، قصد التعجيل بانهاء حكم الرئيس الحالي ماكرون، وفي الجانب الآخر، علينا أن لا نغضّ الطرف على مدى تململ الطبقات المتوسطة من الشعب الفرنسي، التي صارت تحاصرها الظروف المعيشية الصعبة، فهم بالتالي يعبّرون عن رغبتهم الملحّة في تحسين ظروفهم المعيشيّة، امام الارتفاع الكبير في الضرائب والاسعار، ويطالبون حكومتهم بأخذ مطالبهم محمل الجّد، وقد يزيدهم تعنُّت الحكومة وعدم الاستماع الى مطالبهم الإصرارعلى تأجيج الوضع و توسيع شدة التظاهر ورفع سقف المطالب الى الحد الأعلى.

وأمام ما يجري في باريس هذه الأيام، هل يمكننا القول ان الثورة الفرنسية الأم قد أعلنت عن تجدُّدها بعد قرون من انبثاقها؟! وهي بالتالي حتما ستكون ملهمة للكثير من الثورات المشابهة التي قد تجتاج الدول الاوروبية! فالظروف المتشابهة في اغلب الدول الاوروبية قد تشكّل ارضية مشتركة لتمدد ثورة نوفمبر الفرنسية الجديدة في دول اوروبية اخرى، وبالتالي حدوث الكثير من المظاهرات والاعتصامات، وهل يمكن القول عندئذ أن شتاءً ساخنا سيجتاح اوروبا!، أم أن الحكومة الفرنسية ستتمكن من احتواء الموقف ووقف التصعيد ولو باستقالتها نفسها ارضاءً للجماهير وبالتالي وقف تمدد ثورة السترات الصفراء؟!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • عبدالحق عبدالجبار

    اخي الدكتور عبيد …. عندما يكون هناك دستور ومحاكم نزيهه وقضاء نزيه …. و حكومات منتخبه من شعوبها فلا خوف علي البلاد يمكن ان تنتهي حكومه قبل موعدها … ولكن لن تبقي حكومة بدون شرعية او برلمان منتهيه شرعيته …. فرنسا و حكام وأحزاب فرنسا لن يجتمعوا لا في الصخيرات ولا في باليرمو وشعب فرنسا لن يرضوا بان ينصب عليهم حكومة لا من الخارج ولا الداخل … ولن تكون تكون حكومة الا بكلمتهم و بصمتهم … فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون …. شعوب قلوبها حيه … و سياسيون يعلمون موقعهم من الاعراب تحت الدستور وحبهم لبلدانهم قبل كل شئ ان كان خريف او ربيع فسوف يكون في الاخر الاحتكام للدستور و القضاء النزيه … قرانا دروس عمر رضي الله عنه و قاموا هم بتفعيل ما قمنا نحن بقراته … تحيه عطرة اخي الدكتور عبيد

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً