حكاية..صف الحمير..

حكاية..صف الحمير..

في المرحلة الابتدائية ايام زمان كان هناك ما يعرف بصف الحمير ، وصف الشطار وهو تنظيم اتبعه المدرسون للتفريق بين التلاميذ حسب مستواهم، وكان صف الحمير مخصص للتلاميذ الذين لا يستطيعون استيعاب الدروس وحل المسائل والإجابة عن الاسئلة مثل جدول الضرب أو حفظ قطع المحفوظات أو غيرها. ويتوزع التلاميذ منذ بداية المرحلة الابتدائية حسب رغبة المعلمين، ويمكن للتلميذ الموجه لصف الحمير أن ينتقل بعد فترة إلى صف التلاميذ الشطار النبهاء، إذا بذل مجهودا وترقى واصبح يفهم ويستوعب مثل غيره من بني البشر.

وعادة ما يقوم المدرس بحسب خبرته وتعامله مع التلاميذ، بنقل التلميذ من صف إلى أخر، وقد يدوم هذا التقسيم والتنظيم إلى اخر السنة الدراسية ، دون ان يظفر الجالس في صف الحمير بترقية مفاجئة ترفع من قدره ومكانته بين اقرانه في الفصل الدراسي الواحد. وعادة ما يصاحب تلميذ صف الحمير، الخجل وتراوده هواجس أن ينام ويصحو، ويجد نفسه قد طالت اذنيه واصبح حمارا ، من كثرة ما قيل عنه، وما تعود عليه من مناداة المعلم بهذه الصفة، اكثر من مناداته باسمه الحقيقي. ولا يكتفي المعلم بهذا، بل يتعداها إلى توجيه الألفاظ الجارحة، والتوبيخ لاصحاب (صف الحمير).

وفي كثير من الاحيان بعد أن يفشل في توجيههم للطريق الصحيح، كان ينصحهم دائما بالتوقف عن الدراسة ، والاتجاه للبحث عن عمل أحسن، وفي مرات كثيرة يتم استعمال العصى لتاديبهم، إذا صاحب فشلهم في تلقي الدروس، بمشاكسة التلاميذ النبهاء، وتعطيلهم عن مواصلة الدروس. التلاميذ من هذا النوع، منعا للاحراج، عادة ما يهربون في بداية العام الدراسي إلى اخر صفوف المقاعد حتى لاينتبه لهم المعلم، ويوجه لهم سؤالا مباغثا، أو يطلب منهم التقدم إلى السبورة ، وهم غير مستعدين اطلاقا لمثل هذا الاحراج.

حتى يكتشف امرهم إذا حضر مفتش من التعليم للزيارة، وهناك تكون الطامة الكبرى. لا أعرف كيف بدأت فكرة اطلاق هذه الا وصاف بحق التلاميذ غير المجتهدين، الذين يتركون مقاعد الدراسة في كثير من الاحيان، رغم انهم في النهاية تلاميذ مثل غيرهم من التلاميذ، لكنهم قليلي الفهم لظروف مختلفة، وبهذه الطريقة التعليمية، يتم تدمير شخصية التلميذ، بدلا من ان تكون حافزا له على العطاء والبذل وتحسين المستوى. وهي تجربة قاسية لمن مر بها، خاصة إذا افشى احد التلاميذ السر وانتقلت وصمة العار إلى خارج اسوار المدرسة.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً