حكاية مكان.. ميدان سوق الحوت بنغازي

حكاية مكان.. ميدان سوق الحوت بنغازي

371719158
سوق الحوت في الخمسنيات – اضغط على الصوره لتكبيرها

يعتبر ميدان سوح الحوت احد معالم المدينة القديمة في بنغازي، وسُمِيَ بهذا الإسم لوجود سوق متخصص لبيع الاسماك فيه. ويقع ميدان (سوق الحوت) فى وسط المدينة القديمة، ويتفرع منه شارع العقيب، وشارع المهدوي، وشارع فياتورينو، ويحده شارع عمر المختار بالقرب من الزاوية الرفاعية و كورنيش الشابى.

في منطقة سوق الحوت وبالتحديد خلف (سوق بيع الاسماك)، كان يوجد ميدان صغير، تتوسطه ما كان يعرف بـ (الجابية) تحيط بها اشجار كثيفة تتجمع فيها الطيورعند مغرب كل يوم، للراحة، لا يزعجها الا اصوات مقاليع الصبيان المشاغبين.

في تلك الساحة، كان هناك مطعم سي بشير الذي اشتهر بتقديم اكلات الفاصوليا بالكرشة، والحرايمي، وهو عبارة عن (طبيخ من السمك الحار). وعلى اطراف الميدان، وانت متجه ناحية البريد الرئيسي وشارع فياتورينو، كان هناك مطعم بوذراع، وهو من اوائل من قاموا بتقديم وجبة (الدجاج المحمر).

وبجانب المطعم كان هناك صيدلية الجميع، لصاحبها الحاج بوقرين، وبجوارها محل أبناء الفاسى للدراجات الهوائية، وفي المبنى المجاور كان مقرالمعهد العام، لصاحبه خليل الكوافي، المتخصص في تعليم الضرب على الالة الكاتبة، وضم بين جدرانه فرقة للتمثيل باسم المسرح العام، وامام هذا المبنى مباشرة، نصبت بلدية بنغازي، في ستينيات القرن الماضي عدادات خاصة لوقوف السيارات، مثل التي كانت موجودة فى اوربا وامريكا.

وانت تسير باتجاه شارع عمر المختار، تجد في طريقك السوق الجديد (سوق الربيع لاحقا) الذي سنأتي على ذكره لاحقا…. ملاصق لسوق الربيع، تجد كابراتيفا..سي عوض شمام (القرقوري) (1905 ـ1997،)، التي كانت عامرة في ذلك الوقت بأفضل انواع المواد الغذائيه، وكان معروفا ببيع أرقى انواع الاجبان الإيطالية والفرنسية، وكذلك السمك المجفف أو الرينجة اليونانية، وجميع انواع المكسرات، من لوز وبندق.

وكان أكثر ما يميزه البضاعة المعروضة فيه بشكل جذاب، مرتبة ومنسقة بطريقة بديعة، وكانت الاسعار في متناول الجميع. وكان الحاج عوض شمام يتعامل مع جميع زبائنه بكل مودة وأدب جم، وبصوته الهادىء وإبتسامته الودودة، ولهذا كان الجميع يحترمونه. وبجانبه هناك كان يوجد محل حسنى ووهبى طرخان للمواد الغذائية،وفيه تجد كل المعلبات المستوردة.

ومقابل شمام وطرخان كانت عمارة (السقرسيوني) والتي عرفت فيما بعد بعمارة التامين، كان هناك كشك بحيري، ملتقى عشاق ولاعبي كرة القدم من اندية بنغازي المختلفة، يتناقشون ويحللون مياريات الدوري الليبي.. وبعد محل طرخان، كان هناك محل بن علي لمستلزمات الطفل والام، ومحلات ابناء عثمان الورفلي للادوات الكهربائية واليكترونية، ومحل جريبيع للبقول.

وامام البنك الزراعى مباشرة كانت توجد محطة ((تاكسيات)) وعلى احد جوانب البنك الزراعى المطل على ميدان سوق الحوت هناك محطة (العربيات) التى تجرها الخيول ومن ضمن أصحاب تلك، أتذكر جيدا، رجل أسمر طويل القامة أسمه (سي عبد القادر)، وعرباتجي اسمه سعد الله، وأخر أسمه المزغني، ولا انسى المرحوم مفتاح الفيتوري، الشهير بمفتاح لسحم. والمشوار لايزيد عن عشرة قروش. وكان ميدان سوق الحوت يضم مكاتب المحامين ومحرري العقود والتخليص الجمركي، ومكتب الضرائب، وفندق الانيس.

ومن معالم ميدان سوق الحوت:

قهوة سي ميلاد…

تحت الاقواس الملاصقة للسوق الجديد، هناك مقهى سى ميلاد، كراس متناثرة في الخارج يجلس عليها كل شرائح مجتمع بنغازي الصغير، من بائعي السمك، الى الموظفين في الادارت الحكومية المختلفة، ضباط جيش وشرطة وحرس بلدي، الى ادباء، مثل الشاعر عبد ربه الغناي، الى جانب اصحاب المحلات القريبة من القهوة، وحتى البحارة اليونانيين، وكراسي وطاولة في الداخل يلعب عليها الزبائن الكارطة،. وكان هناك دولاب زجاج بداخله مجموعة من اوراق اللعب المختلفة، (اسكمبيل والشكوبة ورومينيو) يمضي زبائن القهوة وقتهم في اللعب، يمشكو الكارطة، ويبدأ الطرح ( رباعة ..سداسة) واوراق الكارطة ترتفع وتهبط، حتى ينتهي الطرح بسلام. ومع هذا يحتسون القهوة والشاهي ويتبادلون الاحاديث المختلفة.

قهوة سليمان بيدة…

سليمان بيده، احد رموز بنغازي المعروفين،و حسب الذين عاصروه، كان من رياس لبلاد لقدم، وحوات قديم خاصة بالجولاطينة، في شبابه، كان ممتلي فتوة وعنفوانا، بسيطا، واضحا، صادقا، والوفاء للاصحاب عنوانه.

تقع قهوة سليمان بيده، خلف السوق الجديد، أو ما كان يعرف بـ(الجابية) وهي نافورة مياه، تحيط بها اشجار باسقة، وبها ساحة كبيرة وحمامات عامة. وعدة محلات منها، محل الشيباني لتجارة المواد الغذائية بالجملة، ورشة تصليح الثلاجات والغسالات وكذلك ورشة تصليح ساعات رولكس لبن سعود والشيخ، ومطعم سي بشير للحرايمي والقلاية. فى هذا المقهى الشعبي كان يلتقى فيه كثيرمن شباب تلك المنطقة، يشربون القهوة والشاهي بالكاكاوية، ويلعبون الكارطة والجتوني.

ومن رواد المقهى، الرياضي عياد الفلاح، والرياس سالم الحراثى وخليفه تشيكو، وخليفه بوزوية، والشباب، حسن تويجر، حميد العالم، مسعود مخلوف، وإحريف صاحب مقهى نادى الهلال الرّياضى، وغيرهم من أبناء تلك المنطقة.

قهوة علي كشلاف…

في مقابل قهوة “بيدة” وبالقرب من سي ضريح سي مؤمن كان هناك مقهى على كشلاف، وهو مقهى صغير يديره علي كشلاف، ورواده من ابناء وشباب المنطقة، هناك تجد “إحميده كشلاف” الجالس دائما على كرسى متحرك بسبب الإعاقة التى كان يعانى منها منذ طفولته،كذلك نورى كشلاف شقيق صاحب المقهى كان دائم التواجد فى هذا المقهى، ومن رواده، جمعة فياشكة، حسين الشيخ، عادل الحصادى،فتحى عبدالله عثمان، وإمجوده الصغير.

السوق الجديد (سوق الربيع):

السوق الجديد، يقع في ميدان سوق الحوت هو سوق دائرى صغير مسقوف وارضيته من المرمر، نظيف وبضاعته معروضة بطريقة جميلة، وهو ينقسم الى قسمين، القسم الامامي مخصص لبيع اللحوم الطاجزة، وفيه تجد محل ابراهيم النوال للجزارة، ومساعديه (ابناء ماعونة)، ومحل بوقرمه، ومحل صالح بوفانه، ومحل ابناء مخلوف.

أما القسم الثاني من السوق فكان متخصص في بيع المواد الغذائية والفواكه والخضروات الطازجه. وكانت تحيط بالسوق عدة محلات تجارية، منها بقالة طرخان، وبقالة حمد أهليس، وبقالة المالطي، وبقالة عوض شمام، ومحل عبد الله عثمان للادوات الكهربائية، ومحلات بن علي للوازم الاطفال، ومحل جريبيع. خارج السوق كانت تجلس عجوز سمراء، تبيع الفول الساخن من ناره في قراطيس للمارة، وتبيع الكاكاوية أمام سوق الحوت فيشتري منها زبائن قهوة سي ميلاد والمارة.

الان الاوضاع تغيرت، ووتحول سوق الحوت الى سوق للخضروات والفاكهة، وبعض محلات بيع السجائر، والملابس، اما سوق الربيع فهو تحت الصيانة الابدية. واقتصر الامر الان عن تحول الميدان، قبل واثناء حلول شهر رمضان الكريم، في كل عام الى سوق شعبي..، حيث تنصب الطاولات الطويلة التي تمتد من نهاية شارع العقيب، الى الحديقة الملاصقة للزاويا الرفاعية على شط الشابي لبيع المشروبات والاكل والتمور والالبان وانواع الخبز المختلفة للصائمين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 2

  • منذر مفتاح نتفه

    ربي يحفظك والله سوق الحوت احسن مكان بس خربووه الخوااارج

  • محمد محمد الفيتوري

    أولا أشكرك علي هده المعلومات القيمة ولكن ما حز في تغسي هو أن سيادتكم لم تتطرقو لأسماء أصحاب محلات الخظار التي كانت تدار داخل سوق الجديد ومنهم علي سبيل المثل :-
    – الحاج محمد بوديه الفيتوري ( رحمه الله )
    – الحاج سالم العمامي وأبنائه
    – الحاج أبراهيم محمد الفيتوري الملقب ( بالفونشة ) وهو ملاكم قديم ( رحمه الله )
    – سيدي حمد أجربيع ( رخمه الله ) وكان داخل السوق ومقابل للحاج محمد بودية من الباب البجري
    السيد المحبرم : كل ما أقصده بهده الاضافة هي فقط لكي يعرف سكان بنغازي من الشباب كيف كان يدار هدا السوق في دلك الزمن الجميل زمت الخير والمحبة والتسامح وفقكم الله والسلام عليكم
    محمد محمد الفيتوري أبن الحاج : محمد بوديه الفيتوري وأخ الحاج أبراهيم محمد الفيتوري ( القونشه )

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً