فتنة الحرب في ليبيا

فتنة الحرب في ليبيا

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

الحقيقة العامة للفتنة:-

اذا رأيتم صالحين يتقاتلان ، واذا رأيتم رجلين أهدافهما واحدة يتخاصمان او يتشاجران وقد زين بينهما ان احدهما صالح والآخر غير صالح رغم أنهما صالحان معا وزين بينهما ان اهداف احدهما ضد اهداف الآخر وزين بينهما القتال فهذه هى الفتنة بصور مبسطة.

فتنة القتال بين جماعة فجر ليبيا وجماعة جيش الكرامة:-

أعدادا من أفراد جماعة فجر ليبيا هم صالحون وأعدادا من أفراد جماعة جيش الكرامة هم  صالحون وهم بعض من ثوار فبراير الفعليّين وبعض الوطنيين الذين يتألمون لألم ليبيا ويفرحون لفرحها مع وجود أعدادا في الجماعتين هم مجرمون ولصوص وحثالات من مجتمعنا وقتلة وبدأت الفتنة واضحة في صورها بالحرب بين الصالحين من الجماعتين.

جذور الفتنة :-

كان المناخ العام في ليبيا مهيئ لحدوث هذا التصادم بين جماعة فجر ليبيا وجماعة جيش الكرامة سواء في بنغازي او طرابلس بسبب الانهيار الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، والذي كان سببه اليقيني قيادات فبراير التشريعية والحكومية الفاشلة ، حكام ليس لهم غرض وطني الا اقتناص المناصب واختلاس الأموال وتكوين الثروات فكان طوافهم في ليبيا طواف للغنيمة وليس طواف للكفاح والعمل من اجل ليبيا ، فظهرت في الشرق الليبي مايعرف بعملية الكرامة لبسط سلطة الجيش على الارض الليبية وإنهاء حالة الانهيار الأمني والتي فشلت فيها حكومات فبراير وانضمت في الغرب الليبي وحدات عسكرية محسوبة على مدينة الزنتان الى جماعة جيش الكرامة وكانت حرب جماعة جيش الكرامة شاملة على جميع الجماعات ، دينية وغير دينية ، متطرفة وغير متطرفة ، متهمة وغير متهمة ، ارعب ذلك الجماعات الدينية المتطرفة وبعض الكتائب المسلحة في الغرب الليبي من الاخوان المسلمين والسلفية الجهادية* وغيرها وقامت هذه الجماعات بتحريض ثوار فبراير على جماعة جيش الكرامة وكونت اعتقاد بين ثوار فبراير الفعليّين ان جماعة جيش الكرامة تسعى الى الانقلاب على ثورة فبراير بقتالها لجماعات الثوار في الشرق الليبي وكان هذا الاعتقاد أقوى في الجماعات المحسوبة على مصراتة فتحالفت هذه الجماعات المتكونة من بعض ثوار فبراير والاخوان المسلمين و السلفية الجهادية وعرف تحالفهم بعملية فجر ليبيا  واندفعت الى الوحدات العسكرية المحسوبة على مدينة الزنتان والتي هى الجناح الغربي من ليبيا لجماعة جيش الكرامة  وحدث بينها القتال وحرب ظالمة في طرابلس وغربها ثم مدن الجبل ، لذلك فان القتال والحرب القائمة الآن هى بين ثوار فبراير الفعليّين من جماعة فجر ليبيا ومن جماعة جيش الكرامة مع تحالفات شاذة منضمة إليهما هى تحالفات دينية متطرفة وتحالفات إجرامية والذي جعل رفقاء الأمس أعداء اليوم هم الجماعات الدينية التى جاملها ودعمها واستنهضها حكام فبراير ، خسرت جماعتا جيش الكرامة وفجر ليبيا ارصدتهما الوطنية وشابتهما التهم لأنهما  ضما واستعانا بالمجرمين والقتلة ، وكان من تداعيات ذلك قتل لعائلات ليبية وتهجير لها وحرق لبيوتها وتم هذا الأجرام باسم الأهداف الوطنية وباسم اهداف فبراير ، واي جماعة تستعين بالمجرمين وحثالة المجتمع فإنها جماعة تجيز ضمنيا الأجرام تحقيقا لأهدافها.

أوجه كارثية برزت في هذه الفتنة:-

1- استعان طرفا الفتنة بفتيان خرجوا لتوهم من سن الطفولة المتأخرة ليدخلوهم في مطب حياتي مدمر بزجهم في القتال المحتدم بين الجماعتين  تغريرا بهم وتزيينا ان من يقاتلوهم هم ضد ليبيا وضد الوطن، وهو أعداد وتأهيل عملي حتى يكونوا مجرمي ومقاتلي المستقبل في ليبيا، وهذا هو ذات الأسلوب الذي استخدمته العصابات الافريقية في بعض بلدان افريقيا للزج بالأطفال في القتال.

2 – قتل وتهجير العائلات الليبية وحرق بيوتها في مناطق الحرب وهى أفعال غير مسبوقة لم يحدث لها شبيه الا في عهد الغزو الايطالي لليبيا.

3 – تقسيم فعلي لليبيا ، اداريا وسياسيا واقتصاديا الى دولتين ، دولة في الغرب الليبي من سرت شرقا الى راس أجدير غربا وجنوبا الى الحدود الليبية السابقة ، ودولة في الشرق الليبي من سرت غربا والى أمساعد شرقا وجنوبا الى الحدود السابقة ، ولكل دولة من الدولتين حكومة ومجلس نواب ، تعتمد حكومة الشرق الليبي في مصاريفها  على الإيرادات الحاضرة من النفط الليبي وتعتمد حكومة الغرب الليبي على مدخرات ليبيا المودعة في المصرف المركزي.

4 – حكام في الجنة وشعب في الجحيم ، رجال دولة الشرق الليبي من حكومة ومجلس نواب ورجال دولة الغرب الليبي من مؤتمر وطني بائس وحكومة  هم خارج الواقع الليبي ويحيطهم النعيم الذي لا يحيط أبناء الشعب الليبي ومن نعيمهم  *( أطايب من الطعام وتدار عليهم لذات الصحائف والجفان. وتطرح لهم الموائد. بطعام غير سائد. لحوم مما يشتهون. وفاكهة بما رغبوا او لا يرغبون. وطحين. قمحه جنين. وحلوى من عسل ولوز وجوز وسمن. وقهوة فاخرة غالية الثمن . ومن مرض منهم له دواء. يقوض من فوره الداء. مواده الشافية من غابات الأمازون. ومن ملكات النحل والحلزون. وإذا لم يجدوا لهم علاجا ،على الفور تفتح لهم الخزائن للعلاج في جنان الدول الأخرى.

من جنة وبستان ليبيا، كسوتهم براقة جاذبة للأبصار واجسادهم تتوهج عطورا وطيبا من أرقى العطور والطيب. يلهون. يسبحون. يلعبون. وعلى جلسات التدليك يتناوبون.وسياراتهم مصفحة فيها أقصى مواصفات الرفاه والسلامة والأمان  ويحيطهم حراس. شديدي البأس . لا يرضون بهم مساس. إقامتهم قصوراً او دياراً او دوراً فخمة. ضخمة. ترتفع أسقفها بأعمدة من المرمر المنحوت وتتوهج ارضياتها لمعانا ويسري عبر الجدران ماء عذب معالج بأحدث أجهزة التنقية وهو ليس للشرب بل للغسل وصنابير مياه من معدن خالص يتدفق منها الماء باللمس وليس بالتدوير والحمامات مياهها ساخنة وباردة ومعتدلة يخالطها ماء الورد او ماء الزهر واحواضها من المرمر العاجي. والفخار الزجاجي. بثت في القصور والديار والدور الزرابي الأصلية والفرش الرطبة الحريرية الزاهية والأرائك العريضة والخزائن المصقولة. والستائر المفتولة. والشاشات المرئية. واللوحات الجدارية. والمجسمات المنزلية. والمصابيح الوهاجة  والسررالغاطسة في أعماق النعومة).

وهذا ابلغ درجات الانحطاط الأخلاقي و سوء الخلق لحكام فبراير الذين يتمتعون بنعيم وأنعام ليبيا وابناء الشعب الليبي يقاتل بعضهم بعضا وابناء الشعب الليبي في الشتات ، بعضهم نازح وبعضهم مهجر وبعضهم مشرد ، ينتظرون الهبات والصدقات ،كرامتهم المعيشية مرغت في الوحل وهم أعز  من ان تمرغ كرامتهم.

5 – شحن على شحن ، شحن الشعب الليبي على شحنه الماضي بالعداوة والحقد والبغض على بعضه.

6 – أوجه اخرى لهذه الحرب ، تكوين مناطق منكوبة إنسانيا ، رفع وتيرة الأطماع الدولية في ليبيا، إفراغ ليبيا من فعالياتها الوطنية ، الاعلامية والعلمية والعقلية والثقافية والاقتصادية وغيرها باتخاذ الهجرة مقصدا.

_______________________________________________________________

* مابين القوسين ، جزء من مقال سابق عنوانه ( ليبيا جنة للحكام وجحيم للمحكومين ) من كتاباتي يتفق فيه هذا الجزء مع المعنى الوارد أعلاه في المقال .

* السلفية الجهادية في ليبيا ، هى الجماعة الليبية المقاتلة ، انصار الشريعة ، القاعدة ، جماعات جهادية متفرقة لا تنتمي الى اسم معين منشقة عن جماعاتها الاساسية ، جماعة التكفير والهجرة

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 4

  • توفيق

    لمادا لم تتكلم عن الدعم المصري الاماراتي والضرابات الجويه وحزب التحالف وورشفانه وجيش القبائل
    مقالق تنقصه المصداقيه والحياديه فانت وصفة الكرامه بالجيش ورئاسة الاركان وصفتها بالغير شرعيه فاي جيش تتكلم عنه ولمادا تطرقت لوصف قوات فجر ليبيا باوصاف اجنده انت تحاول ان تصطاد في الماء العكر
    اسف انت لا تمتلك المصداقيه وهي الوسيله الوحيده لكي تجعل منك كاتب ناجح

  • عيسى بغني

    أخي الكاتب هذا المقال كان يمكن أن يكون أكثر مصداقية أو نقل أكثر عمقا لتفهم أسس الصراع، أما أن تتحدث عن مجموعة من ضباط الجيش (رفضهم الجيش) لا يريدون التقاعد بأنهم الجيش الليبي فهذا تسطيح للموضوع، وأن تتناسى مقدار الإجرام في طرابلس بسبب المنسوبين على الكرامة، وكذلك الإنقلاب الذي حدث في طرابلس وأعطيت المهلة 3 ساعات للمؤتمر فهذا تجني بل وتزييف للحقائق إن لم يكن سؤ فهم ونقص في إستيعاب المشهد الليبي.

  • هارون الشتيوي

    –الخيار الصعب —
    دائما ماتتردد أمامنا كلمة أهداف ثورة 17 فبراير ولاكن إلى حد الان ما زلنا لا نعرف ما هي هده الاهداف وفي مسؤلية من تحقيقها. والحقيقة انها لا توجد حاجة الان إسمها أهداف . لان الهدف يعني أن يكون أمامك عنوان ولا عنوان الان أمام الجميع. وكل الناس. تائهة. تموج. تنتظر. تهرب. تختفي. تخزن. والسبب في ذلك كله عدم وجود عنوان وهدف منتظر ومن يحقق هذاالهدف . فلابد من إعادة النظر والرجوع الى المربع الاول لقراءةالمشهد من جديد؛؛ لقد خرجت الجماهير وقالت الشعب يريد إسقاط النظام وخرج من رحم هده الجماهير ثوار إستجابوا بحسن النية لهذه الجماهير؛؛ وبدعم من حماس هذه الجماهير ومشاركة إقليمية ودولية سقط النظام.إلا ان هذه الجماهير تبيّن انها لم يكون لها أهداف الا نعرة غير محسوبة. ولم تكون في الموعد من أجل بناء نظام يستوعب الجميع ويجبر الخواطر ويأخذ بالمسؤلية الاخلاقية والواقعية للتعامل مع هؤلاء الثوار والاعتراف بهم كمعادلة أساسية في النظام الجديد والأكثر من ّذلك وصفوهم بالمليشيات واستهجنوا ماقامو به في تحقيق طلبهم المرير (إسقاط النظام) وبعد أن وضعوهم أمام سحق نار الثورة المضادة تخلوا عنهم(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ والان الثوار أمام الخيار الصعب وكل التطلّعات التي ينتظرها المتفائلين لبناء ليبيا الحديثة فانها واهية ومبنية على تشخيص خاطيء يتجاهل الواقع ويتجاهل حقيقة هذا الشعب المغيّب . فإن الليبين بعد أن فقدوا سلطة الظمير التي كانت تقودهم في عهد الملك إدريس قد لا يكون أمامهم خيار الان إلا سلطة العصاة الغليظة ومجبرا أخاك لا بطل. وكلنا نعلم كيف قادة هذه السلطة(سلطة الضمير ) هذا الشعب عندما كان الليبي يخاف من شاعر يقول في حقه بيت شعر وكان يقفل متجر الذهب بعصاة ليذهب إلي المسجد ونعلم عندما يذهب شخص من الغرب إلى الشرق أو العكس كان يحاول أن لا يُعرّف بنفسه على انه ضيف من إحراج كرم الضيافة وكيف كان دور القبيلة في الامن الاجتماعي وكيف كان قدر رب الاسرة عند أبنائه وقدر المعلم عند تلاميده وغيرها كثير .فلابد من تشخيص واقعي لحقيقة هذا الشعب المُغيّب، والتفائل الغير واقعي لايخدم المرحلة ولابد عند قراءة المشهد الليبي من التفريق بين السلطة المعلنة والسلطة الفعلية أي السلطة المعلنةالمتمثلة في البرلمانات والحكومات الخاضعة للتداول. والسلطة الفعلية التي تنتزع إنتزاع. ولليبيين تجربة في ذلك عند الفرق ما بين سلطة الشعب في مؤتمر الشعب العام وبين سلطة الصقر الوحيد ملك ملوك إفريقيا.وأصحاب السلطة الفعلية لا يكترثون بمقر السلطة المعلنة المرتهنة لديهم. ولعل تحديد مقر البرلمان في المنطقة الشرقية يريحنا من إستوانة -تهميش – مركزية – برقة الانطلاقة -الخ. ولعل هذا البرلمان يحسن في قراءة المشهد ويحدد مسار يأخد بالمسؤلية الاخلاقية والواقعية وجبر الخواطر إتجاه الثوار والرجوع بهم من قريب باتجاه واقعية بناء الدولة ولا يدفعهم للتَوحّش والتَغوّل وللنتائج الغير محسوبة للجميع. وتجربتهم في ثورة 17 فبرائر ليست ببعيد .

  • محمد

    اخي الكريم ، اعجبني انصافك ، لكنّه لم يكن بالإنصاف الكافي ، و ذلك لأنك لم تكتب حقائق بالقدر الذي ذكرت به حقائق فجر ليبيا …

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً