لا بأس عبد الجليل .. فللعدالة وجوه كثيرة

لا بأس عبد الجليل .. فللعدالة وجوه كثيرة

قد يكون من أحلام اليقظة عند اى ليبي في السابق أن يتناهى إلى سمعه أو تقع عيناه على خبر مثول اى مسئول ليبي أمام الهيئات القضائية للتحقيق معه أو سماع أقواله أو حتى الاستئناس بشهادته على اقل تقدير، غير أن هذه الفكرة قد تبدأ في التلاشي بعد أن شاع خبر التحقيق مع رئيس المؤتمر الوطني الانتقالي السابق المستشار مصطفى عبد الجليل على خلفية قضية مقتل اللواء عبد الفتاح يونس إبان ثورة السابع عشر من فبراير.

فالعنوان لاشك جميل أن ترى مسئولا رفيعا يجلس ليتم سماع أقواله طيلة إحدى عشرة ساعة يجعل الكثيرين منا يشحذ ذهنه ويسن قلمه ويشمر عن ساعديه لينطلق في الحديث عن أننا بدأنا في السير بخطى حثيثة نحو استقلال القضاء وإرساء مبادئ العدالة ومحاسبة كل مخطأ مهما علا شانه واى كانت صفته إلا أن التمعن في الموضوع ومحاولة قراءة ما قد يتوارى خلف السطور قد يجعلنا نرى الصورة بشكل مختلف.

فالتحقيق مع السيد مصطفى عبد الجليل ما كان ليتم لولا انه قد توجه من تلقاء نفسه وطواعية للإدلاء بما لديه أمام جهات التحقيق وهو الذي أعلن في مرات عديدة انه مستعد لان يكون أول من يحاسب على أخطائه وهو ما يحسب للرجل بدون شك فلو انه استقوى بقبيلته أو بمدينته أو استعمل ابسط أنواع الأسلحة الموجودة في جعبة اصغر كتيبة في ليبيا لم سمعنا بهذه الضجة التي ملأت الكون وجعل من قناة العربية تأخذ نصيبها المعروف من تغطية الشأن الليبي “على طريقتها طبعا” لذلك قد يتساءل البعض ماذا نريد القول إذا؟

لسنا في وارد الدفاع عن السيد عبد الجليل باى حال من الأحوال فهو أدرى بشؤونه ورعايتها واقدر على إزالة ما قد يحيط به من شكوك ولكن ..أين جهات التحقيق “المستأسدة” والتي رأينها خرجت على الملا وكأنها قد وقعت على صيد ثمين من عشرات الآلاف من أصحاب السوابق الجنائية الذين يجوبون شوارعنا بكل حرية وفى استخفاف واستهتار لا مثيل له دون رادع أو ضابط؟ أين المحاكمات التاريخية لمن خرج من مسؤولى المكتب التنفيذي والحكومة الانتقالية واقل ما يمكن أن يوجه إلى بعضهم تهم تتعلق بإهدار المال العام والتقصير والإهمال وأحيانا التواطؤ ضد مصلحة الوطن؟ بل أين المحاسبة الحقيقية للسيد النائب العام ورئيس ديوان المحاسبة عن تخاذلهم في متابعة الجرائم والمخالفات والتجاوزات الحادثة خلال المرحلة السابقة؟ أين المبادرة إلى محاسبة الأزلام والمتطوعين والقتلة ممن أراقوا دماء الشعب الليبي ونحن نرى اغلبهم حرا طليقا وفى عينيه نظرات الشماتة والتشفي ولسان حاله ينطق: من يجرؤ منكم على اليوم؟

لاجرم أننا سنجد مئات التبريرات والأسباب التي تبرئ هذا أو تلتمس العذر لذاك ولكن إذا قلنا بان قضية اللواء عبد الفتاح هي قضية رأى عام فهل قضية أموال وأعراض ومستقبل ثورة الشعب الليبي اقل شانا حتى يتهاون فيها؟ لذلك لا يسعنا في النهاية إلا الاعتذار للسيد مصطفى عبد الجليل لان في بلدنا لازال للعدالة وجوه كثيرة!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً