لمحة عما جرى في مدينة طرابلس

لمحة عما جرى في مدينة طرابلس

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

لا اعرف ميلا الى اي شيء فيما يجري من احداث في ليبيا الا للحقيقة واكتبها كما هي وكما اعلمها وليس كما تعجب او ترضي الناس وليس من الامانة مجاملة الناس او مجاملة أطراف منهم على حساب الحقيقة وهذا نهجي فيما اكتب، وانا عليه ما حييت ليشتم من يشتم وليهدد من يهدد وليترصد من يترصد وليس لهم الا الاحباط والخسران وليس لي الا ان ادفع نفسي جاهدا حتى أكون أمينا بما ألزمت به نفسي في نقل الحقيقة.

بدأ انتفاض اهالي بعض الاحياء في مدينة طرابلس انتفاضا وطنيا خالصا ضد بعض العصابات المسلحة  التي امتهن بعضها الجريمة والخطف والإخفاء و الاستفزاز والابتزاز لأهالي طرابلس  لتقفز على هذا الانتفاض عصابات مسلحة تتبع لحكومة الوفاق الوطني فتدخلت مع الاهالي لمساندتهم بحسب ما ابدت وفي الحقيقة هي تبحث عن التغطية والمساندة من بعض اهالي الاحياء وقد وجدتهما بهذا الانتفاض  وهى ما يعرف بكتيبة ثوار طرابلس وقوة الأمن المركزي بابوسليم وقوة الردع الخاصة وتحول الاشتباك بين عصابات وبعضها وخرج الانتفاض عن الإرادة الأهلية ليدخل في الإرادة العصابية وخرج عن السعي الأهلي ليدخل الى السعي العصابي وخرج عن اهدافه الوطنية ليدخل في الأهداف  السياسية وتمت مداهمة مقرات العصابات الاجرامية من بعض الاهالي وعصابات حكومة الوفاق فحدث عند بعضها صدام ومقاومة وفاوضت بعضها للخروج من مقراتها وفرت بعض العصابات من مقراتها ولم يكن الامر سيطرة واستلام لهذه المقرات فقط بل نهب وسرقة لمحتويات هذه المقرات والتي هي محتويات عامة كانت عند لصوص وأصبحت عند لصوص.

كان اندفاع واحتقان بعض أهالي الاحياء على العصابات المسلحة سانحة للعصابات المسلحة التابعة للوفاق الوطني والمذكورة أعلاه لتصفية حساباتها مع العصابات المسلحة التابعة لحكومة الانقاذ فانطلقت الى مقرات عصابات حكومة الانقاذ تحت غطاء بعض اهالي احياء مدينة طرابلس وحدثت اشتباكات أدت إلى انسحاب عصابات حكومة الانقاذ.

لم يكن الاشتباك الذي حدث بين تحالف الاهالي وعصابات الوفاق والعصابات الاخرى اشتباكا مهنيا حرفيا بل كان عشوائيا غرضه الدفع لتراجع او انسحاب الخصم المقابل ، لهذا وقعت إصابات بين المدنيين ولم يعرف عن  العصابات المسلحة في ليبيا عند الاشتباك الا الرمي العشوائي وليس الرمي الحرفي المعروف في الجيوش لافتقادها للتدريب ولم يعرف لهذه العصابات المسلحة من ساحات قتال الا داخل المدن وبين المدنيين، لهذا دائما ما يكون الضحايا من المدنيين اكثر من المتقاتلين فأصيب بعض المدنيين قتلا وجرحا الا ان الإصابات العظيمة هي الإصابات النفسية التي وقعت في نفوس الاطفال من هلع وترويع بسبب أصوات القذائف والرصاص وبسبب الجو المشحون بالخوف الذي يجتاح عائلات الاطفال باحتمال وقوع إصابات عليهم والذي يدركه الاطفال سريعا من تصرفات الآباء والامهات وذلك يعيق النمو النفسي والعقلي* عند الاطفال مع تكرر هذه الحروب مما يخلق اجيالا غير مستقرة نفسيا ، ومع ضغط  وعسر الحالة المعيشية التي يعيشها الليبيون عامة  تزيدهم هذه الحروب ضغطا نفسيا يتمثل في حالة الهلع التي ينشأ عنها حالات ضغط دم وارتفاع السكر في الدم والاكتئاب وحالات نفسية اخرى وما ذلك بسبب العصابات بل بسبب الذين جاملوا وشرعنوا ورسموا ودعموا هذه العصابات الاجرامية من حكام تعاقبوا على ليبيا هم سلالة أصيلة منحدرة من هبنقة الذي يضرب به المثل في الحمق.

للحقيقة لم تكن العصابات التي تمت مداهمتها تنتمي إلى مدينة بعينها كما صور اعلاميا بل تنتمي إلى عدة مدن وبعضها ينتمي إلى عقائد دينية متطرفة.

والامر في ذلك لا جدوى وطنية منه لان العملية تحولت الى عملية اخراج عصابات مسلحة بعصابات مسلحة اخرى ولا اختلاف بين العصابات التي ساندت بعض الاهالي عن العصابات التي تمت مداهمتها الا في التبعية فالعصابات التي تمت مداهمتها لها تبعية للجريمة وتبعية لعقائد منحرفة وتبعية لحكومة الانقاذ والعصابات الداهمة لها تبعية لحكومة الوفاق ولها تبعية لجرائم مالية عديدة ولها تبعية لعقائد منحرفة (السلفية السعودية) مع تبعية وطنية في محاربة الجريمة لبعضها وما ذلك الا محل تقدير تستحقه قوة الردع الخاصة تحديدا.

___________________________________________________

* النمو النفسي والعقلي: في مرحلة النمو العامة عند الاطفال يترافق النمو النفسي مع النمو العقلي والعكس وإذا حدث لأحدهما اضطراب او خلل فانه يؤدي الى اضطراب او خلل الاخر. والهلع الذي تحدثه الحروب أحد مسببات اضطراب او خلل النمو النفسي والعقلي عند الاطفال.

[su_note note_color=”#ecebc8″ text_color=”#000000″]هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 3

  • أحمد عبدالله فهمي

    السلام عليكم سيد محمد على المبروك.
    بارك الله فيك على هذا المقال و أعانك الله على توخي الحقيقة و الحذر في الكتابة في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها ليبيا الحبيبة.
    الكتابة في هذه الظروف نوع من الشروع في الانتحار إذا كنت تحيا تحت بنادق هؤلاء السفهاء.
    المصيبة ان تصبح ثروة و مقدرات و سلاح الشعب الليبي في أيدي سفهاء لا وطنية لهم ولا ولاء الا للدولار. فأصبحت هذه الثروة عرضة للنهب وهذا السلاح أداة لقمع و إذلال المواطنين. وبعد أن خذلنا من أنتخبناهم و صادرو إرادتنا السياسية و كأننا أنتخبناهم لما تبقى من عمرهم و عمر أبناءهم فلا ترى أي من أعضاء المؤتمر و لا البرلمان قد تنازل بإرادته عن وضيفته التي لم يؤديها خلال مدته القانونية لانه بعزمه انه عضو منتخب يستمد شرعيته من الشعب و هو يعلم ان الشعب اصبح يشتمه و يشتم أهله صباح مساء.
    أحزاننا كبيرة و آلامنا كثيرة ولا مجال لحصرها في هذا الرد المقتضب.
    أردت تهنأتك على مقالك فجرفني إحباطي و حزني على هذا الوطن الى الثرثرة و الإسهاب. عذرا

  • محمد علي المبروك

    شكرًا لك اخي الكريم احمد عبدالله فهمي ، ان مثلك دافع لي ، وتعليقك يعبر عن أحاسيس وطنية وافكار فيها تشخيص حقيقي لواقع الحياة الليبية ، ممتن على هذا التعليق الذي يشحن في داخلي الهمة

  • عبدالباقي حسن

    بارك الله فيك يا محمد ، على وجهة نظرك الوطنية للأمور ، و نحن في عصر صار فيه الأعلام عبارة عن مزيج من الهرطقة و التهريج ..
    لدرجة تجد دكتور يبلغ من العمر 60 عام ، يدافع بكل شراسة عن مجموعة من المليشيات و الصبيان الذين عاتو في الارض فسادا ..
    الصراحة أنني مستغرب من وجود كتاب أمثالك … فبارك الله فيك و استمرررررررر

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً