ليبيا.. يفرج ربي!

ليبيا.. يفرج ربي!

قلتم ثورة.. وقلنا نصف ثورة.. قلتم وطنية.. وقلنا أجندات أجنبية.. قلتم تغيير.. وقلنا في الشكل لا في المضمون.. قلتم عدالة.. وقلنا غالب ومغلوب.. قلتم تقدم.. وقلنا تخلف…!

أربعون سنة من حكم طاغية أرعن كانت كافية لتخريج أجيال من الجهلة وأنصاف المتعلمين والمنافقين والقفافين.. أجيال تربت على الكسل تنام وقت العمل وتستيقظ وقت الأكل أجيال متشبعة بثقافة الغش في الامتحانات وتزوير المستندات وتقديم الملفات وانتظار التعيين في أي مرفق عام فالمهم هو الراتب وليس التخصص لأن القذافي أوصد كل أبواب الطموح أمام الشباب..

أن تدع الإنسان جاهلاً أفضل ألف مرة من أن تعلمه خطأ فمساوئ التعليم الخاطئ وعواقبه على المجتمع أكثر من أن تحصى فقد تعرض السُلم التعليمي إبان العهد السابق إلى كارثة وها نحن نعاني نتائجها فقد أهان الطاغية العلم والعلماء وأدعى لنفسه العبقرية دون سواه فكم تلاعب القذافي اللعين بعقولنا وعقول شبابنا وبناتنا بمناهج عقيمة جوفاء ومقولات جاهلية صماء
لا تسمن ولا تغني من جوع وإليكم البيان: –

مدرسة ابتدائية “عشرة فصول” تتحول بين يوم وليلة إلى جامعة خاصة..

شقة سكنية خمس حجرات تصبح معهد عال لعدة علوم..

معهد للتمريض – وما أحوجنا للتمريض – يتحول إلى معهد عال لتقنية علوم البحار بتغيير لافتة المعهد فقط..

أستاذ جامعي يلقي محاضرة على طلبة الشهادة الإعدادية بمعسكر البراعم بعنوان قانون حمورابي وقراقوش..

هل نسيتم سنوات الترحيل من سنة إلى أخرى بدون امتحان.. وهل نسيتم مناهج (سالم وحليمة)..

أم أذكركم بالمعاهد المتوسطة التي تظهر فجأة وتختفي فجأة وهل نسيتم الطلبة الدارسين بالخارج في علوم لم تدخل ليبيا قط مثل السكة الحديدية.. الطاقة الذرية.. مروراً بإلغاء دراسة اللغات الحية واستبدالها بلغات شبه منقرضة (السواحلية والهاوسا)..

أم نسيتم المرحلة الثانوية أحياناً ثلاث سنوات وأحياناً أربع أم أذكركم بقرار إعادة هيكلة الجامعات وبعثرت الكليات.. فكم من وثيقة نجاح وإفادة تخرج منحت لمن لا يستحقها وكم من رسالة ماجستير أجيزت وهي لا تساوي الحبر الذي كتبت به ناهيك عن الدكتوراه المشتراة بالمال من السوق السوداء من دول شيوعية صديقة سابقة وعربية شقيقة لاحقة..

كان لزام علينا ذكر قليل من كثير من الحقائق المؤلمة ليتبين لنا بوضوح مأساة المرحلة وأن نعترف جميعاً وبلا مزايدات بأن الساحة الفكرية والعلمية والسياسية والثقافية الليبية مليئة بالمؤهلات المزيفة فهل يعقل أن يتولى أمثال هؤلاء مقاليد شؤون الدولة وإدارة دواليبها وأن نستمر في تعليم ما لا غنى فيه…؟!

إذا لم نوقر العلم والعلماء وننهل من مناهله شرقاً وغرباً ونحترم الاختصاص وأراء المختصين فلن يكون لنا شأن بين الأمم ولا يكتب لنا النجاح فالعصر عصر علم ومعرفة والتزييف والتزوير لا يبنيان دولة.. ليس من العيب إعادة النظر في مؤهلاتنا العلمية لكن العيب كل العيب أن يندس بيننا ويعيش معنا أناس مزيفون باسم العلم وهذا ما يدفعنا إلى القول في شأن التغيير المنشود أن لا مناص لنا من إعادة النظر في السُلم التعليمي بأكمله من الابتدائية إلى الدراسات العليا من حيث المضمون والأداء والنتيجة.. وإلى ذلك الحين يفرج ربي…

وما توفيقنا إلا بالله

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً