ما رأي أغلب المثقفين العرب في (رجب طيب أردوغان) لو كان غير مسلم؟!

ما رأي أغلب المثقفين العرب في (رجب طيب أردوغان) لو كان غير مسلم؟!

أقرر أكثر من مرّة التوقف عن المشاركة في الحوار عن طريق الكتابة بشأن قضايانا الوطنية والاسلامية لا لشيء إلاّ لكوني أشعر وكأن هناك هاتفا يقول لي “أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لاحياة لمن تنادي”،  غير أنني أجد نفسي أحيانا تحت إلحاح فكرة تضغط عليّ لأجهر بها الى الناس لوجاهتها فأجدني مدفوعا الى الكتابة عنها كي أستريح.

وأبدأ بالقول بأن أغلب المثقفين العرب هم علمانيون ويدّعون أنهم ديموقراطيون وحداثيون ومجاهدون من أجل حرية الفكر والتعبير والاعتقاد لكل انسان، بل ويذهب أغلبهم الى الإدّعاء بأنهم (عالميون) يفتحون صدورهم لتقبل كل ما هو مخالف لما تعودوه من فكر وحراك إنساني في أساليب العيش وأنماط الحياة على المستوى الفردي والجماعي ومع كل هذه المبادئ التي يمضغها المثقفون العرب في كل محفل يجتمع لنشر الفساد، والكفر، والالحاد في البلاد العربية على مسيرة التقليد الأعمى لكل ما يحدث من انحرافات فكرية وسلوكية في الدول غير الاسلامية فإنهم ينسونها عندما يتحدثون عن القائد التركي المسلم رجب الطيب أردوغان.

ألم ترى المثقفين العرب ومن يتبعهم من جوقة الجهلة من العوام، وسماسرة الكلام في مايسمى بالأحزاب الجماهيرية ، وباعة النخاسة في ما يسمى بجماعات النشاط المدني وهم يتهجمون على أردوغان وكأنهم لم يروا فيه فضيلة واحدة، ألم تراهم يصبون عليه جام غضبهم باعتباره المفسد الأكبر في المنطقة العربية والحالم بعودة الخلافة الاسلامية تحت قيادة تركية.  كلام هلامي ، وتهم باطلة بدون دليل، وتخويف للناس من كل ما هو تركي وكأنّ اسم تركيا صار إسما لكل الجراثيم والفيروسات المميتة في الدنيا.

 ألم ترى إعلام أغلب البلاد العربية وهو ينام ويفطر على السباب والشتائم التي يخترعها ضد تركيا وزعيمها المسلم أردوغان لدرجة تجعل المستمع العاقل يظن أن أصحابها قد أصابهم العته والجنون.  يصفون نظام الحكم في تركيا بالاستبداد والتسلط  وقمع الحريات زورا ؛ وكأنهم يتمخطرون في بلدانهم في رياض من جنات حرية الاعتقاد والفكر والتعبير والسلوك !! ويتجاهلون انهم يمارسون الدعارة الفكرية وهم يرددون كالببغاوات شطحات حكامهم التي لا تقبلها حتى عقول الاطفال.

ألم ترى كيف أن الساسة العرب (حكاما ومعارضة) متوحدين في الهجوم على أردوغان وتركيا باعتبارها الفريسة الوحيدة اللذيذة والمتوفرة ليغرسوا فيها أنيابهم بإرادتهم أو بأمر من أسيادهم.  هؤلاء الحكام الذين أغلبهم (إن لم يكن كلهم) متخلفون، وساذجون، وعملاء لدول الهيمنة العالمية ، ومستبدون متسلطون لا يشبعون مطلقا من دماء وعناء شعوبهم  يعزفون على نغم واحد مع معارضة أغلبها شبع من الفكر اليساري والشيوعي والإلحادي الذي يطبخه عبر القرون طباخون مهرة من اليهود والنصارى إن هؤلاء الساسة والمعارضين يجمعهم نغم ونشيد واحد يحث فقط على كراهية الاسلام والمسلمين.

فماذا يا ترى كان موقف المثقفين العرب، والنخبة السياسية، والجوقة الإعلامية، وتجار النخاسة المجتمعية، ومن يتبع كل هؤلاء من حفاة الدهماء وسكارى مخدرات الحانات الشعبية لو أن رجب طيب أردوغان لم يكن مسلما في عقيدته وتوجهاته؟ لوكان اردوغان غير مسلم  لقالوا:

1) إنه القائد الحاذق والمخلص لبلاده الذي أنقذها من (ديون البنك الدولي وديون صندوق النقد الدولي) ونقل اقتصادها من مرتبة متخلفة الى أن يكون واحدا من بين أقوى عشرين اقتصاد في العالم.

2) إنه جمال عبدالناصر الجديد الذي يقارع الرجعية في بلاده والشرق الاوسط.  اليس هو القائد الوحيد في المنطقة الذي يفضح اجرام اسرائيل ضد الفلسطينيين وتحالف الامبريالية الامريكية والروسية لمنع شعوب المنطقة من تحقيق الحرية الاقتصادية والحرية السياسية.

3) انه “باتريس لومومبا” الجديد الذي سار على خطى لومومبا الحقيقي شهيد الكونغو وافريقيا الذي وقف ضد الهيمنة الاجنبية على الدول الافريقية في الستينات من القرن الواحد والعشرين.  ان وقوف اردوغان ضد محاولات امريكا والاتحاد الاوربي وروسيا للتحكم في مصير بلدان الشرق الاوسط مثير للاعجاب ويستحق كل الاحترام.

4) إن تاييد اردوغان وتركيا لحركات التحرر الوطني والاقليمي سياسيا واقتصاديا في منطقة الشرق الاوسط والعالم يفوق الجهود التي بذلها ” تشي غيفارا ” لتحرير دول امريكا اللاتينية من الهيمنة الامبريالية والراسمالية المتوحشة.

5) إنه ” ونستون تشرشل ” التركي الذي يجيد اللعب على حبال السياسة المتداخلة والمعقدة بسبب كثرة الطامعين في الاستحواذ على الثروات الطبيعية لبلاد الشرق الاوسط.  اليس هو اردوغان الذي يربح اكثر مما يخسر في كل علاقاته بالدول المهيمنة على العالم في الوقت الحاضر  هذا في الوقت الذي نرى فيه حكاما كثيرين داخل المنطقة وخارجها وهم يتعثرون في اول امتحان سياسي.

6) وفوق هذا وذاك لاتحفتنا الصحافة المكتوبة بادق الاخبار عن جوانب حياة اردوغان الانسانية  (ما يحب ويكره علاقاته بأبنائه أخبار طفولته وشقاوته عن دراساته ومؤهلاته وهواياته الخ من الأخبار التي لا تنفع الاّ خلال وقت الافطار ووقت العشاء).

ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن بالنسبة للمثقفين العرب الذين ظلوا سبعين عاما تائهين في حلم الشيوعية واليسارية بكل مظاهرها  فلا احلامهم نبتت ولا فرسانهم وصلوا ولا آلهتهم عبدت فاردوغان رجل مسلم يعتز بهويته الاسلامية؛ وكينونته الاقليمية وخصائصه الحضارية وانتماءاته التاريخية والتي تساعده على قراءة التاريخ والاستعداد للتحولات المستقبلية في المنطقة والعالم وها هو قد جاء على قدر تشهد فيه بلداننا ومنطقتنا مخاض ثورات شعبية تؤمن بكل ما يدعو له اردوغان وان كل مازالت هذه الثورات  تحتاجه لتحقيق الحلم على أرض الواقع هو اردوغان وقادة مخلصين مثل اردوغان.

ويلزم القول لهؤلاء المثقفين ومن جاء بعدهم من أمثالهم لا تحرثوا في البحر لأنه لن يكون لكم حصاد وان من عاد من نصف الطريق فكأنه لم يرحل في التيه وأن من فقد البصر وكفى فلا خسران له إلاّ اذا فقد البصيرة  ولكم في قصص الأولين عبرة وذكرى ومن الله الهداية والتوفيق.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عثمان زوبي

كاتب ليبي.

التعليقات: 4

  • سعيد رمضان

    أخى الفاضل : من حقك أن تطبل وتهلل لأردوغان كيفما تشاء ،فالرؤية واضحة والجميع يعلم الطرف الذى يدعمه أردوغان فى ليبيا وفى البلدان العربية ،نعم يحتضن الاخوان نيابة عن قطر ةأنتقل المقر من الدوحة الى أسطنبول ،فهل ضرب أبناء الوطن الواحد ببعضهم البعض أصبح من حركات التحرر ؟ صدقنى ” تميم وأبناء زايد ” مكلفين كغيرهم ممن سبقوهم بدعم العسكر ودعم الاخوان وقسموا المنطقة على هذا الاساس ،فتحت الخزائن القطرية لتركيا والأماراتية لمصر وتحولت ليبيا الى ساحة حرب لكل من هب ودب وبلدانهم تعيش فى أستقرار وسلام ،ماذا قدم لنا أردوغان لحل الأزمة فى ليبيا ؟ وهناك مثل شعبى يقول ” خيرك مانبوه أمغير فكنا من شرك ” وهذا ليس موجه لأردوغان فقط بل ولغيره من الداعمين للطرف الأخر ،وللعلم ثورة فبراير لم يقم بها الاخوان لأسقاط العسكر كما يدعون ،بل قام بها شعب بسيط لايعترف لابأخوان ولا بعسكر ، وبكل صراحة نحن لانعانى من أى مشاكل بين بعضنا البعض فجميعنا هب فى فبراير لدعم التغيير نحو الأفضل والتخلص من الفساد والمفسدين وليس من أجل أن ينتقم الاخوانى من العسكرى والعكس كما يحدث الآن ،بكل صراحة أردوغان أحد المسؤولين عن أستمرارية الفوضى والعبث فى ليبيا لأنه يدعم طرف بعينه بناء على أوامر ومن أجل مصلحته الشخصية ولحساب الغير ،هذا الرأى لايعنى أننا مع الطرف الأخر ، وهذه هى رؤيتنا لدور أردوغان أو المقاول الذى يدعم حماس ويرتبط بأقوى العلاقات مع أسرائيل فهكذا هى سياسة أردوغان المسلم .

  • Ali alakrami

    ٧٠٠٠٠ معتقل في بلاد العم أردوغان ،معدل تضخم عال وانخفاض فى االيره وارتفاع فى البطاله فى بلاد العم أردوغان. تطبيل…..تطبيل…..تطبيل…………

  • علي عبدالله

    لست أَجِد مبرراً مقنعاً لاعتبار كثيرين العلمانية مرادفاً للكفر ، واستعمالها كشتيمة وأداة تبخيس للآخر ( المختلف ) ، لكنني أَجِد تفسير ذلك في جملة من المعطيات ، كمثل الجهل بالعلمانية ، أو تجاهل حقيقتها لحساب التعصب الأنوي والأيديولوجي وكل ما يضاد الموضوعية وضيق الأفق ( وهو ما يرتب الخضوع لفوضى الانفعالات العاطفية الناضبة من أدنى حس عقلاني ) وهنا نلحظ أنه بقدر شدة الانحياز إلى النزوعات الاستحواذية التسلطية يكون التحامل على الآخر المختلف ويكون اعتماد الأساليب الإسقاطية الهادفة إلى الحط منه والتبخيس من قيمته التي تنفى عنه لتضاف إلى موضوع الانحياز أو من يجسده و يرمز إليه ، فالدعايات الأيديولوجية بكل ما تسوقه وتتحجج به ليست في نهاية المطاف غير برهان يقدمه من يعتمدها ( دون وعي غالباً ) على افلاس حججه وتهافت ما يدعو إليه ، ومن هو اردوغان في النهاية غير ديكتاتور وتلميذ من تلاميذ ماكيافيلي ، صالح لاقناع من يعانون من ( حَوَلِ ) البصيرة .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً