محتاجون لحراسة وطن لا حرس رئاسي!!

محتاجون لحراسة وطن لا حرس رئاسي!!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

الوطن مستباح في ارضه وسمائه وبحره، الوطن يعيش حالة من الفوضى الضاربة اطنابها في كل زاوية وركن، الوطن يعاني ويئن تحت ضربات سياط جلاديه من شرذمة تنكر الجميل وتركب رأسها عقوقا وفجورا فتتحكم في مصيره بقوة الترهيب والترعيب، والآن بعد كل هذه السنوات العجاف التي أتت على الأخضر واليابس في ليبيا تبرز في سفور دعوات وإجراءات تكوين ما يسمى بالحرس الرئاسي! ترى من سيحرس هذا الحرس من الرئاسات المتطاحنة المتناطحة ؟! وهل نحن فعلا في حاجة لحرس رئاسي ؟! ..شخصيا اعترض على هذا الجسم والمسمى “الحرس الرئاسي” كما اعترضت قبل عقود على مسمى الحرس الثوري فهذه المسميات للأسف تلغي الوطن وتختزله في مكونات أخرى دخيلة كالثورة والرئاسة لذلك فهي مصطلحات تكرس الطغيان وتذل الانسان الذي يحلم بالعيش عزيزا في الأوطان!

ليبيا اليوم في حاجة ملحة الى من يحميها ويصون أراضيها ويحافظ على وحدتها الترابية، ليبيا اليوم في حاجة الى من يحرس شعبها ويوفر الامن والأمان له في مدنها وقراها وكل شبر من ثراها ، الوطن اليوم هو أولى بالحراسة من غيره اذ تنهب ثرواته وتستباح أراضيه وتهان حرائره وتقتل رجالاته ، ليبيا في حاجة الى من يعيد لها الأمن ولشعبها الأمان بعد كل هذا الخوف والرعب بعد كل هذا الفجور الميليشياوي والعبث السياسي ، وذلك طبعا لن يكون الا من خلال مؤسسات امنية فاعلة وفق منظومة امنية محكمة، تحتوي كل اصناف الامن المتعارف عليها في العالم كله، ليبيا في حاجة ملحة لتفعيل دور الجيش والشرطة التي أراد الفوضويون طمسها والغائها بحجج واهية، لا تستند على منطق فقط من باب الحقد والكره للآخر والجهل بعواقب الأمور!

من ينكر انه كانت في ليبيا منظومة أمنية محكمة من الجيش والشرطة والاستخبارات والهيئات الأمنية الداخلية والخارجية، وهل كان منتسبوها أجانب ؟! انهم من أبناء ليبيا، لكنهم عبثا صنّفوا من قبل البعض المتغوّل المتنفذ على النظام السابق! وارادوا بذلك تهميشهم واقصائهم عن أدوارهم الأساسية المتمثلة في حفظ الامن وتأمين الشعب وممتلكاته، لقد كان ممكنا الاكتفاء بتغيير القيادات العليا لهذه الأجهزة وتوجيهها بثقافة وعقيدة خدمة الوطن بدلا من الزعيم او النظام! وكان طبيعيا تلقي مثل ذلك وقبوله لدى القيادات التنفيذية في كل مستوياتها بدون أي جهد، بالنظر الى عقيدة الطاعة التراتبية التي يفرضها القانون العسكري مع قليل من التوجيه المعنوي الوطني.

اما وان يكون في بلد يفتقد لأجسام امنية حقيقية رسمية فاعلة على الأرض، تتمثل في الجيش والشرطة ويتجه الامر الى إيجاد جسم جديد تحت مسمى الحرس الرئاسي، فذلك والله ما استغربه في هذه المرحلة بالذات! قد يكون ممكنا التفكير في ذلك لاحقا بعد ان تتبلور لدينا فاعلية الجيش والشرطة على الأرض وتتضح الصورة ويضمن الحد الأدنى من الامن الوطني للبلد لكن وهذه الحال ما الحاجة الى تأمين الرئاسة إذا الشعب والوطن غير مؤمن أصلا ! وهل بقي الشغل الشاغل هو تأمين الرئاسة خوفا عليها من الشعب ام من يا ترى؟! ثم ان هذا الحرس الرئاسي المزعوم كيف له ان يقوم والبلد في حالة انقسام رسمي وسياسي واداري؟! فهل يعقل ان يكون افراده فقط من الجهة الغربية باعتبار عدم تمكن افراد المنطقة الشرقية من الالتحاق به نظرا للظروف الحالية؟!

ان هذه المعطيات هي التي تجعلنا نستهجن فكرة ما يسمى بالحرس الرئاسي الآن ، وعليه يكون واجبا التنبيه الى خطورة الشروع فيه الآن اذ سيكون جهويا بامتياز وهو ما يتعارض مع وحدة البلد الترابية والاجتماعية، لذلك نأمل ان يتم تأجيل هذه الفكرة السابقة لأوانها ، حتى يتم توحيد القيادة السياسية للبلد أولا، حتى نفكر من بعد كيف نوفر لها الحراسة والأمن؟! فالأولى الآن هو العمل على توفير الأمن والأمان للمواطنين المدنيين الأبرياء الذين يعيشون حالات من الرعب والخوف والترهيب ولا يجدون ركنا آمنا يستجيرون به من جبروت هذه الفوضى العارمة التي تجتاح البلد منذ سنوات! والى ان تتفعل اليات الحماية الوطنية وأدواتها على الواقع الليبي يكون عندئذ لكل حادث حديث.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 4

  • غوط الشغال

    الحرس الرئاسي جزء لا يتجزء من المنظومة الامنية.. فاستغرب الحرب الاعلامية ” النقض اللا بناء”، علي هذا الاجراء الذي من شئنه ان يبني لبنة من لبنات حفظ الامن في ليبيا .. انا احترم اراء الكتاب والصحفيين عادة ، ولكن في هذا السياق ارى انه من الواجب الحدر عند الخوض في اشياء ليست من مجال تخصصهم. فا يا اخي ان كنت لاتكن الولاء السياسي لاي طرف و فعلا نقضك للشي المذكور للغرض الذي ذكرته ذاته، فاقول لك -اولا- يستحيل ان تبني جيشا قوامه عالاقل مئة وخمسون الف في خطوة واحدة. -ثانيا- معظم الجيوش فالعالم تحتوي فداخلها تركيبات متعددة وانا ايضا اعجز عن سردها “اي كينايتا عن كثرتها”. وثالثا – اخيرا وليس آخرا يبدأ أمن البلاد بتأمين مراكز صنع القرار والبعثات الدملوماسية للاتصال بالعالم ، حتي ولو تحجج بعض الاشخاص ان السياسيين الليبيين ليسو علي المستو ، فاقول لك اخي القارئ لا نصحح الخطأ بالخطأ؛ لنأسس القاعدة الصحيحة وعندما يأتي السياسي الكفو يجد موطئ قدم للانطلاق.
    “للعلم انا مواطن ليبي عادي ولم اتقلد اي منصب سياسي او حتي اداري عالي. وهذا تحليلي في ضوء الفوضى التي شهدتها بلادنا خلال السنوات الماضية. واشجع اي خطوة تدفع بالمؤسسات وحفظها للامام.
    والله الموفق “يا ايها الذين آمنو تعاونو علي البر والتقوي ولا تعاونو علي الاثم والعدوان”صدق الله العظيم

  • عيسى بغني

    في البداية أشكر الكاتب على تناول موضوع الحرس الرئاسي الذي حدث فيه لغط كبير وأستغلته بعض القوى الخارجية للتمويه والخلط بين الحرس الرئاسي والحرس الوطني الذي تم عرضه زمن المؤتمر الوطني، وكنت أمل من الكاتب أن يكون أكثر تمعنا في مشكلة تفعيل الجيش وستبدال ذلك بتفعيل الجزء من الكل، وأنا فما لا يدرك جله لا يترك كله خاصة ونحن نعلم أن تفعيل الجيش حاليا مستحيلا قبل أن يكون هناك إتفاق سياسي، في حين أن مؤسسات الدولة التي يتربص بها المجرمون لا تنتظر حتى يتفق أعضاء البرلمان أو تزول كل الحكومات والأجهزة التشريعية السقيمة

  • عبدالحق عبدالجبار

    مع فائق الاحترام لسادة المعلقين و كذلك فائق الاحترام للاستاذ الكاتب يا جماعة أقول لكم و بصراحة و علي الجميع ان يفهم الحقيقة ليس هناك لا برلمان ولا رئاسي ولا اعلي و لا مؤقتة ولا إنقاذ ولا حرس وطني و لا حري رئاسي بل الذي يوجد هو ممثلين لحكومات واهداف خارجية و تجميع الأموال و هذا ليس بجديد علي ليبيا و الذي هو جديد هي المليشيات التي لم تحسب حسابها هذه الحكومات و كان بعضها يعتقد بان الذي علي الساحة مليشياته فقط و بعد دخول حفتر علي الخط زادت مشكلة هذه الدول و الذي يفعلونه في هذا الوقت هو شراء الوقت للتفاهم بينهم علي الفريسة بعد تجويع و تعديب و قتل ابناء هذه الفريسة بالله عليكم بالله عليكم بالله عليكم انظروا الي البرلمان و الرئاسي و الاعلي المؤتمر سابقاً و الحكومات هل هؤلاء قادرين علي حكم مصيف ؟

  • عبدالحق عبدالجبار

    شهد شاهد من اهلها ……طرابلس 7 يوليو 2014 / كشف رئيس الوزراء الليبي السابق أحمد معتيق عن عزمه الترشح مجددا منصب رئيس الوزراء ، وذلك عبر تقديم ترشيحه إلى مجلس النواب الجديد . و قال أحمد معتيق في مقابلة خاصة أجراها مع وكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الإثنين) ، ” أجريت اجتماعات مكثفة مع فريق المستشارين الخاص بي ، وقررنا بعد التشاور أهمية تقدمي للترشح مجددا لنيل منصب رئيس الوزراء الجديد ، وذلك عبر تقديمه إلى مجلس النواب الجديد المنتخب من الشعب ،اذا احد اعضاء الرئاسي بل رئيس الرئاسي مكرر ان لم يكن رقم واحد يعترف ان البرلمان هو السلطة الشرعيه

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً