محمود جبريل والافتراء على بنغازي

محمود جبريل والافتراء على بنغازي

أحمد خليفة

صحفي وإعلامي ليبي

في لقاء أجرته معه قناة بي بي سي العربية في العام 2015 قال رئيس حزب تحالف القوى الوطنية محمود جبريل: “عملية الكرامة أصبحت تمثل البؤرة التي يمكن أن ينبى على أساسها الجيش الليبي، تجاوز عدد الضباط والصحفيين والإعلاميين والعساكر اللي قتلوا لبنغازي أكثر من 600 – 650 شخص”.

مجرد عصابات ومجموعات مسلحة بعضها قبلي وبعضها مدخلية متشددة وبعضها مرتزقة ومعظمها مجرمون أصحاب سوابق جنائية تقتل جهارا نهارا وترمي ضحاياها في مكبات القمامة وعلى قارعة الطريق في الشوارع العامة وتنبش القبور وتمثل بالجثث كان يرى محمود جبريل أنها أساس لبناء ما يسميه (جيش).

أفضى محمود جبريل إلى ما قدم وهو الآن بين يدي الله عز وجل إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، لا يُسْأل سبحانه و تعالى عما يفعل وهم يُسألون.

ولكن للأسف أن محمود جبريل لم يكن عاقلا أو متزنا، كان أرعنا إلى درجة أنه لم يكن يتحرى حتى صحة المعلومات التي يسمعها ويرددها، كان مغفلا وكاذبا ومنساقا خلف الترهات التي كان ينشرها قطيع الفيس بوك وغربان وسائل الإعلام الليبية الإماراتية، اشتهاؤه للسلطة جعله يسرد مثل هكذا ترهات أحرقت بنغازي ودمرتها و كادت أن تحرق طرابلس وتدمرها لولا لطف الله تعالى.

الأرقام التي أوردها في حديثه عن ضحايا الاغتيالات والقتل في بنغازي في الفترة من 2012 وحتى 2015 لم تكن دقيقة على الإطلاق، فالمدينة في تلك الفترة كانت تموج بالقتل الغامض، وكان الخوف يكتنف أبناءها من مستقبل مجهول ينتظرها، وزاد من ذلك الصراع السياسي المحتدم في طرابلس وهو صراع كانت ارتداداته في بنغازي دموية.

ضحايا تلك الفترة في بنغازي ممن اغتيلوا من مختلف الطبقات والتخصصات لم يتجاوز عددهم حاجز الـ250 قتيلا، وقطعا ودون أي شك اختلفت ظروف وأسباب قتلهم وتنوعت، بدءا من الاغتيالات السياسية إلى الثارات إلى قتل الخطأ إلى تصفية الحسابات الشخصية والعائلية والقبلية إلى غير ذلك من أسباب القتل الأخرى.

بنغازي في تلك الفترة كانت مسرحا كبيرا للقتل يقف عليه ممثلون كُثيرون تنوعت أدواتهم وأهدافهم، وأبدا لا يمكن استثناء المخابرات المصرية أو الأمريكية أو الإماراتية والمتطرفين المتشددين المعروفين للجميع مما كان يحدث في المدينة، ولاحقا تبين بالدليل القاطع أن مجرم الحرب خليفة حفتر كان مسؤولا عن تنفيذ عدد من تلك الاغتيالات لاسيما التي استهدفت عسكريين رفضوا انقلابه.

فتصريحات محمود جبريل ومواقفه الداعمة والمؤيدة لحكام أبوظبي والقاهرة ولحفتر هي التي كان سببا رئيسيا فيما حدث في بنغازي من تحميل ثوارها جريرة ما حدث فيها ظلما وزورا وبهتانا، وهذا كان داعيا في وقت لاحق لما شهدته بنغازي من تهجير واقتحام للبيوت ونهب للممتلكات وغير ذلك من الظلم الماحق الذي لحق أسرا وعائلات بأكملها هي بريئة تماما مما نُسب إليها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

بحكم عملي مراسلا للجزيرة في بنغازي في تلك الفترة كنت متابعا بدقة لتطورات الأحداث في المدينة، وتفردت في بعض الأحيان بنقل ما يجري إلى العالم، وللتاريخ -وأنا شاهد على ما كان يحدث في بنغازي تلك الفترة- لا يمكن لي أن أسمح بالكذب عند الحديث عن تلك الفترة ومجرياتها وما تمخض عنها من نتائج غيرت وجه بنغازي وأعادت إليها الأحقاد القبلية والجهوية، وأدخلت البلاد في نفق الدم والأحقاد والحروب الذي لم تخرج منه حتى الآن.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أحمد خليفة

صحفي وإعلامي ليبي

اترك تعليقاً