ميزان الحرب وآفاق السلام

ميزان الحرب وآفاق السلام

د. عيسى بغني

أكاديمي مهتم بالشأن الليبي

مع دخول الحرب على طرابلس الاسبوع الثالث وإستبعاد كل التفاهمات السابقة مع قائد الكرامة حفتر، تندحر قواته في شتى الجبهات قلما نجدها عند من يُدعم خارجيا بثلاثة دول عربية وثلاثة دول عظمى. نعم قوات حفتر لازالت تتدفق عليها الاسلحة والدعم الفني والمال ولا نستغرب أن نرى مرتزقة من العدل والمساواة السودانية ومن فايالارجو التشادية في ساحات المعارك، فقد تم تجنيد الكثير منهم من الإستخبارات الإماراتية للحرب في اليمن وخاصة الناطقين بالعربية.

الجدير بالذكر أن إطالة عمر المعارك وتحولها إلى حرب تقليدية تم اللجؤ إليها خارج مخطط الإنقلاب وبعد أن فشلت محاولة الإستلاء على السلطة بشراء دمم بعض المجموعات المسلحة بداخل المدينة وخارجها مع ضغط قوات حفتر من الأطراف الجنوبية للمدينة، وبدعم إعلامي مكثف تسقط المدينة في يومين فقط، محاكاةً لما قام به عمر البشير في السودان منذ ثلاثين سنة (شخصية مدنية –الترابي- تقوم بالتواطؤ مع عسكري –عمرالبشير\ حفتر – ومباركة من المدينة، وتأييد من مصر والسعودية والإمارات).

تحول القتال إلى حرب تقليدية ينهي أمال حفتر في الوصول للسلطة لأسباب كثيرة منها طول الجبهة التي تزيد عن 80 كم لقوات صغيرة كماً ونوعاً، وطول خطوط الإمداد وسهولة قطعها، إضافة إلى تكاثف معظم المدن في المنطقة الغربية لدحر هذا العدوان المُعبر عنه في ساحات التظاهر السلمية الرافضة لحكم العسكر والرافضة لإستسلام المدينة لمهوس بالسلطة، فرغم صليل القواذف وأزيز الطائرات وهزات القنابل للبيوت الأمنة لم نرى صورة واحدة لحفتر في المدينة.

ما زاد الأمر صعوبة للكرامة، تغيير سياسة الرئاسي نحوها،  فمن إستيعاب وإحتواء بل وتواطؤ من أجل الحل السلمي إلى موقف الرفض والعداء أخرها تقديم ستة قادة منهم حفتر للجنائية الدولية كمجرمي حرب، وهذا شجع على أنتفاض قوات الجنوب التي تزيد عن 12 ألف عسكري لتصفية قوات حفتر في الجنوب كافة خلال الايام القادمة وتعود الخريطة إلى ما كانت عليه في سنة 2016.

هذا المشهد وضع قائد الكرامة في موقع لا يحسد عليه؛ هناك دول إستثمرت كثيراً في حفتر منها الإمارات والسعودية، وهي قاب قوسين أو أدنى من ضياع أملها في تنصيبه، فما عليها إلا كسب (ظاهري) للمعركة بجعله مشاركا في أي مفاوضات قادمة، وهناك الكثير من الشك إن كان سيصمد لذلك أو تضطر تلك الدول إلى إيجاد حفتر آخر.

في المنطقة الشرقية كانت الخسارة أكبرـ حيث أن مشروع الكرامة الذي بني بعد فشل مشروع الفيدرالية ليجلب السمن والعسل ويقضي على التهميش المروج له إعلاميا، لم يكن إلا قتلُ ويُتم وهدم وخراب لبنغازي ودرنة واخيرا طرابلس، إضافة إلى الاف من المبثورين الذين سيعيشون شهود على هذه حقبة الكرامة المظلمة، فمن يدفع الثمن؟ بالتأكيد ليس أهل بنغازي ودرنة وليس الجيش، والمرجح أن حفتر وابناءه وزمرته سيكونون قربان ذلك الجرم الذي اوصل أهلنا في الشرق إليه.

الموقف الدولي (المختلف ظاهريا) يسير في برامجه الثابتة، هناك رفض للوضع في الغرب الليبي بسبب عدم تمكن حكومة الرئاسي الضعيفة من تكوين مؤسسات فاعلة ومنها الجيش رغم الدعم الاممي لها، ولذا يتم الضغط عليها حتى تقوم بإعادة بناء المؤسسة العسكرية، ولا مانع للدول الكبرى أن يستولي حفتر على الحكم إن كان ذلك سيعمل على تأمين تصدير النفط ومحاربة المجموعات الإرهابية ومنع الهجرة مع إستثباب الأمن الداخلي.

من ناحية جلب المنافع للدول الكبرى، أن الحروب مهمة لتنشيط تجارة السلاح، فالإمارات تعتبر ثاني أكبر مورد للسلاح بعد السعودية، وإستخدام سلاحها وتدميره في اليمن وليبيا سيعمل على إستمرار صفقات شراء أخرى للمصنع، وبالمثل روسيا وفرنسا وتركياـ والتمويل جميعه من خزينة واحدة هو المصرف المركزي الليبي بطريقة غير مباشرة. مع إستمرار الحرب في الجبهات تكون أفاق الحل ضئيلة، ولذا فضلت الدول الغربية الإنتظار لمعرفة إنحناء ميزان القوى ثم البناء عليه وذلك من خلال الفيتو على أي مسودة قرار حتى وصل بهم أن تتفق أمريكا وروسيا على رفض واحد. بالنسبة لليبيين لا يهم ذلك فالحسم الميداني وإقتلاع العصبات الغازية حتى مزدة إضافة إلى ترهونة توقف الحرب، ودعم المنطقة الجنوبية يجثث جذور الكرامة.

في تقرير بموقع مجموعة الأزامات الدولية بتاريخ 10 ابريل 2019 أفاد أن خطة معالجة الوضع الليبي يجب أن تمر بمرحلتين: الأولي إصدار قرار من مجلس الامن لإيقاف إطلاق النار، مع إلتزام دول مجلس الأمن بتبني برنامج الهيئة الأممية للحل السلمي في ليبيا، وتقوم أمريكا بالإتصال بحلفائها العرب من أجل دعم هؤلاء للحل السلمي، (وهذا سيتم بعد تيقن تلك الدول بحثمية هزيمة حفتر وجنوده).

الخطوة الثانية: بداية الحل السياسي بالرجوع إلى المفاوضات ولكن هذه المرة بإشراك جهات فاعلة أخرى وليس كما حدث في إتفاق ابوظبي،  مع تواصل اجتماعات اللجان العسكرية من أجل توحيد الجيش وسبل حماية العاصمة بمهنية. أخيرا الجانب الإقتصادي والذي يتمثل في توحيد المصرف المركزي بإدارة واحدة وحل المشكلة الإقتصادية في الشرق الليبي والتي تعتبر من العوامل المحفزة لحفتر لدخول العاصمة بالقوة.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عيسى بغني

أكاديمي مهتم بالشأن الليبي

التعليقات: 5

  • عبدالحق عبدالجبار

    اولاً علي ما اعتقد ان المقال كتب قبل يوم الخميس …. وكنت اتمني من الدكتور ان يكون منصف ويتحدث عن الشطر الثاني ….

  • أبو مهاجر / غرداية الجزائر

    كلام فارغ وترهات وأحلام يقضة يمر بها هذا الجاهل كغيره من أبناء جلدته الذين أصابهم الذعر وكانت صدمة كبيرة لهم عند قدوم الجيش العربي الليبي إلى طرابلس ليدق مضاجع الإرهاب والعرقية والجهوية والعنصرية .. أيها التافه الجيش قاب قوسين أو أدنى من قلب العاصمة والدعم السياسي الدولي في تزايد آخرها مكالمة ترامب ووكيل الأمن القومي والملاحظ أن الجيش مازال يدق أوكار الخونة والمليشيات المؤدلجة حتى بعد هذه المكالمة وهذا يعني أن الجيش لن يقف حتى يطهر طرابلس وباقي المدن المارقة مهربي الوقود والسلع التموينية من أبناء جلدتك. . الجمهوريه العربية الليبية رغما على انفك أيها الحقود الحسود .. عربت عمرت وليس عربت خربت كما تقولون وعرب أبطال اشاوس وليس عرب جرب كما تقولون .. تاريخكم كله خيانة وعمالة لأعداء العرب ولكن لم تنجحوا على مر التاريخ ومازال عافسين على رقابيكم وتحت حكم العرب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

    • ليبي اصيل

      الإخنفاء وراء أسماء مستعارة كل يوم بأسم دميمة، كنت أريد أن فكر نقدي متحضر فوجدت طقطقة قومجية متعفنة وتقدير للأحداث بالتمني ونكوص فكري متخلف، تعلم أن تستعمل عقلك وليس لسانك

      • Abdullah

        الحرب الدائرة الآن بين العرب أي بين الكبار ، وليس للاقزام مكان في هذه الحرب ، لذلك على العجم أن يقفوا بعيداً ويشاهدوا فقط ، ليس هنالك مكان للبسيسة عندما تقرع طبول الحرب ويحمى وطيسها !!

  • ahmed / UK

    المشير حفتر بات يحظى بدعمِ الرئيسين الأمريكيّ ترامب والروسيّ فلاديمير بوتين إلى جانب فرنسا، بينما تبدو أيّام خصمه فايز السراج الذي تحظى حُكومته بدعم الأمم المتحدة محدودةً للغاية، فلا مكان للشرعيّة الدوليّة عندما تتوحّد الدولتين العُظميين ضد مُشير مُتمرّد عليها، ويُريد اجتثاثها من جُذورها.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً