هل سننتظر تبادل السفراء بين الزنتان والانتقالي؟

هل سننتظر تبادل السفراء بين الزنتان والانتقالي؟

“في البدء .. أجد نفسي مضطراً للتنويه بأنني فيما أقوله لا أمثل إلا صوت مواطن ليبي ولا أتحدث باسم قبيلة أو مدينة أو بإسم هذا الوسيط الاعلامي الذي منحني الفرصة لإبداء رأيي. أقول هذا آسفاً .. نظراً لعلو أصوات الجهوية والقبلية هذه الأيام على حساب وطننا ( ليبيا ). وأصبح الكثيرون لا يهمهم الموضوع بقدر ما يهمهم انتماء الكاتب أو توجهه أو العائلة أو المدينة التي ينتمي اليها. وهذا المنحى الغريب للأسف أصبح الاتجاه الرئيس لتفكير الكثيرين.” عليه فإنني مواطن ليبي وكفى. ولا أمثل إلا نفسي”

ما استوقفنا هو خبر المفاوضات بين المجلس ومدينة الزنتان حول تسليم سيف الاسلام..!

المجلس الانتقالي يعقد “مفاوضات رسمية” مع “الزنتان” لتسليم أحد المطلوبين للعدالة. خبر تداولته وكالات الانباء المحلية والعالمية. وبرز كعنوان رئيسي في نشرات الاخبار الليبية والعربية والدولية. وأُلحِقَ الخبر بخبر آخر يؤكد بأن المفاوضات لازالت جارية بين الحكومة الليبية والزنتان حول تسليم المطار الدولي في العاصمة الليبية والذي تسيطر عليه قوات الزنتان.

السؤال الذي يطرح نفسه، هل اعترفت مدينة الزنتان بالمجلس الوطني الانتقالي والحكومة كسلطة شرعية ووحيدة لليبيا أم لا؟ وهل الزنتان لازالت مدينة ليبية ضمن حدود السيادة الليبية أم لا؟ أو أن الأمر قد تغير بعد مشاركة أهالي الزنتان في الحرب ضد القذافي وأن تلك المشاركة قد منحتهم الاستقلال وحق التفاوض وتقرير المصير كطرف مستقل نظراً لما تملكه من قوة وجنود على الأرض وما تسيطر عليه قواتها من مرافق ومؤسسات وما بين أيديهم من معتقلين مهمين.

أم أننا سننتظر قريباً تبادل السفراء بين الطرفين اي بين الزنتان وبين المجلس الانتقالي الحاكم في ليبيا.

بعيدا عن مرارة التهكم حول ما يحدث في ليبيا. وقد أصبحنا بافعل مثار سخرية العالم. ندرك أن المجلس الانتقالي وحكومته قد جٌــرّدا “طوعاً أو كرها” من أي مظهر للقوة أو السيادة على الأرض الليبية. ولا أدافع عن المجلس والحكومة فربما أغلب الليبيين لديهم تحفظ على أدائهم.

ولكن، السؤال موجه لمن يستعرض ويفرض قوته على الليبيين سواء باسم قبائل أو مدن أو جماعات مسلحة، لمصلحة من الاستقواء على المجلس والحكومة وعلى كل الليبيين؟ لمصلحة من السعي الدؤوب للجماعات المسلحة لإظهار الانتقالي والحكومة المؤقتة بأنهما مجرد حكومة هشة وضعيفة ولا حول لها ولا قوة؟ لمصلحة من؟

اننا بالفعل بحاجة للمكاشفة ووضع الأمور في نصابها لأن ليبيا بالفعل تتجه الى المجهول. وعلى الليبيين ادراك خطورة ما يفعلونه ببلدهم ان كانوا حقاً لازالوا يؤمنون بأن ليبيا هي وطنهم وليست القبيلة أو المدينة هي الوطن. فما هو واضح للأسف بأن الولاء والانتماء اليوم أصبح للقبيلة وللمدن أو ولاءاً جهوياً وليس لليبيا.

وأقصد بالمكاشفة هنا هو أنه لو كان هناك أي تحفظ أو شك بأن الأنتقالي أو الحكومة لا يستحقان الثقة ولا يستحقان تسليمهم مقاليد الأمور في البلاد فيجب علينا قول ذلك في العلن. فإما أن تكون معترفاً بالانتقالي والحكومة كحاكم شرعي ووحيد في ليبيا أو لا تكون. فالاعتراف بهم لا يخوّل لأي طرف أن يتفاوض معهم بإعتباره طرفاً مستقلاً ذو سيادة منفصلة. فالعلاقة ستكون مختلفة جذرياً فالطبيعي انها بين حكومة ورعيتها. والحكومة هي صاحبة الأمر والنهي ولا يفترض أن تلجأ للتفاوض وكأنها تتعامل مع دولة أخرى.

أن كان أهلنا في الزنتان يرون أن هذه الحكومة والمجلس لا يستحقان الثقة وأنهم لا يعترفون بهم كسلطة شرعية في البلاد فعليهم اعلان ذلك واقناع الليبيين بضرورة عزل هذه السلطة غير الشرعية في البلاد والليبيون سيكونون معهم ويساندوهم كما وقفوا مع بنغازي وساندوها ضد نظام القذافي. وان كان العكس فعليهم طاعة الحكومة والمجلس ولا يساهموا في تعطيل بناء الدولة واظهار ليبيا دولة ضعيفة لا سيادة لها حتى على قراها ومدنها. فهذا التصرف الغامض ليس في مصلحة ليبيا كدولة حرة مستقلة ذات سيادة.

والزنتان – وان تصدَّر خبر مفاوضاتها مع المجلس الانتقالي وكالات الانباء العالمية – ولكنها تعد أحد الامثلة الكثيرة في البلاد للتصرفات الغير مسؤولة من قبل الجماعات والقبائل والمناطق التي تتصرف كجماعات متمردة على الحكومة والمجلس والذي يهدد ليبيا بالتشردم ونشوء الحركات الانفصالية على أساس جهوي أو عرقي أو قبلي.

إن ولاء الشعوب لأوطانها هو ما يمنح الدولة هيبتها ويمنحها الاستقرار والأمان. وما يحدث في ليبيا من فقدان الدولة لهيبتها يتحمل عبئه الأكبر الشعب الليبي، وخصوصاً الأطراف والجماعات المسلحة. فلجوءهم للمساومة مهما كانت المطالب مقابل تسليم السلاح وتسليم المرافق والمؤسسات الحيوية التي يسيطرون عليها هو تصرف أبدا غير مسؤول ونتائجه حتماً ستكون وخيمة على البلاد ووحدتها.

فالفوضى أبداً ليست محل فخر وتميّز فكل شعوب الأرض تستطيع أن تحيل أوطانها إلى رماد، ولكن ليست كل الشعوب تستطيع بناء أوطانها.
حسام المصراتي،
h.elmesraty@yahoo.com

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً