هل من طريق لليبيين أو سبيل آخر غير خوض غمار ثورتهم الثقافية لتصحيح المسار

هل من طريق لليبيين أو سبيل آخر غير خوض غمار ثورتهم الثقافية لتصحيح المسار

الثورة هي الطوفان والبركان والأمواج العاتية التي لا  تهزم أبدا وثورة أي شعب تنتصر دائما لأن ارادة الشعب من ارادة الله  و لا يمكن  لا أحد  مهما أوتي من مكر وخبث ودهاء ومن أسباب القوة  التنبؤ بزمن انفجار بركان الثورة  واندلاع حريقه أو يمكنه الصمود في مواجهة  غضب الجموع والنجاة من سوء الخاتمة ومن هول وفظاعة المصير الذي يؤول اليه.. فهل من طريق  لليبيين أو سبيل أخر  غير خوض غمار ثورتهم الثقافية لتصحيح المسار وانقاذ الوطن من هذا الهوان والعار!!!

سؤال  أطرحه على من تصدروا مشاهد أحداث الربيع العربي الأليم ( لصوص الثورة ) وعلى من يتصدرون المشهد السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي بين الليبيين في ليبيا اليوم و على نخب المثقفين من السادة الكتاب والصحفيين والأدباء والاعلاميين, لأنه سؤال الرأي العام  اليوم..  يثار على لسان معاناة الجموع  أبناء الوطن الشرفاء البسطاء الصابرين الصامدين في ظل استمرار خسارة الوطن والشعب بسبب هذا الضلال المبين وهذا العناد الأحمق للمرضى من قوى الاستبداد الجديدة  ورموز الديكتاتورية بثوبها الجديد ( أشباه الساسة  لصوص الديمقراطية دواعش المال العام  ) وفي ظل مواصلة جرائم الغدر بالديمقراطية وغايتها النبيلة وفي ظل استمرار الخيانة للوطن ونهب وسرقة ثرواته وقتل أبنائه وتمادي العهر السياسي لدى المرضى من عشاق السلطة والجاه والسلطان وانتشار الفساد الاداري والمالي بأجهزة الدولة وتردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد وفي ظل استمرار معاناة الليبيين أبناء الوطن الأبرياء في الداخل والخارج … فالى أين  بوطننا الجريح أنتم سائرون أيها المتصدرون للمشاهد بيننا اليوم فقد بلغ السيل الزبى ولم يعد لليبيين من طاقة على تحمل هذه الترهات والمهازل وهذا العهر السياسي الذي تمثلونه بضلالكم وسعيكم المحموم من أجل البقاء بكراسي السلطة والمناصب !!!

أقول اجابة عن السؤال لكل الليبيين ستبقى الثورة أمل الجموع  ووسيلتها لتحقيق غايتها النبيلة من الحياة في هذا الوجود لأنها  قضية شرعية عادلة لكل شعب.. ستبقى الثورة أمل الجموع رغم المحاولات الخسيسة  لتشويه مفاهيمها والنيل من علو وسمو رسالتها على أيدي حفنة المتسلقين والأنذال الذين اعتقدوا أنهم بأسبقيتهم في تصدر المشاهد أوصياء على الثورة  ويتناسون بجهلهم وضلالهم المبين بأن الثورة كانت دائما لمن صدق ولم تكن في يوم من الأيام ولن تكون  لمن سبق!!

ستبقى الثورة هي المخرج  لكل شعب عندما يواجه الظلم والقمع  والفساد والطغيان والدجل والارهاب والتزويير والتضليل وهذا ما يواجهه الشعب الليبي في وطنه الجريح اليوم بسبب نزوات ورغبات قلة مريضة  وحفنة من أشباه الساسة والرجال لا تمثل الا نفسها وضلالها وثقافتها ومفاهيمها المظلمة وفجورها أمام الليبيين .فقضية الليبيين اليوم في حقيقتها الجوهرية أبعد من أن انتفاضتهم البريئة تلك قدتحولت الى نكبة جعلت وطنهم منتهكا ومستباحا في أمنه واستقراره وثرواته وأمواله وسيادته وأرغمت العديد من أبنائهم على العيش مشردين في الأرض,بل هي قضية تتعلق بتاريخ الصراع البشري الذي كان ولا يزال معركة بين الحق والباطل وبين الخير والشر لتجسد ثورة الشعب ارادة الحق فيه والخير على مر العصور .فالثورة  هذه الكلمة العظيمة المهيبة بما تجمله من مدلولات ومضامين معنوية ومادية وحسية.. تبقى هي الرسالة الانسانية الخالدة في هذا الوجود لتحقيق غاية نبيلة لكل الشعوب ويبقى الاحتكار وثقافته هو الخصم اللدود للعدالة الاجتماعية و العدو المشترك لكل الشعوب والطريق لولادة الطغاة في عالمنا اليوم .. هذا ما صار واضحا كل الوضوح للشعب الليبي بعد مرور بضع سنين من أحداث انتفاضته التي غيرت الكثير من المفاهيم والعقائد والثقافات والقناعات والعلاقات والأهداف والغايات والتحالفات بين الليبيين ليبقى السؤال على لسان الجموع : هل من طريق  لليبيين أو سبيل أخر غير خوض غمار ثورتهم الثقافية لتصحيح المسار!

لحكمة أرادها  الاله الواحد القهار لم يستطع أحد الخلود في الدنيا أو احتكار البقاء في القمة ( السلطة والجاه والسلطان )  لأن التغيير من سنة الحياة التي أرادها الله للانسان في هذه الأرض  وتبدل الأحوال ليس بمستحيل على أي شعب وداوم الحال من المحال رغم محاولة مرضى جنون احتكار السلطة جعل ذلك البقاء المستحيل واقعا معاشا لهم وجعله قدرا بالقوة على الاخرين وبالخداع والتضليل وبالتجهيل المتعمد بسبب جهلهم وضلالهم اللعين وجشعهم وأطماعهم الدنيوية القزمية وهذا ما يراه الشعب الليبي بعد الاطاحة بنظام قمعي قام بتهميش أغلب الليبيين وحرمهم من الاستفادة من خيرات وثروات وطنهم!!!! وفي سياق هذه الحديث أشير الى أنني  كنت أحد المتنادين للاعلان عن حركة تمرد الشبابية التي دعت الى ولادة ثقافة بديلة والى احترام قواعد الديمقراطية وحرضت الليبيين على ضرورة التمرد ضد ثقافات الضلال والعلو في الأرض والاستبداد واحتكار السلطة وعلى ضرورة الثورة ضد أحقادهم وأضغانهم وتطهير أنفسهم وتحريرها بالايمان بالله الواحد القهار مالك الملك الذي لا يشرك في حكمه أحد الفعال لما يريد والذي لا يسأل عز شأنه وعظم سلطانه عن ما يفعل وهم يسألون!!!

وها أنا اليوم وعبر هذه المقالة أدعو أخوتي الليبيين أبناء وطني الحبيب والجريح باستنهاض الهمم  لخوض غمار ثورتنا الثقافية لتحرير العقول وولادة ثقافة بديلة تقودنا جميعا لحاضر مشرق وغد أفضل ومستقبل زاهر للأجيال فلا ثورة بدون ثقافة تنير الدروب وتبني مستقبل الأمجاد الحقيقية للشعب الليبي بعد كل هذه التضحيات و المعاناة ,فالماضي لم يعد واقعا يمكن تغييره ولا فائدة من ذرف الدموع عليه أو الجدال فيه ولا سبيل أخر لليبيين غير خوض غمار ثورة ثقافية لتصحيح المسار تقود معالمها القوى الوطنية الواعية والداعية للخير من  النخب المثقفة في مجتمعنا المدني والسياسي بلغة العلم ومنطق العقل وروح الايمان بالله الواحد القهار !! فهي المخرج الصحيح السلمي الذي يملكه الليبيون اليوم كخيار وحيد في ظل الظروف الراهنة لخوض غماره قبل انفجار بركان الجموع  وطوفان  البحر وثورة الأمواج .هذا ما أقوله وأنا على بينة من الحقائق التاريخية التي لا ينكرها الا جاهل وحاقد وعدو للشعب لدود!!

ولذا وجب التأكيد على أدبيات ثورتنا الثقافية التي أدعو اليها كوسيلة شريفة لتحقيق غاية نبيلة في حياة مجتمعنا بكل مكوناته الثقافية فهي التزام  أدبي منا جميعا  بأداء أمانة عظيمة تجاه الوطن و تجاه الأجيال من بعدنا فنحن هذا الجمع من القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية  بأختلاف وجهات نظرنا ومفاهيمنا معنيون بالدرجة الأولي بهذه الثورة الثقافية وبأدبياته وثوابتها الوطنية لأنها المخرج من هذا المأزق الذي وقعنا فيه جميعا ظلاما ومظلومين حكاما ومحكومين!

واذا كان الشعب الليبي الكريم  بعد انتصار ارادته ضد الظلم والطغيان قد أختار مسلك الديمقراطية كنظام سياسي للتداول على السلطة ومناصب الحكم سلميا  اذا فيجب  التسليم بالحقيقة القائلة بأن حامل لواء الديمقراطية لا يحمل السلاح  !!! وأن اسمى ايات الوطنية تتجلى في اتقان وظائفنا وفي احترام ميثاق شرف المهنة .. وهذه دعوة ضمنية لكل الأحزاب والشخصيات السياسية التي أسست مليشيات مسلحة قبل تأسيس أحزابها بضرورة التمرد على ثقافات الضلال والعلو في الأرض بغير الحق والاسراع في حل هذه التشكيلات وارجاع السلاح الى ثكنات ومعسكرات جيشنا الوطني لأن وجود السلاح بأيدي مجموعات مستقلة غير خاضعة للقانون خطرا على أمننا القومي و ارهابا مباشرا لكل سكان ليبيا  المواطنين الأبرياء العزل وتهديدا مستمرا للأمن والسلم الاجتماعي  وعليه فان كل حملة السلاح أينما كانوا مدعون للثورة على الثقافة المليشياوية  وعلى ثقافة التبعية للغير وتحرير أنفسهم من قبضة الطغاة الجدد وحسم أمرهم بتسليم ما في حوزتهم من سلاح وعتاد للجيش الوطني أو بالانضواء تحت لواء المؤسسة العسكرية الرسمية للدولة كأفراد والخضوع لاوامرها ولسلطة القانون .هذا ما لدي لأقوله للشباب الليبي ضحية الصراع ووقوده وهذا ما لدي لأقوله لأصحاب العقول والنوايا الطيبة من أخوتي الشرفاء الليبيين الساعين لبناء دولة المؤسسات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون. أما عن الديمقراطية فلدي الكثير لأقول لأنني أراها وسيلة لتحقيق غاية وليست غاية في حد ذاتها ولهذا فأن من أبجديات الديمقراطية سلامة وصحة القول بأن الشعب هو صاحب الأرض والمالك الشرعي لثرواتها وليس الدولة ! ومن هذا المنطلق تأتي الخطوة الصحيحة  نحو تأسيس دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بفصل المال عن السياسة ليملك الشعب وطنه ومقدراته في العيش بحرية وكرامة فصل المال عن السياسة أي برفع صلاحيات السلطة السياسية عن أموال الشعب وتحريرها من هيمنة مؤسسة الدولة لتؤول جميع مصادر الدخل القومي في البلاد الى مؤسسة المال العام وهي مؤسسة مستقلة عير خاضعة للقوى السياسية وينتخب أعضائها مباشرة من الشعب  لها قوانينها وخبرائها ومختصيها لتشرف على ادارة المال العام وفق سياسة اجتماعية يقرها الشعب الليبي لتقف مؤسسة الدولة وكل مواطنيها على مسافة واحدة أمام المال العام. ومن اساسيات بناء دولة المؤسسات الديمقراطية الفصل بين السلطات الثلاث واستكمال بناء دولة الديمقراطية يحثم على الليبيين الحرص على استقلالية ديوان المحاسبة وعلى استقلالية الهيئة العامة للرقابة الادارية وعدم خضوعهم لأي سلطة سياسية من خلال انتخابات مباشرة لاختيار أعضاءها ورؤسائها لتتحرر هذه الاليات من هيمنة القوي السياسية لتؤدي دورها وتحقق الغاية من أعمالها ووجودها  بالمنظومة  الديمقراطية ولينتهي الدجل والخداع ولتنتهي جرائم وعمليات السرقة والنهب لأموال الشعب الليبي.

هذا ما دعوت اليه خلال السنين الماضية في أغلب كتاباتي ومداخلاتي الاعلامية ولا من مستمع ولا من يعير لصدق النوايا اهتماما ,, وها أنا اليوم  أدعو القوى السياسية باختلاف مسمياتها بالصحوة والثورة ضد ثقافة الظلم والفساد والعهر والعبث السياسي فالشعب هو صاحب الشرعية الدائمة ومصدر السلطات ولا شرعية وفق هذه القاعدة القانونية للديمقراطية لمن يأتي  للسلطة دون اختيار الشعب له أو عبر وسيلة أخرى  غير الانتخابات الشعبية المباشرة …وهذا ما يخشاه العديد من عشاق السلطة في ليبيا اليوم والساعيين لاحتكارها دون باقي أفراد المجتمع بسبب ثقافة الاحتكار التي ملكت زمام أمرهم وسيطرت على عقولهم وهيمنت على سلوكياتهم وهؤلاء من ندعوهم اليوم للتمرد والثورة ضد ثقافات الضلال والعلو في الأرض فالمللك لله والحكم له وحده والكبرياء. ومن الضرورة ومن الأهمية  بمكان أقول لنتحرر ونتمرد على ثقافة الاحتكام الى القوة والأعلبية الساحقة في المعركة الانتخابية  المتمثلة في عدد الأصوات التي يمكن تزويرها وشراؤها , هذه دعوة  الى أعضاء المفوضية العليا للانتخابات والى من يعنيهم أمرها الى ثورة ثقافية والي التفكير من جديد في ايجاد معايير وضوابط أخرى نتفق عليها جميعا بقناعة ووفق ثوابث وطنية  ..معايير وضوابط جديدة لامتلاك وتملك السلطة كمخرج سليم علمي لمعضلة الصراع السياسي على السلطة  وعلى أزمته الخانقة الناتجة بسبب ثقافة الاحتكار التي سيطرة على العقول الأمر الذي يدعونا الى ضرورة وجود قانون دستوري يحرم احتكار السلطة والوظائف والمناصب القيادية بمؤسسات الدولة وعلى عدم السماح بتكرار الترشح  لمن سبق لهم ذلك في انتخابات سابقة ومارسوا حقهم في السلطة وأسوة بباقي أفراد المجتمع لاتاحة الفرص السياسية لكل مواطني الدولة تحقيقا للعدالة الاجتماعية .فما حدث عقب انتخابات يونيو 2014م قد يتكرر عقب أي انتخابات جديدة  تسعون اليوم لخوض غمارها مالم تختفي تلك الظروف والعوامل والأسباب التي دفعت أنذاك عشاق السلطة من قوى الاستبداد و الغدر بالديمقراطية من انتهاك قواعدها وعرقلة الحياة السياسية عبر مؤامرة الصخيرات واتفاق العبث والعهر السياسي الذي أوصلنا الى  نفق مظلم . اننا في أمس الحاجة الى ثورة ثقافية تحرر العقول والنفوس لاحداث التغيير نحو الأفضل في حياتنا وحياة مجتمعنا ولسنا في حاجة لصراع سلبي لا يقودنا الى خير أبدا .. هذا ما أقول عبر طرحي لهذه السؤال الذي يثار في الشارع الليبي على لسان معاناة الجموع اليوم وحتى لا تتكرر ماساة الشعب الليبي أدعو بقوة الى ثورة ثقافية والى ثقافة بديلة تجمع شملنا والى احترام قواعد الديمقراطية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً