ويستمر استنزاف الثروات الليبية.. وأخيراً الخردة المعدنية

ويستمر استنزاف الثروات الليبية.. وأخيراً الخردة المعدنية

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

new-article2_28-11-2016

لا يملك المرء الا ان يقول وبحسرة : “لاحول ولا قوة الا بالله” وهو يرى ويشاهد حالات النهب المبرمج للثروات الليبية، فمن بعثرة سافرة لميزانية الدولة المقدرة بالمليارات في سنوات 2012 -2013- 2014 والتي قدرت بحوالي 200 مليار دينار ليبي(ما يعادل 160 مليار دولار امريكي) الى تعديات صارخة على المخزون الاحتياطي من النقد الأجنبي في شكل بيع وسحوبات من حصص الاستثمارات الخارجية الى استنزاف عبثي للمجنب النقدي الى محاولات متكررة من اجل نهب ما تبقى من أموال مجمدة بالخارج الى ذلك العبث الممنهج بالاستيلاء على الأصول الثابتة والمنقولة التي تخص الدولة الليبية من مباني واراضي ومعدات واليات عسكرية ومدنية  الى اعمال السرقة العلنية للمخزون الذهبي في الجنوب الليبي الى جملة الخسائر التي لحقت بالبنية الأساسية الى محاولات تخريب قطاع النفط والغاز وكل ما هو ملك عام لليبيين!

وأخيرا ها نحن نصل الى مرحلة جديدة من مراحل النهب والعبث بالثروات الليبية وهذه المرة “ثروة الخردة المعدنية!” ، قد يظن البعض ان الخردة المعدنية غير ذات أهمية وقيمة حتى نتحدث عنها ، لكننا نقول ان الخردة المعدنية في ليبيا من الضخامة بمكان حتى تكون لها قيمة كبيرة وذلك لاعتبارات أهمها:

  1. أن ليبيا تحتوي على ترسانة ضخمة من الأسلحة والمعدات العسكرية القديمة لا تتوفر في أي دولة وخاصة ما يتعلق بالأسلحة الثقيلة مثل الدبابات والعربات والمدافع وما شابهه ولا يخفى الحجم الكبير من المعادن المستعملة في التصنيع القديم خاصة في الدبابات والتي يوجد منها في ليبيا بالآلاف!
  2. حجم الذخائر الضخم للأسلحة القديمة والتي تحتوي على معدن النحاس وقيمته الكبيرة الآن
  3. العدد الهائل من السيارات المستعملة والتي جلبها الافراد الليبيون من أوروبا وامريكا وكوريا والصين والتي تتجاوز الملايين خلال فترة العشرين سنة الماضية حين فتح باب استيرادها.

كل ذلك وغيره يجعلنا نؤكد على ان حجم الخردة المعدنية في ليبيا يشكل ثروة حقيقية رديفة، كان ينبغي الاهتمام بها وإعادة استعمالها في صناعات معدنية أخرى، وتنظيم استعمالها والمتاجرة بها بما يعود على البلد بالنفع ، ما دفعني للكتابة في هذا الوقت بالذات ، هو هذا التكالب النزق من قبل تجار الخردة على تجميعها ثم تصديرها خارج البلد في اكبر حملة تصدير للخردة عبر العالم ، حيث ترسو كبريات السفن العالمية للشحن في اغلب الموانيء الليبية وتقوم بشحن ملايين الاطنان من الخردة المعدنية خارج البلد ، بمعنى ان ليبيا اليوم تفقد الملايين ان لم تكن المليارات من ثروتها بهذه الحملات المحمومة دون وازع من ضمير!

اعلم انه لا ذنب للمواطن العادي الذي يسعى لكسب بعض المال من خلال المتاجرة بالخردة وتجميعها ، وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها المواطن الليبي ، من غلاء أسعار وشح السيولة ، لكن الذنب واللوم الكبير على جهات الاختصاص التي لم تتفطن لهذا الأمر ، وتعمل على تنظيمه وتكون هي من يبادر بتلقي ما يجمعه المواطن من خردة وتجميعه وفق خطة علمية مدروسة ، للاستفادة من الخردة سواء بإعادة تدويرها او حتى بتصديرها للخارج عبر قنوات رسمية تعود بالنفع على الخزينة العامة أولا ، وعلى المواطنين الذين يساهمون بذلك ثانيا!

انني استصرخ الضمير الوطني في مسئولي هذا الزمان ، ليصحوا من غفلتهم ويبادروا بتقديم الواجب لوطنهم وشعبهم ، ويقومون بإيقاف عملية النهب للثروة الليبية بهذه الطريقة العشوائية ، فيعملون على تنظيم ذلك وضبطه بإجراءات رسمية تعود على الوطن والمواطن بالنفع ، ان اقصى ما نطمح اليه اليوم هو وضع آلية مناسبة للاستفادة من عوائد هذه الثروة الناضبة ، عن طريق تنظيم تداولها سواء بتوجيهها الى مصانع إعادة التدوير في طرابلس او مصراته ، او منح القطاع الخاص فرصة فتح مصانع جديدة للخردة ، وان لم يكن ذلك ممكنا الآن فالأمر يستوجب منع تصديرها او على الأقل ضبط تصديرها من خلال فرض رسوم وضرائب مجزية تعود على خزينة الدولة بالأموال التي نحن في مسيس الحاجة لها اليوم!

وأخيرا اختم بالسؤال: الى متى يستمر العبث بثروات الليبيين؟!! وأين جهات الاختصاص من هذا؟!!!

اين وزارة الاقتصاد والصناعة؟!

اين مصلحة الجمارك والضرائب؟!

اين الجهات الرقابية والضبطية والأمنية؟!

فهل من صحوة ضمير؟! وهل من مغيث في زمن اللا غوث؟! وحسبنا الله ونعم الوكيل!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 5

  • محمد

    مقال رائع جزاك الله كل خير . احد اكبر الكوارث التي حلت بليبيا كما اشرت اليه هي الخردة المعدنية بسبب فتح اعداد كبيرة من مواقع تجميع الخردة والتي سببت فى خسائر كبيرة لهذا البلد تقدر بالمليارات حيث تم اقتحام المدارس وسلب أبواب البى بى ار ونحاس الحنفيات وكل ما يمكن بيعه لهذه المراكز ، سرقة السيارات وحرقها للحصول على بعض النحاس ، فك آلات ثقيلة تقدر اثمانها بمئات الالاف للحصول على مئات من الدينارات والكثير الكثير ما تم ذكره بالمقال
    وهذا بسبب فتح الموانئ لتصدير هذه المواد دون رقيب او حسيب ، ومن يتطاحنون على الكراسي نائمون والشعب ليس له قدرة .
    نرجو من الله العفو والعافية

  • ابو عبد الله

    بدون شك كل ما ورد فى المقال كلام مهم وواقع , لاكن المصيبة فينا جميعا ليس فى الخردة فقط بل فى كل شئ من استعمال السيارة بدون لوجات الى تهريب كل شئ من خردة الى حيوانات الى الات الى الوقود , حتى وصلت عملتنا الى ادنى صرف لها مما جعل ذالك سببا لشراء اى شئ من ليبيا برخص التراب ,ليبيا تضيع من بين ايدينا ونحن نفكر فقط فى كيفية نهبها باى طريقة ,,,,خردة بطاقات عمله حوالات اعتمادات وقود حيوانات اسماك تهريب بشر اى عمل غير اخلاقى اصبح مباح ,

  • عبدالحق عبدالجبار

    دكتور عبيد الرقيق…المحترم … هي البلاد أصبحت خردة و حيوانات مفترسة … و لكن المصيبه هم يشترون في الاثنين الخردة يشتروها و يخرجوها من الغابة اما الحيوانات يشتروها و يجلسوها علي كراسي في الغابه حتي تقضي علي الحيوانات الأليفة …. اما العقل يجبه ربي … و ان وجدت تريد الاستحمام اكثر من جسد حاملها

  • ابراهيم الرحيبي

    لا حول ولا قوة الا بالله

  • هاني المالكي

    حسب فهمي البسيط للمشاكل الاقتصاديه و المالية التي تمر بها دولتنا ليبيا، تصدير الخردة الفائضة على الاستهلاك المحلي تؤدي خدمه موجبه و تزيد من توفر العمله الصعبه بين أيدي التجار و المواطنين و تقلل الضغط على المصرف المركزي. كذلك يمكن ان تكون داعمه لقيمة الدينار الليبي! طبعا لا توجد عندنا ارقام عن حجم صادرات الخردة و قيم العمله الصعبه الراجعة لليبيا مباشره كعملة صعبه او على هيئة بضائع او خدمات حتى نجزم على مدّا تأثيرها في قيمة الصرف! تعدد مصادر العمله الصعبه مطلوب و ياريت يوجد عندنا مصانع خاصه تستطيع تصدير منتجاتها و بالعمله الصعبه!!
    حسب فهمنا ان التصدير يتم من موانئ رسميه حسب القوانين المتعامل بها! لا نستطيع اتهام اي جهة رسميه؛ جمرك، ضرائب الخ حتى يشاركنا الكاتب لهذه المعلومات.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً