إشكالية الاستفتاء على مشروع الدستور في غياب قانون ينظمه

إشكالية الاستفتاء على مشروع الدستور في غياب قانون ينظمه

إن ثقافة الاستفتاءات والعودة لتحكيم الشعب صاحب السيادة ليقول كلمته الفصل بالقبول أو الرفض مفقودة تماما في بلادنا، ولو عدنا للوراء قليلا لوجدنا أنه لم يتم إجراء أي استفتاء على أي من الدساتير أو الإعلانات الدستورية السابقة، فلم يستفتى الشعب على دستور سنة 1951 ولا في تعديلاته الدستورية ومن أهمها إلغاء النظام الاتحادي، ولم يستفتى على الإعلان الدستوري لسنة 1969 ولا ما يسمى بإعلان قيام سلطة الشعب ولا الإعلان الدستوري الحالي لسنة 2011، فثقافة الاستفتاء تكاد تكون معدومة ونجهلها تماما.

وهذا ما ترتب عنه عدم وجود قانون ينظم الاستفتاء ، ويرى البعض أن مشروع الدستور الحالي لا يمكن الاستتفاء عليها إلا بعد صدور قانون الاستتفاء عن مجلس النواب الذي لم يكتمل له نصابا قرابة العام.

فبعد اعتماد مشروع الدستور من قبل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور يمكن قانونا عرضه للاستفتاء عليه من قبل الشعب  دون حاجة إلى صدور  قانون استفتاء عن مجلس النواب وفقا للآتي:

  • نص المادة (30) من الإعلان الدستوري في فقرتها (12) لم تلزم الهيئة التأسيسية في عرض مشروع دستورها للاستفتاء عليه على ضرورة صدور قانون الاستفتاء من مجلس النواب.

وفي المقابل ألزمت هذه المادة الهيئة التأسيسية لتقديم مشروعها للاستفتاء عليه خلال مدة محددة وهي 30 يوما من اعتماده -وهذا الأجل قد بدأ في السريان- وأرى أن هذا الأجل ملزم وجب التقيد به، فما وضعت هذه المواعيد إلا للإسراع بالخروج بالبلاد من المراحل الانتقالية ، فالسلطة التشريعية التي قامت بهذا التعديل الدستوري تعلم علم اليقين  أنه لا وجود لقانون ينظم الاستتفاء.

  • قانون الاستفتاء يُوضَع غالبا ً ِليُبَيِّن الشُّروط والألية والكيفية التي يتم بها الاستفتاء على مشروع الدستور، فمن أهم محتويات قانون الاستفتاء (نوع الاستفتاء، والسؤال المستفتى به، والفئات التي يحق لها أن تجيب على سؤال الاستتفاء، وتاريخ بدأ الاستفتاء، والنصاب الذي يعد من خلاله الدستور مقبولا، وغيرها) وهذه كلها أمور شكلية لو تأملنا في نصوص الإعلان الدستور لوجدناها في ذات الفقرة 12 من نص المادة 30، فمثلا:
  1. صيغة السؤال العام الذي سيوجه للناخبين، وفي الغالب يأخذ هذا الشكل  (هل توافق على مشروع الدستور؟)، وتكون الإجابة بـ(نعم) أو (لا)
    وهذا السؤال نصت عليه المادة 30 من الإعلان الدستوري.
  2. يحتوي قانون الاستفتاء على الموعد  المحدد الذي سيجرى فيه الاستفتاء، وقد حدد الإعلان الدستوري أن يكون الاستفتاء بعد ثلاثين يوما من تاريخ اعتماده من الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور ، ولو فسرنا هذا النص بأنه تنظيمي لا غير فيترك أمر تحديده للمفوضية العليا للانتخابات عندما ترى أنها مستعدة لذلك ، وقد أبدت استعدادها في أكثر من مرة.
  3. يضع قانون الاستفتاء شروطا عامة لمن يكون مؤهلا للتصويت بنعم أو لا في الدستور ، كعمر الناخب وأن يكون ليبيا وأن يسجل بياناته مسبقا وفقا للإجراءات التي اعتمدت في الانتخابات السابقة ، فهذه الشروط نظمت في قانون الانتخابات رقم 4 لسنة 2012 بشأن انتخاب المؤتمر الوطني، والقانون رقم 17 لسنة 2013 بشأن انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، والقانون رقم 10 لسنة 2014 بشأن انتخاب مجلس النواب، وستكرر في قانون الاستتفاء إن وجد.
  • يحدد قانون الاستفتاء في الغالب النصاب الذي على أساسه يعتبر مشروع الدستور مقبولا من الناخبين أو لا ، وقد حددت المادة 30 من الإعلان الدستوري في فقرتها 12 النصاب حيث نصت على أنه ” لو وافق الشعب الليبي علي مشروع الدستور بأغلبية ثلثي المقترعين تصادق الهيئة علي اعتباره دستوراً للبلاد ، ويحال إلي مجلس النواب لإصداره”.
  • ينص قانون الاستفتاء في الغالب على الجهة التي ستشرف على الاستتفاء وطريقة الاستفتاء ، وبالرغم من عدم نص المادة 30 من الإعلان الدستوري في الفقرة 12 على ذلك ، إلا أنه لا يختلف أحد أن المفوضية العليا للانتخابات هي الأقدر على ذلك.
  • لا يتأتى الاستفتاء على مشروع الدستور  إلا باقتراع عام و سري و مباشر.
  • دور مجلس النواب وفقا لنص المادة 30 من الإعلان الدستوري متمثل في إصدار الدستور بعد إقراره من الشعب الليبي واعتماده من الهيئة التأسيسية، ثم إصدار قانون للانتخابات العامة ( انتخابات رئاسية ، وانتخابات مجلس النواب والشيوخ ) ، ولم تتطرق هذه المادة إلى دور آخر لمجلس النواب في عملية إصدار الدستور واعتماده والاستفتاء عليه.
  • ثم إن واقع الحال فرض علينا وجود مجلس نواب غير منتظم في اجتماعاته بل تكاد تكون اجتماعاته نادرة الحدوث غير محترم للإعلان الدستوري ولا للقانون و لا حتى لنظامه الداخلي ، فكيف نعلق الأمال بهذا الجسم التشريعي وننتظره ربما سنة أخرى ليصدر لنا قانون ينظم آلية الاستفتاء على الدستور.

وبالتالي فإن الاستفتاء على مشروع الدستور مرتبط بمدى استجابة السلطات ورغبتها في الاسراع بنجاحه بأن يكون لدى ليبيا دستور دائم، فلا سلطان لمجلس النواب ولا للمجلس الرئاسي ولا للمجلس الأعلى للدولة على مشروع الدستور الحالي، وعلى السلطات المعنية تسييل الأموال للمفوضية العليا للانتخابات للإسراع في الاستفتاء على هذا الدستور خدمة للصالح العام وخروجا ببلادنا إلى بر الأمان.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • د / جمعة الزريقي

    بسم الله الرحمن الرحيم ، أؤيد الدكتور مجدي في طرحه هذا الحل العملي بصرف النظر عن مدى قانونيته من عدمه ذلك أن مجلس النواب من خلال سيرته الماضية لا يمكن أن يقوم بأي تشريع يخرج البلاد مما هي فيه ، والحل المقترح له أسس قانونية في صالحه ، وعلى ذلك يمكن أن يتم إجراء الاستفتاء بتكاثف الجهات المسؤولة لإخراج البلاد مما هي فيه ، ونص الفقرة 12 من المادة 30 من الإعلان الدستوري تنص على أنه ( بمجرد انتهاء الهيئة التأسيسية من صياغة مشروع الدستور يطرح مشروع الدستور للاستفتاء عليه ب ( نعم ) أو لا خلال ثلاثين يوما من تاريخ اعتماده ) دون تحديد الكيفية التي يتم بها الاستفتاء .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً