أزمة السيولة النقدية بالمصارف التجارية الليبية

أزمة السيولة النقدية بالمصارف التجارية الليبية

د. سليمان سالم الشحومي

‏مؤسس ورئيس مجلس إدارة سوق المال الليبي السابق

تشير آخر التقارير الصادرة عن المصرف المركزي الليبي الي إن عرض النقود حتي نهاية الربع الاول من العام الماضي يبلغ 66,121.9 مليون منها اكثر من 18 مليار دينار عملة خارج الاطار المصرفي، أي ان ما نسبته 28% من العملة المحلية تدار خارج البنوك ومع ذلك هناك أزمة سيولة والناس تتدافع علي المصارف للحصول علي السيولة والمصارف ترد بآنه لاتوجد لديها سيولة كافية.

ما هي الأسباب؟

إذا ما قارنا عرض النقود في هذه السنة مع سنة 2010، نجد أن عرض النقود كان 41 مليار دينار منها فقط 7.6 مليار لدي الجمهور وخارج الاطار المصرفي اي بنسبة 18% فقط وبالتالي فان الهوة تتسع وازدياد التعامل خارج الاطار المصرفي.

وتشير بيانات القاعدة النقدية في ليبيا الي أن لدي الجمهور 18 مليار دينار ولدي المصارف بالخزينة فقط 1.694 مليار دينار وان الودائع النقدية لدي المصرف المركزي من قبل المصارف التجارية تبلغ 17.729 مليار وودائع من جهات اخري لدي المصرف المركزي تبلغ 1.897مليار دينار.

وتشير هذه البيانات الي تضخم القاعدة النقدية حيث كانت في 2010 حوالي 22 مليار واصبحت في 2015 حوالي 40 مليار.

طبعا هذا التطور الكبير خلال خمس سنوات مرده الي تضخم في الانفاق العام وخصوصا المرتبات، اما ارتفاع السيولة خارج الاطار المصرفي فهو يرجع الي عدم ثقة التجار واصحاب المرتبات في النظام المصرفي القائم و بالاضافة الي ان المصارف لم تطور مستوي خدماتها فينظر لها اغلب الناس علي أنها صناديق لصرف الرواتب، ولم تقدم الخدمات الدفع الالكتروني التي تقلل الاعتماد علي النقد في التعاملات اليومية، فالناس تفضل سحب كامل قيمة المرتب بسبب الصعوبات الأمنية وتعقد عمليات نقل العملة من المصرف المركزي الي المصارف التجارية والتي تأثرت بشدة من تعقيدات الوضع الامني في ليبيا حاليا والذي يعلق المصرف المركزي علي شماعته اخفاقه في معالجة ازمة السيولة وضبط معدل التضخم.

بالتاكيد ان التوسع في عرض النقود بهذا الحجم انعكس سلبا علي مستويات التضخم في ضل تعطل الاقتصاد والاقبال بشكل كبير علي النقد الاجنبي لتوفير الاحتاجات للسوق المحلي. ومع ذلك يطرح المصرف المركزي اصدار جديد من العملة المحلية ودون سحب اي من الاصدارات القديمة حتي الان  برغم انه اعلن انه سيقوم بذلك لاحقا وربما يعود السبب الي عدم قدرة المصارف علي استقبال السيولة القديمة وصعوبة نقلها للمصرف المركزي حاليا، ولكنه في تصوري كالهروب الي الامام وخصوصا مع تناقص الاحتياطيات من العملة الاجنبية.

كما ان معدل التضخم الذي وصل اعلي مستوياته في عام 2011 حوالي 16% نجده اليوم يعاود المستوي الصعودي  وربما قد  يتجاوز المستويات القياسية السابقة قريبا في غياب اجراءات واضحة وعدم اعمال ادوات السياسة النقدية والذي سيعمق من معاناة المواطن الذي سيكتشف ان مرتبه لم يعد يضمن له توفير السلع والخدمات الضرورية.

إدارة المصرف المركزي مطالبة بإلحاح ان توضح برنامجها وخططها لمواجهة كل هذه المشكلات المتعلقة بالسيولة  النقدية والتضخم. وان تشرك أصحاب الخبرة والاختصاص للمساهمة في انقاذ الوضع المتردي.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. سليمان سالم الشحومي

‏مؤسس ورئيس مجلس إدارة سوق المال الليبي السابق

اترك تعليقاً