الصندوق الأسود.. والبخت الأسود!

الصندوق الأسود.. والبخت الأسود!

غريب أمرنا.. أو بالأحرى عجيبٌ أمرنا؟

فعندما أُعلن عن إنشقاق الركن، عبدالسلام اجلود قبل تحرير الخمس والزاوية، ناهيك عن العاصمة طرابلس.. استبشرنا خيراً.. فعبدالسلام، أو هكذا ظننا، هو الصندوق الأسود (الحقانى).. غير أنّ مجلسنا الإنتقالي وحكومتنا التنفيذية آنذاك وثوّار الزنتان.. وعندما وصل آمناً للزنتان.. كان شغلهما الشاغل.. هو تهريب عظمة هذا الرائد الركن – إن كان يجوز ذلك فى لغة العساكر أن يكون رائد ركن –  إلى مكانٍ آمن خارج ليبيا.. وبالتحديد، إيطاليا حيث شركائه وشركاته، ومليوناته القدامى التى فى إنتظاره على أحرّ من الجمر!

وعلى الفور أعلن الركن الرائد من قصره فى روما عن استعداده لقيادة الشعب الليبي، الذى قرّر معالي  الركن، أنّ 80 فى الميّة، على الأقلّ،  من الشعب، أتموت فيه أساساً!.. ثمّ، أتانا بعدها، صمتٌ مُطبق.. وكأنّ شيئاً لم يكن، بالنسبة للصندوق الأسود الأوّل وشريك معمّر فى فى مؤامرة الفادح، اجلود؟

وقلنا ما علينا.. أهو فى صفّنا ولله الحمد، صندوق القذافى الأسود الآخر، فى شخص معالى الإستخباراتى والجوسسه، موسى كوسه.. وهو متواجد بالدوحة.. وقلعة الثورة الليبية آنذاك.. و100 ألف دولار للزائر، وانتا ماشى!..      قلنا أكيد،  سيقول لنا الرجل الذى حكم ليبيا – استخباريّاً – بعد أنّ وُضع اجلود، فى طارمات المجنّبات المحرّمات.. ولعله، سيطلع الشعب على بعضٍ من أسرار الصقر الوحيد والجرذ الهربان الوحيد؟!

ولكن، لم يمضى أقلّ من شهر من إنشقاق كوسه.. وبعد ما أفرغ ما عنده، للمخابرات البريطانية والأمريكية.. حتّى تحصّل معاليه على لجوء وجنسية دبلوماسية .. من الأسرة الهاشمية فى عمّان.. وكأنّ شيئاً لم يكن أيضاً،  بالنسبة لصندوقنا الأسود الثانى، وبختنا الأسود؟

فقلنا الأمل فى عون الله.. وقصف “الناتو”.. وأنّ يُمسك إبليس من وذنه على أيّدى ثوّارنا الذين قاتلوا، وجُرحوا، واستشهدوا.. وهم يقسمون أنهم وراء الطاغية: حفرة حفرة.. حتّى قبضوا عليه فى حفرة، كالجرذ، واستسلم، كالجرذ لمن أسماهم بالجرذان.. وماذا بعد هكذا إنتصار؟.. وما حاجتنا، لصندوق أوّل أو ثانى أو سبعطاش.. وثوّار سبعطاش يُمسكون بإبليس نفسه؟

ومرّة أخرى.. وكأنّ شيئاً لم يكن.. فرأيناه جثّة هامدة.. وصوراً مُخجلة.. لا تليق بالبشر.. ولا بالمسلمين.. ما بالك نحن الليبيون؟.. والسؤال: من الذى إستفاد؟.. بكلّ تأكيد، الشعب الليبي لم يستفيد، إنّ لم يخسر إنبهار وإعجاب العالم الأكيد، من ثورة الحرية.. التى لم يرى التاريخ مثلها بكلّ تأكيد.

بل، العكس صحيح.. لأنّ ما اكتسبته الثورة الليبية الرائعة من إجماع عالمى وتأييد.. مسحته صورٌ مهزوزة هزيلة، وهو على مدى أربعة أيامٍ فى ثلاّجات تبريد.. للدواجن، فى مصراته.. والتى مسحت أيضاً.. بأيادي أبنائها، إجلالاً، عالميّاً، وتاريخيّا، لصمود وكفاحٍ عنيد.. لم يرى تاريخ البشر ولا الأساطير له مثيلاً..  منذ صمود أسطورة ” ماسادا” اليهودية الخرافية.. أو إسبرطة الإغريقية.. أو ستالينجراد الروسيّة……. خساره والله يا مصراته.

ولم يمضى وقت على جريمة قتل الحقيد.. حتّى سمعنا عن خبر إلقاء القبض على وريثه، والرأس الآخر لإبليس نفسه!.. وتنفّس الشعب الليبي الصعداء..  وقالوا: ربّنا فى الوجود.. فسيف الإنتقام مقبوضٌ عليه صوتٌ وصورة.. وأصابعه الشيّطانية، نراها مبتورة.. لقدّ تحقّقت أُمنيات الشعبِ.. وطزّ فى الحقيد!

غير أنّ إحدى دويّلات ليبيا – الغير  معلنة بعد – كان لها رأي آخر.. ومن الآخر، لا نعلمُ، كشعب.. إنّ كان لا يزال فى ليبيا .. ناهيك عن وجوده فى دويلة الزنتان!؟

ومسلسل الضحك على ذقون الليبيين، لم ينتهى بعد.. فمرّة، تُهدننا عائشة من الجزائر العاصمة.. ومرّة، يُهدننا، الشيخ بوسعديّة، الساعدى من النيجر.. ومجلسنا وحكومتنا فى آخر إنبساط من إنشغالنا فى هكذا خراريف وفزّاعات.. وهم مشغولون – من أجلنا! – بالمليارات!

وعندما لا يجدون شيئاً آخر، يخوّفون به الشعب الليبي.. فـ خميس امعمّر القذافى موجود، وهو  صاحب السبع أرواح الشهير ؟..  وبأنه ما يزال، يصول ويجول فى ليبيا على احسابه.. فلا تُمزّقوا خُرقكم الخضراء، بعد!

منذ أسبوع وفى أيّام البحبحة هذه،  إستمعنا إلى خبر إعتقال السفّاح عبدالله سنوسى المقرحي!؟.. وهو الذى كنّا نعتقد حتّى الأسبوع الذى سبقه،  – حسب نشراتنا وصحفنا المحلية –  بأنّه فى قبضة أحد ولاة طرابلس الجدد.. ويُنشد له يومياً نشيد الإستقلال.. ويغسل له مراحيض سجون الإعتقال فى العاصمة..  والتى الآن – على ما  يبدو –  أكثر من سجون صهر الحقيد، خيرى خالد ومعتقلات لجانه الثورية.. وإذا  بنا، نكتشف أنّه فى الواقع، وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، أن صندوقنا الأسود ولبختنا الأسود..  كان مقيماً فى إحدى الفلل الراقية.. فى أحد أحياء الدار البيضاء الراقية.. وتحت  رقابة  وحماية  مغربية –  راقية –  ولم يغادرها،  إلاّ بعد أن نصب له الفرنسيس.. فخّاً  مُحكماً، فى موريتانيا؟.. وعلى كلّ حال، فالموت المفاجئ، والدفن السريع، وقفل الملفات، أسرع وأسهل فى موريتانيا منه فى بيروقراطية باريس.

وإذا بساحات التكبير، تعود وتُكبّر.. وإذا بالكشك يربخ  كعادته، أمام مجمّع المحاكم فى بنغازى.. وبحبحها  يا كيب بحبحها!.. فأخيراً..  وقع السفّاح والصندوق الأسود الخطير.. غير أننا بعدها، نسمع،  حسب ما تردده وكالات الإعلام،  أنّه قد أُصيب فجأةً بنوبةٍ قلبية؟.. ربما لأمرٍ فى نفس  يعقوب موريتانى؟..  أو  فى نفس نيكولاس ساركوزى؟.. وذلك بعدما طار على عجل،  نائب رئيس حكومتنا  الدكتور بوشاقور.. وورّطوه فى حمل هذا الطاجين الساخن، والسفر به إلى نواكشوط .. والإعلان على الفور: بأنّ الجنرال الحاكم بأمره هناك، وحليف حقيدنا العنيد، حتّى آخر لحظة له فى مجارى صرف المياه إيّاها.. قد وافق على تسليم هذا ” الصندوق الأسود” الخامس،  والأخطر،  والأخير.. إذا ما أضفنا قبله، صندوق أسودٌ ورابعٍ خطير، بشير صالح بشير.. الذى، بقدرة قادر وكام مليون أو مليار، قد  فرّ هو الآخر! – وعلى فكرة – من داخل ديوان المجلس الإنتقالى،  ومن وسط العاصمة!

يقول اخواننا التوانسة : اتحبّ تفهم، إتدوخ؟!…… فلا داعى لمشـقّة الفهم..  وبحبحها يا كيب،  وخلاص.

عبدالنبى أبوسيف ياسين

Abdenabi.yasin@yahoo.com

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً