انتخابات 2018، وفرصة الخروج من الأزمة

انتخابات 2018، وفرصة الخروج من الأزمة

أعلنت أول أمس الاحد، المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في بيان لها عن جاهزيتها لتنفيذ أية عملية انتخابية تُكلّف بها، سواء رئاسية ونيابية والمشاركة في صياغة قوانينها، بما يكفل قبولها من كافة الاطراف والاطياف السياسية، أتى ذلك بعد مراسلة من السيد رئيس مجلس النواب، يطلب منها إمكانية القيام بذلك، وفي مدة لا تتجاوز فبراير من العام القادم.

يبدو ذلك مطلباً ليس من السهل تحقيقه ولربما أشبه بالمستحيل، وسط فوضى السلاح وغياب الامن بصفة عامة، وهذا ما تكرره العديد من الاصوات اليوم، متناسيين أن عجلة الحياة تدور وفي كافة المدن الليبية، حيث يذهب الموظفون إلى أعمالهم، والتلاميذ إلى المدارس، وتفتح المحلات التجارية أبوابها، كما تقلع وتهبط الطائرات عبر ساعات النهار والليل من مطاراتها العاملة، ناهيك عن استمرار تدفق النفط وبمعدلات هي الافضل منذ زمن، مما يدل على عدم استحالة ذلك وأن العملية الانتخابية ليس من الصعب القيام بها متى تم توفير الظروف الملائمة لها.

ناهيك عما ذكرته سابقاً، فإن عصب نجاح هذه الانتخابات، يتمثل في توافق القوى السياسية والعسكرية والاجتماعية على جدواها، ودعمهم لها وقناعتهم بأنها المخرج الوحيد من أزمة السلطة في البلاد، وأن يبدأ ذلك بتوافق الاطراف المعنية على إعلان هدنة شاملة ووقف لإطلاق النار، وفتح ممرات آمنة للعالقين في جبهات القتال، كذلك فتح كافة الطرق التي تربط بين مناطق الوطن وعدم التعرض لأي أحد يعبرها، مما سيعزز الثقة ويمد جسور التواصل ويسهل العملية برمتها.

قد يبدو التوقيت المقترح لهذه الانتخابات بعيداً أكثر مما يجب، حيث يربو عن العام، ولكنه يمنح فرصة جيدة لجميع الاطراف، سواء المتواجدة حالياً في المشهد السياسي الليبي أو التي تزمع الدخول إليه، إلى ترتيب بيتها الداخلي وتقديم نفسها بطريقة صحيحة، والعمل على نيل ثقة المواطن الليبي، من أجل الفوز بهذه الانتخابات والصعود إلى سدة الحكم.

فرئاسة المجلس الرئاسي، لديها الوقت الكافي لتقديم برنامج عملها واستخدام الامكانيات المتاحة لها حالياً، في تنفيذ الاهم منه والمتمثل في ضبط الامن في مناطق سيطرتها، كذلك توفير السيولة والخدمات الاساسية، وأن تثبت بأنها قادرة وأن لديها رؤية وبرامج عمل يمكن تنفيذها.

وقيادة الجيش، إن كانت لها الرغبة في تولي زمام الامور، عليها أولاً تنظيف المؤسسة العسكرية وإعادة السمعة لها، خاصة بعد الكثير من اللغط الذي دار حولها في الآونة الاخيرة، ثم خلع البزة العسكرية وتقديم برنامجها والتقدم للانتخابات أسوة بغيرها.

كما هو الحال لأي شخصية وطنية أو سياسية أو من ثوار فبراير، ترى في نفسها القدرة والكفاءة، بما في ذلك من حسبوا على النظام السابق، ممن لم يتورطوا في أفعال يعاقب عليها القانون، أو استفادوا من أحكام العفو العام، فلديهم جميعاً الفرصة والوقت الكافي ليبرزوا أنفسهم، و يقدموا برامجهم ورؤيتهم لكيفية الخروج من الازمة، وأن يعملوا علي إقناع المواطن الليبي بها، و أن لا يتردوا في الدخول إلى هذا المعترك، فالوطن و في هذه المرحلة الحساسة يحتاج إلي عقل وجهد أبناءه الاخيار، ولا فرق بين هذا أو ذاك ، ولتكن المنافسة شريفة ، الحَكم فيها  المواطن وأداته صندوق الاقتراع.

وليعلم الجميع أن لا مجال للحسم العسكري، كما لا مجال لعودة الاستبداد والحكم المطلق، أما استمرار الفوضى وحكم الميليشيات فهو أمر مرفوض تماماً، وأن الحرب الاهلية الشاملة قد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى منها، وأن خيار التفاوض والحوار ومبدأ الديمقراطية وتقاسم السلطة، هو الخيار الافضل والاقرب للحل، والذي تدعمه أيضاً دول الجوار كما القوى الدولية المهتمة بالشأن الليبي، وعلينا اغتنام هذه الفرصة والمضي قدماً في هذا المسار الذي سيوصلنا بإذن الله إلى بر الامان.

حفظ الله وطننا، وجنبنا كل سوء وألهمنا جادة الصواب

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً