تعليق مختصر حول تقرير مصرف ليبيا المركزي.. عن الفترة من 01/01/2019 إلى 30/11/2019

تعليق مختصر حول تقرير مصرف ليبيا المركزي.. عن الفترة من 01/01/2019 إلى 30/11/2019

ا.د. عمر زرموح

أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية

أولاً: تقرير النقد الأجنبي

  • أورد التقرير أن كميات الطلب على النقد الأجنبي خلال الفترة بلغ 22,272 مليون دلاور.

هذا الرقم يمثل ما بين 52%، 62% من كميات الطلب على النقد الأجنبي لذات الفترة من السنوات 2010، 2012، 2013، 2014 مما يعني أن هذه الكمية المطلوبة هذا العام ليست كبيرة مقارنة بالسنوات المذكورة وبالتالي يمكن القول بوجه عام أنها لا تمثل مصدر إزعاج.

  • مما يؤكد النقطة السابقة أن التقرير أورد أن إيرادات النفط خلال الفترة بلغت 28,340 مليون دينار وهي تعادل تقريباً 20,243 مليون دولار (=28,340÷1.40) وبالتالي فإن كميات الطلب زادت عن حصيلة الإيرادات النفطية بحوالي ملياري دولار فقط (22,272-20,243=2,029 مليون دولار) وويمكن القول أن هذا الفرق قد يتأتى تغطيته من حصيلة الصادرات غير النفطية مثل البتروكيماويات. وفي أسوأ الظروف فإن تمويل هذا الفرق من الاحتياطي ليس مؤثراً بدرجة كبيرة.
  • ورغم هذا التفاؤل إلا أنه من المهم والضروري الضغط على نفقات الميزانية العامة للدولة التي تشكل الإيرادات النفطية عنصراً أساسياً وحاسماً فيها، كما سنوضح هذه النقطة أكثر عند الحديث عن الميزانية.
  • تحليل مصادر الطلب:

عند إعادة عرض البيانات المتعلقة بمصادر الطلب على النقد الأجنبي كما في الجدول رقم (1) تتضح جملة من الأمور الهامة وهي:

جدول رقم (1)

تحليل مصادر الطلب على النقد الأجنبي خلال الفترة

من 01/01/2019 إلى 30/11/2019

 

( أ ) نسبة 41% فقط من النقد الأجنبي يباع بالسعر الرسمي مضافاً إليه الرسم الذي كان 183% وخفض إلى 163% بينما النسبة الأعلى وهي 59% تباع بالسعر الرسمي دون إضافة أي رسم. ورغم أني لا أعترض على بيع النقد الأجنبي للدولة بالسعر الرسمي، إلا أن كل تحويلات الدولة عدا المؤسسة لم تصل 10% كما في السطر (5) من الجدول.

(ب) مخصصات الأسر تمثل 32% من المبيعات بالسعر الرسمي دون رسم، وهي نسبة عالية ومؤثرة سلبياً على عملية التخفيض التدريجي للرسم للوصول إلى الحد الأدنى لسعر الصرف التوازني الذي يجب أن يواكبه معدل تضخم سالب بدرجة مؤثرة. عليه يمكن القول أن انخفاض أسعار السلع والخدمات قد يكون أفيد للمواطنين من مخصصات أرباب الأسر لأن انخفاض الأسعار تعني زيادة الدخل الحقيقي للمواطن ولفترة طويلة بينما مخصصات أرباب الأسر تزيد فقط الدخل النقدي ولفترة محدودة.

(جـ) تحويلات المؤسسة الوطنية للنفط فاقت تحويلات الحكومة. وقد أشار التقرير إلى أنها تشمل دعم المحروقات. وعلى كل حال فإنه من المهم عزل الدعم عن تحويلات المؤسسة حتى تتضح الرؤية أكثر. إن هذه النقطة في نظري على درجة كبيرة من الأهمية إذ أورد تقرير صادر سنة 2015 ما لوحظ من أن تحويلات المؤسسة تضاعفت عندما ظهرت السوق الموازية للنقد الأجنبي مما يثير بعض التساؤل.

ثانياً: الترتيبات المالية أو الميزانية العامة للدولة

من الناحية الفعلية، فالترتيبات المالية هي عملياً الميزانية العامة للدولة، لذلك لن أدخل في مناقشة الفرق بينهما. وفيما يلي نورد الملاحظات الآتية:

  • الفائض والعجز في الإيرادات الفعلية مقارنة بالإيرادات التقديرية:

عدا الإيرادات النفطية فإن كل الإيرادات السيادية الأخرى أظهرت عجزاً واضحاً. ومحصلة الإيرادات النفطية والسيادية كانت فائضاً قدره 2,205 مليون دينار. وهذا كله لا يشمل الإيرادات المتحصلة من الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبي.

  • خصصت الميزانية مبلغ 14,483 مليون دينار من إيرادات الرسم للإنفاق على الميزانية. ورغم أن الرسم هو إيراد سيادي يجب أن يدخل ضمن الإيرادات، إلا أن هذا الإيراد بالذات ليس دائماً وبالتالي لا يجوز أن يعتمد عليه. من جهة أخرى فإن هذا الرسم له وظيفة أخرى يبدو أن الكثيرين لم يدركوها بعد وهي دوره في تقليص عرض النقود، وهذا لا يتأتى إلا بجعله فائضاً في الميزانية، أما إنفاقه فإنه يساهم سلباً في عملية تخفيض الرسم للوصول إلى سعر الصرف التوازني في أدنى مستوى له. ومن قد أظهر التقرير تحقق إيرادات فعلية للرسم بمبلغ 21,088 مليون دينار بفائض قدره 6,605 مليون دينار.
  • الفائض والعجز في النفقات الفعلية مقارنة بالنفقات التقديرية:

لقد حققت النفقات الفعلية انخفاضاً واضحاً عن النفقات التقديرية في معظم أبواب الميزانية، وهذا جيد.

  • هيمنة الباب الأول/ الرواتب

يظهر التقرير أن الإنفاق الفعلي على المرتبات يمثل 21,608 مليون دينار من مجموع 40,174 مليون دينار بنسبة 54% وهي نسبة عالية وتبدو أنها مزمنة إذ سبق أن تحدثنا عنها في سنوات سابقة وطلبنا العمل على تخفيض هذه النسبة عن طريق تقليص العمالة الزائدة (البطالة المقنعة) في الداخل والخارج، ومنع إزدواجية المرتبات، والاستغناء عن الوظائف غير الضرورية في الدولة وإقفال بعض السفارات التي لا ضرورة لها وإعادة النظر في الهياكل التنظيمية والملاكات الوظيفية في السفارات وفي الإدارة المحلية.

  • مشكلة العجز النفطي والعجز غير النفطي:

من بيانات تقرير مصرف ليبيا المركزي عن الفترة المذكورة يمكن إعداد الجدول رقم (2) الذي يوضح ما يعرف بالعجز النفطي والعجز غير النفطي في الميزانية العامة للدولة. ونقصد بالعجز النفطي أي عجز الميزانية رغم وجود النفط، كما يقصد بالعجز غير النفطي حالة عجز الميزانية في غياب النفط، وفي الحالتين سيتم استبعاد إيرادات الرسم على مبيعات النقد الأجنبي. ومن هذا الجدول يتضح الآتي:

( أ ) العجز النفطي: بعد استبعاد إيرادات الرسم على مبيعات النقد الأجنبي فإن الإيرادات الفعلية للميزانية خلال الفترة المذكورة بلغت 30,622 مليون دينار مقابل نفقات فعلية قدرها 40,174 مليون دينار بعجز وصل إلى 9,552 مليون دينار أي أن الإيرادات يجب أن تكون قد زادت بهذا المبلغ لكي تحقق التوازن في الميزانية. ونسبة هذا العجز لمجموع الميزانية (أي النفقات) تساوي 23.8% كما في السطر الأخير من الجدول.

جدول رقم (2)

االعجز النفطي والعجز غير النفطي خلال الفترة بالمليون دينار

(ب) العجز غير النفطي: بعد استبعاد إيرادات النفط فإن الإيرادات الفعلية للميزانية خلال الفترة المذكورة تكون 2,282 مليون دينار مقابل نفس النفقات الفعلية وهي 40,174 مليون دينار بعجز قدره إلى 37,892 مليون دينار أي أن الإيرادات يجب أن تكون قد زادت بهذا المبلغ لكي تحقق التوازن في الميزانية. ونسبة هذا العجز لمجموع الميزانية (أي النفقات) تساوي 94.3% كما في السطر الأخير من الجدول. هذه النتيجة تبين فداحة الموقف عند نضوب النفط، الأمر الذي يستوجب العمل الجاد على تنمية القطاع غير النفطي وهو ما فشلت فيه حتى الآن كثير من الدول النفطية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

ا.د. عمر زرموح

أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً