حكم الاحتفال بفبراير (2)

حكم الاحتفال بفبراير (2)

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

فبراير حدث بشري مضى ولحقته احداث سيئة حتى رست بحاضر سيئ يعيش فيه الليبيون حياة غير صالحة للحياة ولم يبق من حدث فبراير الا ذكرى لحدث رفعت شعارا تمجد تمجيدا وتعبد تعبيدا وتحتها ابناء الشعب الليبي لا يجدون قوت يومهم ودواء يومهم ولباس يومهم وامان يومهم واطمئنان يومهم ودفء يومهم وهناء يومهم.

وتحتها حكام في صور حكومات ومجلس نواب ومؤتمر وطني ومجلس دولة ولجنة الستين ، هم من الخمول والبلادة ما هو عجبا وهم من الجشع والطمع في المال العام ما هو من النوادر ، خصصوا الاموال لأنفسهم دون عمل لليبيا وطافوا بلدان العام إقامة و سياحة دون همة او ذمة لليبيا ،لا يوجد فهم لذلك الا ان تكون ليبيا تحت سلطة احمق ما على الارض من حكام هم أحمق من  هبنقة الذي يضرب به المثل في الحمق ولا يوجد فهم الا ان يكون الشعب الليبي مفرط في وطنه ومفرط في نفسه عندما يصمت او يصبر على حكام لا مهام لهم الا تخصيص الاموال لأنفسهم والسياحة في دول العالم والحالة الليبية وطنا وشعبا تزداد بؤسا وتعسا مع مطلع كل يوم.

من السواء العقلي بدل من الطرب والغناء والاحتفاء بذكرى تبعها بلاء على ليبيا والشعب الليبي هو ان تفجر أحداثا وان تعزم وقائع وان تعد أعمالا ضخمة تعيد الصواب وتعيد حياة طيبة لليبيا وليس الاحتفال بفبراير الذي هو رقص على الدم المسفوح. وابتسام على الأسى الذي يلوح. المحتفل بفبراير هو ظلا راقص منعكس من موقد نار يميده هب النسيم  فينعكس كالأشباح المتراقصة على الوجوه التي أربدت بملامح الهم والغم ، هو يطبل على صدور الليبيين التي فاضت حمما ملتهبة تكاد تخرج من حلوقهم من معيشة هي العبودية بذاتها وهو يزمر لأسماع مسدودة بالصراخ والنواح بما يحدث من قتل وخطف وسجن وغيره  وهو يهتف لذكرى ماضية على صرخات اطفال وفتيات ونساء وشباب ورجال وشيوخ  يستغيثون يستنجدون احاطوهم في محيط من التعاسة ولا احد يبالي بهم، الاحتفال بفبراير  هو احتفال بذكرى حدث  كان بعدها احداث واحداث من المعاناة والبؤس والتعاسة عاشها تفصيلا الشعب الليبي في خبزه الذي لا يستطيع تحصيله وفي جيبه الفارغ وفي اضاءة بيته التي تنقطع وفي علبة الدواء المحروم منها وفي كسوته المرقعة وفي طفله المعرض للخطف وفي بيته الذي قد يهجر منه وفي قهره النفسي وهو ينظر عاجزا مقهورا الى نهب وسلب امواله وبلاده ، بلادا بالعقائد المنحرفة تحتل . ومن ترابطها تستل. وثرواتها من طائفة تستغل. شعبا معيشته تختل. وخدوده بالدموع تبتل. وغير ذلك من تفصيل. طويل طويل.. هل يوجد رجل وطني يحتفل ووطنه يتبخر وشعبه يتضاءل ؟، هل يوجد انسان قويم يحتفل في جمع اهله يبكون ويقيمون المآتم وجلساتهم جلسات الاحزان ووطنهم أسيرا للجريمة ولكل ذميمة؟

حقا على ليبيا الحداد مئة سنة من هذا العهد وفيه يقتل ويخطف الاطفال وتغتصب فيه الفتيات والنساء.. الطفلة المقتولة ميار الحراري ذات الاربع سنوات.. الطفل المقتول إيهاب المعداني البالغ من العمر تسع سنوات.. الطفل المقتول عبدالإله دغنوش البالغ من العمر احدى عشرة سنة.. الطفل راكان النعاس الذي خطف واغتصب ببشاعة ووضاعة ولم يبلغ خمس سنوات.. الأطفال ذهب ومحمد وعبد الحميد الشرشاري الذين خطفوا ونزعوا قهرا من احضان امهم ولا يعلم لهم مصير والكل عنهم صامت صمت الأموات.. الطفلة المغتصبة المقتولة رتاج البرغثي والبالغة ست سنوات.. العشرات.. العشرات من الاطفال الآخرين الذين كتم عن خطفهم واغتصابهم وفقدوا ولايعلم لهم مصيرًا .والعشرات من الفتيات والنساء اللاتي اغتصبن وقتلن في كل مدن ليبيا ،من يحتفل بفبراير ولا يخجل ولا يغضب ولا يحزن ولايفجر في ليبيا أحداثا ولا يضرب فيها وقائع ولا يهم ولا يعمل ولا يسعى لأجل هؤلاء الاطفال والنساء والفتيات لا يملك روحا انسانية بل روحا حيوانية كأرواح الدواب ومن له صفة الحكم وتحت مسؤوليته قتل وخطف واغتصاب الاطفال والفتيات والنساء وبسكن ساكنا ولا يحرك ساكنا هو حاكم احمق الاولى تمريغه في الوحل والدوس عليه بالإقدام.

ليحتفل المؤتمر الوطني.. ليحتفل مجلس النواب.. ليحتفل المجلس الاعلى للدولة.. لتحتفل حكومات فبراير المتعاقبة.. ليحتفل رؤساء العصابات المسلحة.. لتحتفل عائلات هؤلاء..  وليحتفل اللصوص والنصابين والمحتالين الذين سرقوا ونصبوا واحتالوا على شعبا ووطنا الذين ينعمون بخيرات ليبيا، ليحتفلوا مادام شرع فبراير النهب والسلب والسرقة وتخصيص الاموال وتحويل الشعب الليبي الى عبيد وفقراء وبلادهم بلاد للبلاء والاستياء، ولكن هيهات.. هيهات.. بعدا..  بعدا، سينهض الشعب الليبي من هذا الوضع الذي جوع رغباته. وأحبط غاياته. واهلك حياته. وكل قطرة دم سفكت وكل دمعة سالت وكل رعدة في قلب طفل او فتاة وكل دينار سرق وكل وخزة ألم سيحاسب ويعاقب فاعلها وسيحاسب ويعاقب الحاكم الذي حدثت في عهده وما ذلك ببعيد.

________________________________________________________________________

* نشر مقال لي في السنة الماضية يحمل نفس الاسم وفي هذا المقال بعض العبارات والجمل المنقحة من المقال السابق.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 1

  • ahmed

    لايحتفل بفبراير إلاّ اللصوص والقتلة والذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب الليبي والعملاء والاخوان والخونة هؤلاء هم من يحتفلوا بفراير النكبة ؟؟.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً