حكومة الوفاق الوطني المرتقبة ومعضلة الشرعية

حكومة الوفاق الوطني المرتقبة ومعضلة الشرعية

وسط أسماء عشرات المترشحون لمنصب رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المنتظرة، لكأنهم في سباق مارثوني مفتوح لكل الاعمار والاطياف والتخصصات، وبتقسيم جهوي غير مفهوم، لماذا وكيف وعلى أي أساس حدث هذا؟ ومن حدد مكان عبور خطوط التماس بين منطقة وأخرى، لتعتبر أن هذا من الجنوب أو من الشرق أو الغرب، لكأنهم يستعجلون تقسيم بلادهم من جديد، وهي ما توحدت عبر تاريخها، إلا بعد جهد جهيد.

كذلك تقدم مرشحون تحت غطاء مجالس مدنهم البلدية وآخرين بمُسمى مرشحي مكونات ثقافية، وغيرهم كمرشحات  للمرأة، وهم بهذا يوظفون تشكيل هذه الحكومة لأثبات وجودهم أكثر من سعيهم لحلحلة الوضع المتأزم للبلاد، سيصب هذا بالتأكيد في مصلحة المرشح الاقوى بين الجميع حتي الان، ألا وهو السيد عبد الرحمن شلقم، مندوب ليبيا السابق لدى الامم المتحدة.

وسط غياب أي مرشحين من المؤتمر الوطني العام، حتى الان، ستواجه الحكومة المزمع تشكيلها، معضلة قانونية ليست بالبسيطة، خاصة بما يُشاع أنه في حالة عدم إتفاق المجتمعون في جينيف على شخصية واحدة، فإن السيد ليون هو من سيقوم بإختيار وبتسمية، رئيس الوزراء ونائبيه، بناء على تكرار هذه الاسماء من ضمن قوائم الاسماء المرشحة المقدمة له من أطراف الحوار العديدة.

لو حدث هذا فقد يتقدم أحدهم ويرفع قضية  لدى المحكمة الدستورية  ويدفع بعدم شرعية هذا الاختيار، وببطلانه، لأسباب كثيرة، منها من أعطى السيد ليون الحق بفعل ذلك؟ وما هي الشرعية التي لديه؟ كذلك فإن قانون العزل السياسي، لا زال يشمل السيد عبد الرحمن، مما سيضفي بظلال من الشك على شرعية هذه الحكومة، وقد يسقطها قبل بداية عملها.

يظل حضور وموافقة المؤتمر الوطني العام على الحكومة القادمة عنصر أساسي، ليس فقط في شرعيتها، بل أيضاً في تسهيل مهمتها وبدأها لأعمالها من داخل العاصمة الليبية طرابلس، ووجوب سيطرتها على موارد الدولة الليبية في الداخل والخارج، وتحقيق السيادة، على كافة مؤسسات الدولة الليبية، والذي إذا لم يحدث، فإننا سنجد أنفسنا أمام حكومة مشوهة، لا تبتعد كثيراً عن حكومة الثني الحالية، خاصة في وجود تساؤلات كبيرة حول المشاركين في الحوار من غير أعضاء وفدي مجلس النواب والمؤتمر الوطني، أي المستقلون و نشطاء المجتمع المدني، من أختارهم؟ و كيف تم ذلك؟  ووفق أية معايير تم هذا الاختيار؟.

قد لا يحضى أسم السيد عبدالرحمن شلقم بقبول لدى القوى الممالئة لقطر، والتي هاجمها صراحة في وسائل الاعلام، كذلك لتركيا والتي تسعى بكل قوة لحماية مصالحها الاقتصادية في ليبيا، والتي أقلها عقود لمشاريع إنشائية فاقت قيمتها الثلاثون مليار دينار، كانت قد وقعتها وباشرت في تنفيذ معظمها، أبان العهد السابق، والذي يتضح تأثيرها من خلال الاجتماع الموسع مع عدد كبير من أعضاء المؤتمر الوطني، في العاصمة التركية أنقرة، ولقائهم مع السيد ليون هناك، ذلك مباشرة  قبل مغادرة وفد المؤتمر متوجهاً إلى جينيف.

سوف لن تكون مهمة السيد عبد الرحمن شلقم سهلة، وسط تضارب المصالح، وتدافع القوى الاقليمية والمحلية، داخل الحلبة الليبية، والتي تحتاج منه  للشجاعة، وللدهقنة، والمرونة والصلابة مجتمعة، ولخلقه لفريق عمل جيد، هذا بالإضافة لشبكة واسعة من العلاقات الدولية، والتي في مجموعها ستكون عامل رئيسي في نجاحه.

كما أنه بالتأكيد للسيد عبد الرحمن شروطة التي سيفرضها قبل توليه هذا المنصب، لضمان نجاحه والتي بدأ يتسرب بعضها للشارع، منها إمكانية إنشاء منطقة خضراء آمنة، علي شاكلة التي أقامها الامريكان في العراق، والتي قد تكون قاعدة أمعيتيقة مقراً لها، والذي ذكره السيد عارف الخوجة، المستشار بوزارة الداخلية الليبية، أحد المتحدثين في المنتدى الوطني لتنمية الحوار الليبي، الذي إنعقد بالعاصمة التونسية، بفندق ضفاف البحيرة، بداية هذا الشهر، وحضرته العديد من الشخصيات الليبية والدولية المهتمة بالشأن الليبي.

ذلك الذي رفضه السيد عاشور شوايل، وزير الداخلية الليبية السابق، في لقاء مع راديو الوسط يوم 04 سبتمبر الماضي، كذلك الموافقة على طلب التدخل الاجنبي المباشر، في حالة الحاجة إليه، ذلك الذي طالما رُفض من أطراف ليبية سياسية وشعبية ودولية عِدة، خاصة بعد تدخل حلف الناتو سابقاً  ونتائجه.

لربما وجب علينا أن ننتظر قليلا، لنعرف مدى صحة هذه الاقاويل من عدمها، ولكنني أرى  بأن هذه الايام، هي الاخطر في تاريخ ليبيا ومسيرتها منذ قرار الامم المتحدة بالتدخل في ليبيا في ربيع سنة 2011، وإلى يومنا هذا، وإن أمل تشكيل هذه الحكومة ونجاحها من أحد الامال الاخيرة  لإخراج ليبيا من أزمتها (ولا أقول الامل الاخير لليبيا)، لأن الله موجود، وهو على كل شيء قدير.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً