حكومة توافق ليبية برعاية قطرية

حكومة توافق ليبية برعاية قطرية

عذراً للشعب الليبي على هذه المهانة والإذلال التي يتعرض لها على يد طابور “نخبته السياسية” عند ابواب الأمير..! ولكن، هذه هي اللعبة الديمقراطية. فأنتم “أيها الشعب العظيم” يحتاجونكم فقط لتقديم أبنائكم شهداء والوقوف في “طابور الاقتراع”..! أما ما بعد خروجكم من مركز الاقتراع فليس من شأنكم أن تقرروا أو تسألوا عمن سيحكمكم. فهنا يأتي دور (التوافق المفخخ)..! “التوافق الأمريكي – البريطاني” بجلباب قطري فضفاض يسع كل الخدم والعملاء.

ليبيا أمام مفترق طرق واختبار حقيقي لمدى جدية ومصداقية “التحول الديمقراطي” في ليبيا. وأي من “الطوابير” يقرر مصير ومستقبل ليبيا الجديدة. هل هو طابور الشعب الليبي خلف “صناديق الإقتراع” تحت وهج شمس يوليو الحارقة، أم أنه طابور زعماء الأحزاب السياسية وكبار المسؤولين الليبيين في ممرات ريكسوس “الباردة” بطرابلس أمام غرفة “ولي العهد القطري”. حيث كل منهم ينتظر دوره ليأذن له “الصبي القطري” لينال شرف مقابلة “الامير القطري الصغير” عسى أن يحضى بحقيبة وزارية في حكومة ليبيا المقبلة.

لماذا “التوافقية” والوساطة القطرية؟

رغم الطقوس المسرحية الصاخبة “لصناديق الاقتراع” وتلك الأجواء الاحتفالية الانتخابية، إلا أن قيام الدولة وحل أزمة الفراغ السياسي والأمني وانتشار السلاح يبقى بيد من يملك السلاح وبيد زعماء المليشيات، رغم أنهم أقلية، إلا أنهم يمثلون قوة موازية لقوة الدولة أو بالآحرى سلطتهم أقوى من سلطة الدولة في أحيان وأماكن كثيرة. والمعروف أن أغلب هذه المليشيات ذات دعم خارجي سخي يتنكر في ثوب “فاعلي الخير” من رجال الاعمال الليبيين…! ويتلقى زعماء تلك المليشيات أوامر تحركهم من الخارج. لذلك فلا مفر من التدخل الخارجي لفرض هذا (التوافق الدولي) وليس (توافقاً وطنياً) كما يروج له. فكل الدول ذات المصلحة تدافع عن نفودها في ليبيا ولا يهمها أبداً ما يسمى بالتوافق الوطني.

وفي حال رفض ما يسمى بـ (الحل التوافقي) من قبل من فاز بالأغلبية في “صناديق الاقتراع” فإن التهديد باللجوء للسلاح يبقى خياراً قائماً من قبل الخاسرين..! ويظل التلويح بالفوضى وإستخدام القوة من قبل زعماء المليشيات وهم في الأغلب من الجماعات التي تصف نفسها بالاسلامية والجماعات المسلحة القبلية في المدن المختلفة. لذلك فالشعب الليبي “صاغراً” عليه أن يقبل الوصاية و”الحلول التوافقية” التي تفرضها العائلة الأميرية القطرية بتفويض من أمريكا وبريطانية.

دائماً .. فتش عن “الخونة والعملاء” الذين يتلقون الدعم المالي المباشر من الخارج.. فتش عن أموال الخليج التي تدفق إلى المليشيات بأوامر امريكية وأوروبية. لاستمرار الفوضى الليبية فهي السبب المباشر وراء هذا التأزم الكارثي واستمرار الفوضى واستمرار القتل والخطف والاعتقالات العشوائية وعرقلة عودة الأمن والجيش الليبي.

رغم ان صناديق الاقتراع كانت بمثابة استفتاء مباشر للشعب الليبي، وأن كل الاحزاب السياسية والشخصيات السياسية التي افرزتها الفضائيات ينبغي أن لا تتجاهل موقف الشعب الليبي والذين رفضهم الليبيون عليهم احترام ارادة الشعب الليبي وأن لا يلتفوا على صناديق الاقتراع عن طريق قطر وأمريكا والغرب.. ليتم فرضهم على الليبيين بحجة “التوافق” و”المحاصصة” وغيرها من الاصطلاحات المفخخة..! ومنهم مثلاً بالحاج صاحب الخسارة المدوية وجماعة الاخوان، فإذا كان الشعب يدعمكم لكانت لكم الاغلبية ولكن، من أين سنأتي بجبين يندى هذه الأيام ! فمن خرج بصناديق فارغة تشبت بجلباب “الفتى القطري” حتى يمنحه كرسياً في ليبيا.

سيطرة “الاخوان القطريين” على مرافق ومؤسسات الدولة:

بمجرد سقوط طرابلس بيد الاخوان وسارعوا الى السيطرة على كافة المرافق الحيوية للدولة والاذاعات والفضائيات وكذلك شركات الاتصالات. وتم تعيين أفراد جماعة الاخوان المسلمين في المناصب الأمنية العليا والخدمية بدءا من رئاستهم للمجلس المحلي للعاصمة، والمجلس العسكري وشركات الاتصالات ووسائل الاعلام والمساجد وكل مرافق الاوقاف…! وهذه السيطرة الواسعة للإخوان على مرافق الدولة ووسائل الاعلام ومؤسسات المجتمع المدني أوحت لليبيين وكأن هذه الثورة قد تحولت إلى مجرد “إنقلاب عسكري اخواني” بدعم دولي. حتى حانت فرصة صناديق الاقتراع..! وقال الليبيون كلمتهم.

وهذا بالإضافة إلى سيطرة الاخوان القطريين على مؤسسة مفتي الديار الليبية، “الرجل المؤسسة” الذي تمت السيطرة عليه واحتواؤه من قبل الجماعة فأصبح لا يرى ولا يسمع ولا يقول إلا ما تمليه عليه الجماعة وإن اعتقد أو ادعى بأنه “مستقل”. وهو أيضاً الذي خصه نجل الأمير بزيارة الى مقره. فالصبي لم يُظهِر تواضعاً أو تنازلاً لأي من الشخصيات الليبية والزعماء السياسيين عدا “سماحة المفتي” كيف لا وهو يمثل “السلطة الدينية” الأعلى في البلاد.

بالفعل .. ما فعلته جماعة الأخوان “القطريين” في ليبيا، من خلال انقضاضهم على المؤسسات الحيوية للدولة منذ “سقوط طرابلس بأيديهم” كان انقلاباً مبكراً على الثورة. ولم يكن حالهم في ليبيا كالحالة المصرية والتونسية الذين انطلقوا من قاعدة شعبية وكان سلوكهم سياسياً محض في مصر وتونس وليس انقلاباً عسكرياً وأمنياً كما فعلوا في ليبيا. لذلك لم يواجهوا إلا احتقان الشارع الليبي ضدهم فقد سلكوا نهج الديكتاتوري نفسه الذي ثار ضده الليبيين. ولم تغن عنهم سيطرتهم وقوتهم الأمنية والعسكرية شيئاً.

زعماء ليبيا يرفضون كل دعوات الحوار الليبية الليبية ويقبلونها بأوامر قطرية

كلنا شاهد وسمع بأن رئيس وأعضاء “تحالف القوى الوطنية” قد وجهوا النداء للزعماء السياسيين الليبيين وكل الفرقاء على الساحة الليبية للإلتقاء والحوار على مائدة مستديرة أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة.. وقد كانت دعوات “التحالف” معلنة للالتقاء و (الحوار الليبي الليبي) ودون أي وساطة أو تدخل خارجي للم الشمل وايجاد صيغة واتفاق لبناء ليبيا أو بالأحرى (انقاذ ليبيا) التي تنزلق نحو المجهول والمهددة بالتقسيم والتشردم والاقتتال القبلي والطائفي والعرقي. ولكن، باءت كل محاولات “التحالف” للدعوة للحوار بالفشل الذريع.

والمفارقة التاريخية بأن أولئك من رفضوا دعوات الحوار الليبية سرعان ما رأيناهم يصطفون في طابور (مهين) أمام غرفة ولي العهد القطري “الصبي تميم بن حمد”. ليلتقيهم فرادى .. واحد واحد وكل يحترم دوره ..! ولم يستثن أحد من الفرقاء الليبيين مُعربين عن استعدادهم لقبول المبادرة القطرية لايجاد صيغ توافقية بين الفرقاء الليبيين.

وعلى ليبيا أن تشكر “الأمير الصغير” مرة أخرى على هذا الموقف التاريخي الذي لن يُنسَى..! فقد استطاع هذا الصبي أخيراً.. أن يجمع “حزمة الكرناف” الليبية..! الذين لم يجتمعوا أو يلتقوا أبداً وجهاً لوجه إلا في طابور استقبال “معاليه”..! بل ورفضوا من قبل كل الدعوات للاجتماع والتوافق والتفاهم فيما بينهم من أجل ليبيا إلا بعد أن تدخل هيج وبرينز وأخيرا، “الفتى المعجزة القطري”، ليجمع القوى الليبية المتناحرة سياسياً ودينياً وقبلياً …!

يبدو أننا نحن الليبيين لا نتوحد إلا بـ “بالجزمة” ! سواء كانت محلية أو خليجية أو أوروبية وأمريكية..!! وعذرا لهذا التعبير!

ولكن خوفاً من أن تنفرط “”حزمة الكرناف” مرة أخرى وتضيع هل نناشد “الأميرة موزة” أن تبقي هذا الصبي في امارة ليبيا .. فإن ليبيا لن تتوحد أو يجتمع زعماؤها وفرقاؤها إلا تحت نعلي ولدك البار …-هذا الفتى المعجزة هو موحد ليبيا الجديدة !

إن أقل ما توصف به هذه الزيارة هو أنها استفزازية وتدخل سافر من قبل هذه العائلة التي حشرتها امريكا في الشأن الليبي. وليس أقله بأن تم طرد الصحفيين والاعلاميين الليبيين ولم يسمح لأي كاميرا غير كاميرا “قناة الجزيرة القطرية” لتوثيق اللقاءات السرية مع من يوصفون بـ”النخبة” و”القادة” السياسيين الليبيين. وكأن الصبي القطري في أحدى مزارع أبيه الأمير المفدى…! واعلامنا الليبي لم ينبس بكلمة ..!

واحدة من وسائل الاعلام لم تجرؤ على تناول الاجتماعات السرية للوفد المرافق للأمير بقادة الاحزاب الصغيرة والمستقلين وما تسرب عن عروض مادية مجزية لكل من ينضوي تحت “الجلباب القطري” لتحوز قطر الاغلبية في البرلمان الليبي المقبل … وقد صرح السيد جعودة المرشح المستقل المحسوب على (المعسكر القطري) بأنه قد جمع عددا كبيرا من المرشحين المستقلين ليكونوا تحت امرته أي تحت الجناح القطري…!

أخيراً.. فهل يحتاج الليبيون للإرتماء بين قدمي “الصبي القطري” حتى يتوصلوا إلى ما يسمى بـ”حكومة وفاق وطني”؟ هل ليبيا تحتاج إلى حكومة ليبية ذات كفاءات علمية أم حكومة محاصصة قبلية وجهوية؟ وما الذي حققته حكومة المحاصصة القبلية “الحالية” المتمثلة بحكومة الكيب غير مزيد من الانقسام ومزيد من الفشل والصراع الجهوي ! ان تسريب فكرة “التوافق” هو فخ حقيقي لليبيا وليس عوناً لها اطلاقاً وما هو إلا توافق دولي وليس توافقاً وطنياً على الاطلاق.

نرجوا أن لا يقع السياسيون و” اللاهثون نحو السلطة” في هذا الفخ وأن لا يبتلعوا طعم المحاصصة وأن تكون ليبيا أولاً وأخيرا. فإن دخول ليبيا في نفق التوافقية والمحاصصة لن يصل بليبيا إلا إلى مزيد من التشردم والانقسام. وخصوصاً عندما تتم هذه المحاصصة برعاية أجنبية .. فكفى نشراً لغسيلكم أيها الليبيون.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • عدل الورل

    سلم قلمك والله ما جاوزت الحقيقة ولكن لتعلم ان في ليبيا شرفاء سقتلعون كل العملاء لتبقى ليبيا في القمة.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً